لماذا يسعى "إيلون ماسك" للاستحواذ على "تويتر"؟ وهل ينجح في ذلك؟

  • 4/16/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

"ليصبح منارة للديمقراطية".. هكذا برر الملياردير الأميركي الشهير "إيلون ماسك" رغبته في شراء منصة "تويتر" للتواصل الاجتماعي بشكل كامل وشطبها من بورصة "نيويورك" مثيرًا عاصفة من التساؤلات حول مدى إمكانية تحقق ذلك وأهدافه وراء السعي لشراء الموقع الشهير. فيوم الخميس الماضي عرض "ماسك" شراء "تويتر" مقابل حوالي 43 مليار دولار مؤكدًا أن الشركة تحتاج إلى تحويلها إلى شركة خاصة. لكي تحقق "مقدراتها المحتملة"، أو لتواصل النمو والتطور. وقدم "ماسك" ما وصفه بـ"عرضه الأفضل والأخير" لشراء سهم "تويتر" مقابل 54.20 دولار وهو ما يمثل ارتفاعًا بنحو 38% عن سعر إغلاق الأول من أبريل، أي قبل يوم واحد من إعلان مؤسس "تسلا" الاستحواذ على 9.2% من أسهم "تويتر". استراتيجية حصان طروادة الشاهد هنا أنه على الرغم من أن السعر الذي يعرضه "ماسك" أعلى من السعر السوقي خلال الفترة الماضية لأسهم "تويتر" إلا أنه يقل عن مستوى 70 دولاراً الذي كانت عليه أسهم الشركة في الصيف الماضي ويقل كذلك عن مستوى 77 دولاراً القياسي الذي بلغه السهم قبل ذلك. ولعل هذا هو ما دفع الأمير "الوليد بن طلال"، رئيس مجلس شركة المملكة القابضة، لرفض عرض "ماسك"، حيث قال على حسابه بتويتر، إنه لا يرى أن هذا العرض يعكس القيمة الجوهرية للشركة وآفاق النمو. ومن المعلوم شركة المملكة رفعت في أكتوبر 2015 حصتها في تويتر إلى 5.2 ‎%‎. واللافت أن "ماسك" على يبدو عازم بشدة على الاستحواذ على "تويتر" حتى إنه قدم عرض الاستحواذ بشكل "عدائي" من خلال التهديد بإعادة التفكير في الاستمرار في حيازته لأسهم "تويتر" إذا تم رفض عرضه من قبل مجلس إدارة الشركة، بما سيؤدي لانخفاض كبير في سعر السهم. وتعرف هذه الاستراتيجية بأسلوب "حصان طروادة" أو "خيار شمشون" حيث يقوم الشخص بالاستحواذ بشكل طبيعي على نسبة من الشركة قبل التهديد باستخدامها ضد الشركة ما لم يتم تلبية طلباته –أياً كانت سواء بالإدارة أو بالاستحواذ على حصة أكبر أو بالاستحواذ على الشركة كلها. حبة السم لإبطال حصان طروادة وعلى الرغم من الارتفاع الفوري لأسهم الشركة بنسبة بلغت 12% في نفس يوم إعلان "ماسك" عن خطته إلا أن رد فعل مجلس إدارة الشركة دفع الأسهم للانخفاض الجمعة بسبب تبني مجلس الإدارة لخطة "حبة السم" التي توحي أنه في سبيله لرفض عرض "ماسك" بوصفه غير كاف. فـ"تويتر" لديه قاعدة بعدم تجاوز حصة أي مساهم لـ15% من الأسهم ليبقي على قاعدة ملكتيه متسعة قدر الإمكان، وخطة "حبة السم" تقضي بإصدار أسهم جديدة لصالح المستثمرين الآخرين إذا تجاوزت حصة أحد المستثمرين 15% من أسهم الشركة بحيث تتراجع حصته عن النسبة المذكورة. وستبقى هذه الخطة لمدة عام كامل بما يمنع "ماسك" عمليا من الاستحواذ على أسهم الشركة بالشراء المباشر من سوق الأسهم حال عدم إقرار مجلس الإدارة لخطته بالاستحواذ على الشركة. وتعرف هذه الخطة بهذا الاسم (حبة السم) لأنها غالبا ما تأتي