الأكراد يحاصرون مناطق كردية تحت سيطرة القوات السورية دمشق – ضيقت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها أكراد وتدعمها الولايات المتحدة الخناق على أحياء خاضعة لسيطرة الحكومة السورية في مدينتين يسيطر عليهما الأكراد في شمال شرق البلاد. وقالت قوات سوريا الديمقراطية إنها سيطرت على نحو عشرة مكاتب حكومية من بينها ما يختص بالتمويل المحلي وبالحبوب وبالتعليم في منطقة في قلب مدينة القامشلي. كما منعت قوات سوريا الديمقراطية، التي تضم جماعات مسلحة تهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردية، دخول القمح والوقود إلى منطقة أخرى في مدينة الحسكة تخضع لسيطرة القوات الحكومية السورية. وأغلب أحياء أكبر مدينتين في شمال شرق سوريا تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية منذ أن سلمت قوات سورية السيطرة عليها للأكراد في أوائل الحرب الدائرة منذ نحو 11 عاما لقتال جماعات معارضة مسلحة أغلبها من السنة كانت تسعى إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وقال شاهدان إن قوات سوريا الديمقراطية أغلقت أيضا طريقا سريعا يؤدي إلى مطار القامشلي الذي تديره الحكومة السورية. وألقت القوات التي يقودها الأكراد بمسؤولية الأزمة على دمشق لمحاصرتها حي الشيخ مقصود الذي تقطنه أغلبية كردية في مدينة حلب شمال البلاد منذ بداية الشهر. ويعيش في المنطقة ما يزيد على 200 ألف أغلبهم أكراد. وأخفقت محادثات بوساطة روسية في نزع فتيل الأزمة إذ أصرت وحدات حماية الشعب الكردية على أن يرفع الجيش السوري القيود التي منعت شاحنات تحمل الأغذية والطحين إلى الجيب الواقع في حلب أولا. وقال محمد عبدالستار إبراهيم وهو محلل سياسي سوري على تواصل مع مسؤولين أكراد “النظام السوري صار له فترة طويلة يقنن المواد الأساسية والغذائية وفي الآونة الأخيرة فرض حصارا على الشيخ مقصود كورقة ضغط للحصول على تنازلات سياسية من ‘قسد” في إشارة إلى الاسم المختصر لقوات سوريا الديمقراطية. وعززت القوات الروسية من وجودها العسكري في المنطقة التي ينتج فيها أغلب النفط والقمح السوري بعد أن دفعت تهديدات تركية وحدات حماية الشعب الكردية لطلب المساعدة من روسيا لتعزيز الجبهات الأمامية مع جماعات مسلحة مدعومة من تركيا. واتهم مسؤولون سوريون قوات سوريا الديمقراطية بتجويع السكان. وقال غسان خليل محافظ الحسكة لوسائل إعلام رسمية “قسد تمنع دخول الطحين والمواد الغذائية والمحروقات التي تشغل المخابز وهذا الأمر يؤرق المواطنين في المحافظة ويزيد الضغوط عليهم في هذه الظروف الصعبة”. واستمرت علاقة تحالف تكتيكي بين وحدات حماية الشعب الكردية والسلطات السورية على مدى سنوات كما ربطتهما صلات تجارية مربحة تتعلق بالنفط. واتهم الأسد وحدات حماية الشعب الكردية على مدى العامين الماضيين بالخيانة وبمساعدة واشنطن على وضع يدها على إنتاج النفط والقمح السوريين. كما تتهم سوريا الأكراد بإضمار طموحات انفصالية وهو ما تنفيه وحدات حماية الشعب. قوات سوريا الديمقراطية تتلقى دعما عسكريا وسياسيا كبيرا من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وهو ما يجعل منها الطرف الأقوى في معادلة الصراع على شرق الفرات وتعد القامشلي أنموذجا فريدا للتنوع السكّاني في سوريا، ويسكنها الأكراد والعرب والسريان والأرمن والآراميون والكلدان والآشوريون. وتتبع لها العديد من النواحي، منها: تل حميس، عامودا، والقحطانية. وحرصت قوات سوريا الديمقراطية خلال السنوات الماضية على بقاء النظام في المدينة للحيلولة دون قيام الجيش التركي بعملية ضدها، خصوصا أن هذه القوات غير قادرة على الوقوف في وجه الجيش التركي. وكانت التفاهمات التركية الروسية أواخر عام 2019 حول منطقة شرقي نهر الفرات استثنت منطقة القامشلي من الدوريات المشتركة، وتمّ نشر عناصر من قوات النظام على الحدود في المنطقة. ويقتصر وجود النظام في منطقة شرقي نهر الفرات على محافظة الحسكة أقصى الشمال الشرقي من سوريا، والقسم الشمالي من مدينة دير الزور وبضع قرى شمال نهر الفرات. ولا يملك النظام السوري قدرة عسكرية على تغيير خارطة السيطرة في منطقة شرقي نهر الفرات، خصوصا أن الجانب الروسي منشغل بالملف الأوكراني. وتتلقى قوات سوريا الديمقراطية دعما عسكريا وسياسيا كبيرا من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وهو ما يجعل منها الطرف الأقوى في معادلة الصراع على شرق الفرات الغنية بالثروات والتي تعادل نحو ثلث مساحة سوريا.
مشاركة :