عنوان هذه العجالة هو حديث صحيح لسيد الخلق رسولنا الأعظم عليه أفضل الصلوات والتسليمات، فاماطة الأذى عن الطريق صدقة كما قال، غير أن ما يحدث لدينا وفي كثير من الأقطار والأمصار الإسلامية هو العكس تماما، فليس من المستغرب وأنت في مركبتك أن تتطاير إليك قشور الموز من المركبة التي أمامك، أو تتطاير قشور البرتقال، أو المناديل الورقية، أو نحوها من التصرفات المؤذية التي تدل على سلوكيات خاطئة مازلنا نمارسها عن سابق اصرار وترصد. الزعيم الاصلاحي الكبير محمد عبده عندما بعث إلى احدى الدول الأوروبية في بعثة علمية قال جملته الشهيرة الذائعة بعد عودته لمصر: (وجدت الإسلام هناك ولم أجد مسلمين، ووجدت المسلمين هنا ولم أجد إسلاما) ويقصد بهذه الجملة أنه وجد الناس في تلك الدولة الأوروبية التي ابتعث إليها ملتزمين تمام الالتزام بمواعيدهم الدقيقة، وملتزمين بنظافة شوارعهم وبيوتهم، وعندما يقدمون على عمل ينجزونه باتقان، وغيرها من التصرفات السليمة. تلك التصرفات ونحوها هي من صميم مبادئ وتشريعات عقيدتنا الإسلامية السمحة، ولكننا للأسف الشديد لا نطبقها ولا نلتزم بها في حياتنا، بينما الأوروبيون يلتزمون بها ويطبقونها في حياتهم رغم أن جلهم لا يعتنقون الدين الإسلامي الحنيف، فتلك التصرفات والعادات الحميدة موجودة في ديارهم، وديار المسلمين خالية منها، والعكس هو الصحيح، فنحن نعتنق الإسلام لكننا نجهل أو نتجاهل تطبيق تلك العادات الحميدة. مقولة الرجل سليمة تماما، وصحيحة تماما، ولكن شعوبنا العربية والإسلامية لا تأخذ بها، ولا تعيرها اهتماما، وليست مصر وحدها التي تميزت بضرب هذه القاعدة عرض الحائط في زمن ذلك الاصلاحي الشهير رغم أنه يقصدها بالتحديد، فديار المسلمين عموما مازالت تضرب تلك القاعدة عرض الحائط سواء في الزمن الذي عاش فيه ذلك الزعيم أو في الأزمان التي أعقبت زمنه، ومازال ذلك الجهل أو التجاهل ساري المفعول حتى يومنا هذا. اذا عدنا لروح الإسلام فاننا سوف نجد أننا أولى بالالتزام بالنظافة في الشارع والمنزل والبدن والملبس، ولكننا تركنا هذا الالتزام للأسف الشديد لغيرنا، فأصبحنا -متخلفين- ان جاز القول في هذا المضمار تحديدا، أما اخلافنا للمواعيد فحدث ولا حرج، رغم علمنا يقينا أن عدم التزامنا بالمحافظة على المواعيد هو من شيمة المنافقين وسيرتهم، فمن علامات المنافق أنه -اذا وعد أخلف- أما اتقان العمل فنحن متخلفون عن القيام بأعبائه ولا أقول مقصرون. ما يحدث في الدول الأوروبية من تقدم ونهضة ونمو يعود في أساسه إلى الالتزام بقواعد إسلامية نادت بها عقيدتنا الغراء رغم عدم اعتناقهم للإسلام -أو بالتحديد معظمهم- أما نحن فاننا مسلمون ولكننا لا نتقيد بتعاليم الإسلام كما جاءت في كثير من النصوص المأخوذة عن رسولنا العظيم عليه الصلاة والسلام، ومنها ذلك النص الشهير الذي جاء في عنوان هذه العجالة، ونشعر جميعا بالأسف لهذا الوضع الذي وصلنا إليه. ما أحوجنا للعودة إلى تعاليم رسولنا الكريم فان فيها من الايجابيات ما يدفعنا للالتزام بها لنكون قدوة حسنة لكل شعوب الأرض، فغيرنا يطبقون ما نادت به عقيدتنا ونحن بعيدون عن تطبيقها كبعد الأرض عن جو السماء، وهذا لعمري عيب يجب أن نتفاداه ونبتعد عنه فهو ليس من السلوكيات الإسلامية التي يجب علينا التمسك بها، وانما هو من الأخطاء التي نرتكبها رغم علمنا أنها ليست من صميم مبادئ وتعليمات عقيدتنا الإسلامية السمحة .
مشاركة :