على حساب قيمة الأسهم والشركة ككل في ظل زيادة عدد الأسهم وتراجع ثقة المتعاملين فيها وزيادة الصراعات حولها لتؤذي الشركة المستثمر العدائي ونفسها في وقت واحد لكنها لا تسمح له بالاستحواذ عليها ليبدو الأمر كأنه تناولٌ لحبة من السم (بأن المشتري لن يأخذ الشركة حية). ويبدو أن مجلس الإدارة اضطر لاتخاذ تلك الخطوة لمواجهة تهديدات "ماسك" المتنوعة سواء ببيع أسهمه أو بضرورة عرض الصفقة على المستثمرين أو حتى حول ما قاله حول وجود خطة بديلة لديه في حالة عدم الموافقة على عرضه بالاستحواذ. تحفظات "ماسك" على "تويتر" وربما يشير "ماسك" هنا إلى ما سبق وألمح إليه من إمكانيه إنشائه لشبكة تواصل اجتماعي جديدة تراعي كافة التحفظات التي طالما أشار إليها في "تويتر" لاسيما في ظل مقاطعة "ماسك" التامة لبقية وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى وخصوصاً التابعة لشركة "ميتا". وتراوحت تحفظات ماسك على منصة التواصل الاجتماعي في رفضه للمنع الدائم لبعض الحسابات ويرى أن التعليق المؤقت أفضل سواء للديمقراطية أو للموقع، كما يرى أنه يمكن جعل الخوارزميات التي يعمل الموقع وفقا لها معلنة تحقيقا لهدف الشفافية التامة مع المستخدمين. بل اقترح "ماسك" حتى بعض الاقتراحات "الطريفة" أو غير الجادة (غالبا) ومنها تحويل المقر الرئيسي لـ"تويتر" لمأوى للمشردين في ظل عدم الحاجة إليه مع اعتماد منهج العمل من المنزل، فضلا عن اقتراحه حذف حرف "w" من كلمة "twitter". ولكن تأتي اقتراحات أخرى ذات صيغة "استثمارية" وفي مقدمتها وقف الاعتماد على الإعلانات على الموقع لصالح الاعتماد على الاشتراكات وهو أمر يثير العديد من التكهنات حول مستقبل الموقع في ظل تعود غالبية مستخدمي كافة مواقع التواصل الاجتماعي على استخدام مجاني لها. وتشير التقارير إلى أن هذا الاقتراح تحديدا هو ما يثير تخوف العديد من شركات الاستثمار في الدخول كشركاء لـ"ماسك" في صفقته المحتملة، حتى إن وكالة "رويترز" أوردت أن "توما برافو"، وهي شركة استثمار مباشر ناهزت الأصول التي تديرها أكثر من 103 مليارات دولار حتى نهاية ديسمبر الماضي أبلغت تويتر بأنها تستكشف إمكانية تقديم عرض منافس لعرض "ماسك". الخبراء يختلفون وعلى الرغم من أن الخطة التي أقرها مجلس إدارة "تويتر" توحي بنيته رفض العرض الذي قدمه "ماسك" للاستحواذ على الموقع، وذلك عندما يجتمع المجلس الخميس المقبل للإعلان عن قراره في هذه المسألة، إلا أن الخبراء الاقتصاديين منقسمون حول القرار الذي يجب على مجلس الإدارة اتخاذه. ويعتبر "دون بيلسون" الاستشاري لدى "جوردان هاسكيت" للاستشارات الاستثمارية أن فرصة قبول مجلس إدارة "تويتر" عرض "ماسك" ضئيلة وقال في تصريحات لـ"سي.إن.بي.