انسداد الآفاق يعيق دوران عجلة الاقتصاد الصومالي المنهك

  • 4/19/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يعيش الصوماليون حالة من التدهور الاقتصادي منذ نحو عام جراء الانسداد السياسي الذي أخر إتمام الانتخابات، بالتوازي مع تعليق المجتمع الدولي المساعدات المالية للحكومة. وما فاقم من الأوضاع المعيشية للناس ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود إلى جانب الجفاف الذي يضرب البلاد للعام الثاني على التوالي ما أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي المحلي، الأمر الذي تسبب في تفشي التضخم والبطالة. ونتيجة تراكم تلك العوامل إلى جانب أعباء الديون الخارجية تأثرت عجلة الاقتصاد بالبلاد سلبا، إذ تشير التقديرات الأممية إلى أن نحو 71 في المئة من الصوماليين البالغ عددهم نحو 14 مليونا يعيشون تحت خط الفقر. وشهدت العملية الانتخابية بالصومال الكثير من الخلافات السياسية أدت إلى تأجيل موعدها لأكثر من 5 مرات، إلى أن بدأت الانتخابات البرلمانية بشكل رسمي في أواخر سبتمبر الماضي لتستمر حتى هذا الشهر. محمد يوسف: نزيف الاقتصاد سيستمر لحين انتهاء الانتخابات واعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة الصومال محمد يوسف أن أزمة عدم الاستقرار السياسي في البلاد هي أساس انهيار مؤشر النمو الاقتصادي، وهو ما يشير إلى تراجع لمعدلات النمو لحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. ونسبت وكالة الأناضول إلى يوسف قوله إن “الخلافات السياسية وعدم الاستقرار الأمني التي باتت صفة متلازمة للحكومات تبعث مؤشرات غير إيجابية على النمو حيث تتوقف كل الاستثمارات وعمليات الشراء في جميع مناحي الحياة خوفا على المستقبل”. وأوضح أن الأزمة السياسية في البلاد والتي امتدت لنحو عام ونيف أدخلت البلاد في مرحلة من عدم اليقين سياسيا واقتصاديا، وهو ما يعيق المحركات الأساسية للنمو. وأشار يوسف إلى انخفاض نسبة الضرائب للحكومة من الميناء والمطار بفعل تراجع عمليات الاستيراد وهو ما يرفع سقف التضخم ومعدل البطالة الذي يتراوح أصلا ما بين 70 و75 في المئة. ونالت تداعيات الانسداد السياسي أيضا من البرامج المالية الدولية الداعمة للصومال، إذ توقفت المشاريع التي يقدمها المانحون خاصة للمؤسسات الحكومية من حيث التدريب والتأهيل إلى جانب دعم صرف رواتب المستشارين. ويتوقع يوسف أن يستمر نزيف الاقتصاد لحين انتهاء الانتخابات، “وهي توقعات بددت آمال البنك الدولي الذي توقع زيادة معدل النمو الإجمالي للناتج المحلي بالبلاد، بعد أن حقق عام 2019 معدل نمو يقدر بنحو 2.9 في المئة”. وأوقف المانحون الدوليون دعمهم لميزانية الصومال منذ مطلع 2021. وقال وزير المالية عبدالرحمن دعالي بيلى في يونيو الماضي إن ذلك “من شأنه أن يعرقل عمل المؤسسات الحكومية ويؤثر سلبا على تسديد رواتب الموظفين”. وأضاف آنذاك “إن البنك الدولي والدول التي كانت تدعم ميزانيتنا أوقفت مدفوعاتها المالية قبل ستة أشهر من الانتخابات”. وأوضح بيلى أن “هذا القرار يأتي ضمن مخاوف الداعمين من ألا تصل تلك الأموال إلى الناس أو تؤدي إلى مشاكل أخرى، لأن البلاد في مرحلة انتخابات رئاسية وبرلمانية”، متوقعا عودة الدعم بعد تشكيل حكومة جديدة. ويتفق الخبراء على أن عوامل عدم الاستقرار السياسي والتهديدات الأمنية المستمرة إلى جانب تعثر الانتخابات تسهم في استمرار تعليق الدعم المالي للصومال. ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة مقديشو عبدالله معلم أن وقف المانحين دعم ميزانية الحكومة الصومالية قد يحيل الآلاف من الموظفين إلى قائمة البطالة وهو ما يؤجج تفشي الفساد داخل مؤسسات الدولة. وقال إن “الحكومة توفر 35 في المئة فقط من الميزانية السنوية بينما يأتي الباقي من الخارج، وهذا رقم كبير لا يمكن الاستغناء عنه بل وتزيد معدلات الفقر في البلاد في حال استمرار وقف هذا الدعم”. وأشار إلى أن غياب هذا الدعم قد يؤدي إلى انخفاض نسبة القدرة الشرائية للمواطنين في ظل ارتفاع الأسعار في السوق المحلية. مؤشرات سلبية 75 في المئة معدل البطالة 71 في المئة من 14 مليون نسمة تحت خط الفقر 70 في المئة نسبة التضخم 3.2 في المئة نسبة النمو المتوقع في 2022 5.3 مليار دولار حجم الديون الخارجية 1.5 دولار يوميا معدل دخل الفرد الصومالي وفي فبراير الماضي حذر صندوق النقد الدولي من تعليق الدعم المالي الذي يقدمه للصومال وجهود إعفائه من الديون الخارجية البالغة 5.3 مليار دولار إذا حصل أي تأخر في العملية الانتخابية قبل مايو المقبل، وهو يمثل مؤشرا غير إيجابي بالنسبة إلى اقتصاد البلاد. وترتبط سياسة إعفاء الديون الخارجية بالحكومة المقبلة حول مدى تعزيز الأطر المالية عبر مكافحة الفساد داخل المؤسسات الحكومية إلى جانب تنويع مصادر دخلها التي تزيد من نمو إنتاجها المحلي. ويرجع الخبير يوسف الارتفاع الجنوني لأسعار السلع الغذائية والوقود بالبلاد إلى عاملين أساسيين أحدهما خارجي والآخر داخلي. ويتمثل العامل الخارجي في تقلبات أسعار المنتجات بالأسواق العالمية كالسلع والوقود حيث يتأثر الصومال كغيره من الدول نتيجة هذه التأثيرات التي سببتها أزمة الحرب الروسية – الأوكرانية وقبلها أزمة الوباء. وقال يوسف إن “الصومال يعتمد بشبه كلي على الاستيراد، ما يعني تأثره بشكل حاد بأزمات العالم التي تترك تداعيات وخيمة على حركة الأسواق”. ولا يُصدّر البلد سوى الماشية والسمسم والليمون والصمغ واللوبان منذ انهيار الحكومة في 1991 وهو ما لا يسهم في دعم عجلة النمو، في وقت يقدر فيه حجم التضخم بالبلاد بنحو 70 في المئة. وسجلت أسعار الوقود والقمح والدقيق والأرز والزيت ارتفاعا ملحوظا في الأسواق المحلية كونها من السلع التي يتم استيرادها. أما العامل الثاني فهو الداخلي، وأشار يوسف إلى أنه يتمثل في الجفاف الذي ضرب البلاد نتيجة غياب هطول الأمطار في الموسمين الماضيين وهو ما أثر سلبا على قطاعي الزراعة والماشية اللذين يساهمان بنصف الناتج المحلي الإجمالي. وبحسب تقديرات أممية، فإن الجفاف تسبب في نفوق 650 ألف رأس ماشية إلى جانب حدوث تراجع كبير في الإنتاج الزراعي المحلي الذي يعتمد جله على الري والأمطار. كما تسبب بنزوح الآلاف من السكان ممن يمتهنون الرعي والزراعة ما قد يرفع عدد المحتاجين للمساعدات إلى أكثر من 6 ملايين شخص أي 40 في المئة من السكان، وسط مخاوف من ازدياد فرص حدوث انعدام الأمن الغذائي إذا لم تهطل الأمطار الموسمية في الشهرين المقبلين. وتأثرت الأسواق المحلية بالجفاف حيث تراجعت بعض المحاصيل الزراعية لاسيما الخضروات والذرة الشامية والرفيعة وسط الطلب المحلي المتزايد. وتظهر المؤشرات أن السلع الغذائية والخضروات إلى جانب اللحوم سجلت ارتفاعا بنسبة 0.5 في المئة من قيمتها الأصلية ما يشكل عبئا على الوضع المعيشي والاقتصادي بالنسبة إلى الكثير من المواطنين حيث يقدر دخل الفرد في الصومال بنحو 1.5 دولار يوميا. وقالت بعثة صندوق النقد التي أنهت مهمة مراجعة لفتح خط ائتماني في مارس الماضي إن الاقتصاد الصومالي من المتوقع أن ينمو 3.2 في المئة هذا العام لكنه يواجه مخاطر هبوط.

مشاركة :