أكد رئيس الوزراء الأوكراني أن المدافعين عن ماريوبول «سيقاتلون حتى النهاية»، وذلك بعد انقضاء مهلة نهائية حدّدتها روسيا لهم لإلقاء السلاح وإخلاء المدينة الواقعة في جنوب شرق أوكرانيا ومينائها الاستراتيجي الذي ستشكل السيطرة عليه انتصاراً مهماً لموسكو. وكانت روسيا وجهت، أمس، إنذاراً نهائياً لآخر المدافعين الأوكرانيين عن ماريوبول، وأعطتهم مهلة، مطالبة إياهم بإلقاء سلاحهم والاستسلام وإخلاء الميناء الاستراتيجي. وبعد عدة ساعات من الموعد النهائي الساعة 0300 بتوقيت جرينتش، لم يكن هناك ما يشير إلى استسلام المقاتلين الأوكرانيين المتحصنين في مصانع الصلب العملاقة في آزوفستال المطلة على بحر آزوف. وأكدت وزارة الدفاع الروسية أنه باستثناء جيب المقاومة، «جرى تطهير كافة أراضي مدينة ماريوبول من مسلحي مجموعة آزوف النازية والمرتزقة الأجانب والعسكريين الأوكرانيين»، وبذلك ستكون أول مدينة كبرى تسقط في أيدي القوات الروسية خلال العملية العسكرية المستمرة منذ نحو شهرين. وأعلنت القوات الروسية أيضاً أنها قصفت مصنعاً جديداً للأسلحة بالقرب من كييف، لليوم الثالث على التوالي، بعدما هددت بتكثيف الضربات ضد العاصمة الأوكرانية، رداً على تدمير سفينة قيادة أسطولها في البحر الأسود. وأعاد الجيش الروسي التركيز على منطقة دونباس في شرق البلاد مع مواصلة الضربات بعيدة المدى على مناطق أخرى من أوكرانيا، بما فيها العاصمة كييف. وعبر البابا فرنسيس عن أسفه خلال خطاب في ساحة القديس بطرس، بسبب استمرار المعارك، وناشد بإنهاء إراقة الدماء. وقال: «فليحل السلام على أوكرانيا التي مزقتها الأعمال العسكرية والمنهكة للغاية من العنف والدمار». وشكر البابا من استقبلوا اللاجئين من أوكرانيا والذين يصل عددهم إلى أربعة ملايين. وقالت روسيا: إن قواتها طهرت المنطقة الحضرية في ماريوبول، الميناء الرئيس في دونباس، وشهدت المدينة بعض أعنف المعارك وأسوأ معاناة للمدنيين. وأصبح مصنع آزوفستال، وهو واحد من أكبر مصانع التعدين في أوروبا، ويوجد به العديد من المباني وأفران صهر المعادن وخطوط السكك الحديدية، ملاذاً أخيراً للمقاتلين الأوكرانيين الذين تفوقهم القوات الروسية عدداً. وقالت وزارة الدفاع، في بيان: «تعرض القوات المسلحة الروسية على مقاتلي الكتائب القومية والمرتزقة الأجانب وقف أي أعمال قتالية وإلقاء السلاح بدءاً من الساعة 6 صباحاً بتوقيت موسكو في 17 أبريل 2022». وذكرت أن «كل من يلقي سلاحه سينجو بحياته»، مضيفة أن المدافعين يمكن أن يغادروا المصنع بحلول الساعة العاشرة صباحاً من دون أسلحة أو ذخيرة. وأكد الجيش الأوكراني أن الضربات الجوية الروسية على ماريوبول استمرت جنباً إلى جنب مع العمليات الهجومية بالقرب من الميناء. واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا، أمس الأول، «بمحاولة القضاء عمداً على الجميع» في ماريوبول، وقال إن حكومته على اتصال بالمدافعين عن المدينة الساحلية. لكنه لم يتطرق إلى تأكيد موسكو أن القوات الأوكرانية لم تعد موجودة في مناطق حضرية. وأكد أن قتل قواته سينهي جهود السلام. وإذا تأكدت سيطرة روسيا على المدينة الساحلية، ستشكل مكسباً استراتيجياً لموسكو، إذ تربط الأراضي التي تسيطر عليها في دونباس بشبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014. وقالت روسيا: إن أوكرانيا خسرت أكثر من أربعة آلاف جندي في ماريوبول حتى أمس الأول. وتقول كييف: إن ما يتراوح بين 2500 و3000 جندي قتلوا حتى الآن في البلاد بأكملها. ولم يتسن التأكد من الأرقام الصادرة عن الجانبين. ولم يعرف كم عدد الجنود الذين كانوا في مصنع الصلب. وأظهرت صور بالأقمار الصناعية ألسنة لهب ودخانا يتصاعدان من المنطقة التي تنتشر فيها الأنفاق. وقال بيترو أندريوشينكو وهو مساعد لرئيس بلدية ماريوبول: إن الروس يعطون تصاريح لمئات من المدنيين للسماح لهم بالتحرك في الأجزاء الوسطى من المدينة. وفي مناطق أخرى في أوكرانيا، كانت هناك تقارير، أمس، عن ضربات روسية متفرقة حول المراكز الرئيسية. وذكرت وسائل إعلام محلية أن انفجاراً وقع في العاصمة كييف لكن نائب رئيس بلدية العاصمة، ميكولا بوفوروزنيك، قال: إن أنظمة الدفاع الجوي أحبطت هجمات روسية. وقال رئيس بلدية بروفاري القريبة من كييف إن هجوماً صاروخياً ألحق أضراراً بالبنية التحتية. وقال حاكم المنطقة أوليه سينهوبوف: إن القصف المدفعي الروسي على أحياء متعددة في خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا، أدى إلى قتل خمسة أشخاص، على الأقل، وإصابة 31 شخصاً بينهم أربعة أطفال. وأبدلت روسيا خططها بعد أن قاوم الجيش الأوكراني التقدم البري في الشمال خلال المراحل الأولى من العملية العسكرية. وأظهر الجيش الأوكراني مرونة أكبر ونشر صواريخ مضادة للدبابات حصل عليها من الدول الغربية وتصدى بها لقوافل مدرعة روسية كانت تتحرك ببطء على الطرق الموحلة. وعلى الرغم من الوضع اليائس في ماريوبول، قالت أوكرانيا إنها تمكنت حتى الآن من صد القوات الروسية في باقي مناطق دونباس ودونيتسك ولوهانسك. وقالت الشرطة الأوكرانية في دونيتسك، أمس: إن القوات الروسية فتحت نيران الدبابات وقاذفات الصواريخ والمدفعية الثقيلة على 13 مستوطنة خاضعة للسيطرة الأوكرانية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وهو ما أسفر عن مقتل مدنيين اثنين. وقال أوليه أوستينكو المستشار الاقتصادي لزيلينسكي: إن أوكرانيا، التي تضرر اقتصادها بشدة، طلبت من مجموعة الدول السبع الغنية تقديم 50 مليار دولار من الدعم المالي. وشكلت العقوبات الغربية ضغطاً على الاقتصاد الروسي لكنها لم تفلح في عزل موسكو. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لصحيفة بيلد أم زونتج الألمانية إن العقوبات الإضافية التي سيفرضها الاتحاد الأوروبي قريباً على روسيا ستستهدف بنوكا، من بينها سبيربنك الحكومي، إضافة إلى النفط.
مشاركة :