لجان لا تقبل التأخير

  • 12/6/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الحسب والنسب من المفاخر المحمودة، ومن القيم التي يفزع إليها الناس، وتذكر كتب الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عفا عن سفانة بنت حاتم الطائي، لما قالت: "يا محمَّدُ إن رأيتَ أن تُخلِّيَ عنِّي ولا تُشمِتْ بي أحياءَ العربِ، فإنِّي بنتُ سيِّدِ قومي، وإنَّ أبي كان يَحمي الذِّمارَ، ويفُكُّ العانيَ، ويُشبِعُ الجائعَ، ويُطعِمُ الطَّاعمَ، ويُفشي السَّلامَ، ولم يرُدَّ طالبَ حاجةٍ قطُّ، فأجابها -عليه السلام- بقوله: "خلُّوا عنها؛ فإنَّ أباها كان يحبُّ مكارمَ الأخلاقِ.."، ورغم التحذير النبوي الشهير: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركوهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة"، و"من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه"، فإن البعض قديما وحديثا لم يسلموا من العنصرية المقيتة، بل إن أحدهم أثر عنه قوله: "اللهم اغفر للعرب خاصة، وللموالي عامة". المقدمة أعلاه لا تغني عما بعدها، وتمهيد ضروري؛ فقد ذكر أصحاب الاختصاص في علم الأنساب أن من أفضل من كتب عن فوائد علم النسب، هو أبو العباس أحمد القلقشندي، من علماء القرن الثامن الهجري.. قال رحمه الله في كتابه الرائع (نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب): "لا خفاء أن المعرفة بعلم الأنساب من الأمور المطلوبة، والمعارف المندوبة؛ لما يترتب عليها من الأحكام الشرعية، والمعالم الدينية، فقد وردت الشريعة المطهرة باعتبارها في مواضع، منها: العلم بنسب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنها: التعارف بين الناس حتى لا يعتزي أحد إلى غير آبائه، ولا ينتسب إلى سوى أجداده.. وعلى ذلك تترتب أحكام الورثة.. وأحكام الأولياء في النكاح.. وأحكام الوقف، إذا خص الواقف بعض الأقارب أو بعض الطبقات دون بعض، وأحكام العاقلة في الدية.. فلولا معرفة الأنساب لفات إدراك هذه الأمور وتَعذَّر الوصول إليها".. ومن الأمور المهمة في علم الأنساب ما يعرف بـ(مشجرات الأنساب)، والتي تمثل الدليل الصحيح على صحة نسب القبائل والعوائل، وتعد صنعة مستقلة، تتطلب مهارات خاصة، منها الحضور الذهني، والشجاعة، والأمانة، والأناة، وطريقة التشجير نوعان: (المشجر) و(المبسوط)؛ الأول يقدم فيه الابن على الأب، والثاني عكسه.. اليوم تصادف الناس ومن خلال عملهم في الأوقاف بالعموم، والأوقاف الأهلية -الذرية- بالخصوص، شروط دقيقة جدا، اجتهد عليها الموقفون القدامى، ومن ذلك مثلا ما صادفته شخصيا من شروط، ومنها: "تصرف الغلة على المستحقين من السادة بني علوي"، وهنا ليس أمام المسؤول إلا التحقق من نسب المتقدم، عن طريق مشجرات النسب، وهذه إما أن يتثبت منها داخليا، أو يصادق على ما يرد منها خارجيا، والخارجية من المشجرات اليوم ليست بذات الدقة أبدا، وهذا ما يدعوني هنا إلى الطلب من الجهات المعنية لاعتماد من يتقدم من الحاضرة لتشكيل لجان متخصصة لضبط وتوثيق الأنساب؛ فالحاضرة لا تقل حاجتها لذلك عن البادية، وهذا التحقق لا يمكن إسناده إلى (عمد الأحياء)، أو (الشهود)، و(المزكين).

مشاركة :