سي": "سيبدو مجلس الإدارة كما لو كان يتعاطى المخدرات إذا باع بسعر 54 دولاراً بينما كان سعر السهم 70 دولاراً الصيف الماضي". ويشير "بيلسون" هنا إلى حقيقة أن صفقات الاستحواذ غالبا ما تتم عند مستويات سعرية أعلى كثيرا من مستوى السوق، وعلى الرغم من أن "ماسك" عرض سعرا يفوق 32% لإغلاق أول أبريل إلا أنه يبدو غير كاف بالمرة في نظر كثيرين. وفي المقابل يقول الخبير الاستثماري لدى "ويدباشز سيكيورتيز"، "داينال لفيز" إن مجلس إدارة "تويتر" ملزم بالموافقة على عرض "ماسك" بوصفه "في صالح الشركة"، مضيفا أنه لا يسعهم رفض العرض لمجرد أنهم "لا يحبون الرجل". ويضيف "ليفز" أن مجلس الإدارة سيواجه دعاوى قضائية كثيرة للغاية من جانب مستثمرين في الشركة إذا رفضوا عرضا بهذا السعر في هذا التوقيت خاصة مع توقعه انخفاض سعر السهم للنصف فور رفضهم للعرض. لماذا "تويتر"؟ وتراوحت ثروة "ماسك بين 270-304 مليارات دولار منذ بداية العام بما يجعل شراؤه لـ"تويتر" مقابل 43 مليار أمرًا ممكننًا بالنسبة له، ليبقى التساؤل عن سبب سعيه لشراء منصة التواصل الاجتماعي الشهيرة. وأثار السبب المُعلن من جانب "ماسك" حول "ضمان الديمقراطية" سخرية كثيرين، ويبدو المنطق واضحًا هنا: فكيف يقود احتكار شخص لمنصة تواصل ذات طابع إعلامي في المزيد من الديمقراطية؟ أو كيف يقود الاحتكار الاقتصادي إلى الديمقراطية؟ وترجع شبكة "فوكس" الأمريكية السبب الرئيسي لرغبة "ماسك" في الاستحواذ على "تويتر" إلى وجود 200 مليون مستخدم نشط على تويتر بما يجعله وسيلة تأثير ضخمة والتحكم فيها يعطي ميزة نسبية كبيرة. وتعتبر الشبكة أنه "بالنسبة للسياسيين وقادة الأعمال والمشاهير والصحفيين، يعد "تويتر" منصة رئيسية لتوصيل رسائلهم والتحكم في الروايات التي يريدونها أن تصل للجماهير". فعلى الرغم من أن وسائل تواصل اجتماعي أخرى مثل "فيسبوك" و"انستغرام" و"تيك توك" تتمتع بعدد أكبر كثيرا من المستخدمين ويصل تعداد المستخدمين فيها ليصبح بالمليار وليس المليون فيها، إلا أن حقيقة تركيز غالبية السياسيين وقادة الرأي العام على "تويتر" تجعل له قيمة نسبية تتخطى فقط عدد المشتركين النشطين. كما أن "ماسك" يرغب في التمتع بوسيلته الخاصة في التأثير، في ظل امتلاك أو مساهمة الكثير من الأثرياء الأمريكيين في وسائل إعلامية تتيح لهم قدرا من التأثير بعيدا عن التأثير المباشر للأموال. لذا فإن "ماسك" لا يأمل في مكسب مادي مباشر أو في الحصول على شركة بسعر ثم إعادة بيعها أو جني أرباح فصلية أو سنوية من وراء شراء "تويتر" قدر رغبته في الحصول على "التأثير". ومن بين التأثير المنشود حقيقة أن 40% من المستثمرين يتخذون قراراتهم الاستثمارية بناء على معلومات يستقونها من وسائل التواصل الاجتماعي، وترتفع هذه النسبة إلى 60% مع من هم دون 40 عامًا، وقد أثبت "ماسك" نفسه بتغريداته حول العملات المشفرة وشركة "تسلا" إمكانية التلاعب بالأسواق باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بالفعل حتى إنه تعرض لغرامة بسبب ذلك. ويبدو "ماسك" لذلك عازما على الدخول في معركة مع "تويتر"، سواء كان ذلك بالحصول عليها بالاستمرار في الضغط على أسهم الشركة باستخدام حصته وربما تغريداته وتصريحاته إذا رفض مجلس الإدارة البيع، أو حتى بـ"خطته البديلة" المحتملة، ليبقى اجتماع الخميس المقبل حاسما في مستقبل الشركة، وأيا يكن قرار مجلس الإدارة فإن هذا الاجتماع "سيكون له ما بعده".

مشاركة :