طرابلس 20 أبريل 2022 (شينخوا) تسببت موجة كبيرة من الإغلاقات للمنشآت النفطية في عموم ليبيا، في خسارة أكثر من نصف إنتاج البلاد من النفط الخام، وهو ما سينعكس سلباً على الاقتصاد المحلي وضياع فرصة نادرة لبيع النفط الخام في ظل ارتفاع أسعاره عالمياً. وبدأت موجة الإغلاقات السبت الماضي. ومنذ ذلك اليوم، يتوالى يومياً وقف عمليات الإنتاج وإيقاف موانئ التصدير، إلى جانب تأثر إمدادات الغاز في تشغيل محطات الكهرباء وتأثر عمليات توريد غاز الطهي، خاصة في جنوب وشرق ليبيا. وأكدت المؤسسة الوطنية للنفط (حكومية) في ليبيا أن ميناءين نفطيين رئيسيين للتصدير (الزويتينية والبريقة) تم إيقافهما، إلى جانب إيقاف 6 حقول من ضمنها حقل "الشرارة" الذي ينتج ربع إنتاج البلاد من النفط الخام يومياً وأضافت المؤسسة فى بيان "توقف الإنتاج بالكامل، الأمر الذي جعل من تنفيذ المؤسسة لالتزاماتها التعاقدية أمرا مستحيلا"، مشيرا إلى "إعلان حالة القوة القاهرة على حقل الشرارة وإلى حين إشعار آخر". كما تسبب الإغلاق الذي طال جميع الحقول والموانئ النفطية جنوب وشرق ليبيا، باستثناء ميناء الحريقة، في إغلاق مصانع مهمة لإنتاج الغاز المغذي لمحطات الكهرباء والغاز المنزلي، إلى جانب توقف العمل بمصانع تكرير المشتقات النفطية الحيوية. وشدد مصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط الوطنية في بيان صحفي على أهمية "تحييد قطاع النفط وتجنيبه الصراعات السياسية الدائرة"، وحذر من "مغبة الانجرار وراء دعوات لا تخدم مصلحة الوطن والمواطن". وحث صنع الله الشعب الليبي على "تكوين رأي عام محلي يهدف للحفاظ على تدفق النفط للأسواق العالمية والاستفادة من طفرة الأسعار الحالية"، واصفاً موجة الإغلاقات بأنها "غير شرعية" وينبغي التصدي لها. وأشار رئيس مؤسسة النفط إلى أن موجة الإغلاقات سيكون لها بالغ الضرر على الآبار والمكامن والمعدات السطحية لقطاع النفط، بالإضافة إلى فقدان خزينة الدولة لفرص بيع محققة بأسعار قد لا تتكرر لعقود قادمة. ــ "عمل إجرامي" ووصف عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عملية إغلاق المنشآت النفطية بأنها "عمل إجرامي"، مطالبا النائب العام بفتح تحقيق "فوري" في المتسببين في الاعتداء على المرافق الحيوية. ولفت الى أن هذه الواقعة، إغلاق المصالح النفطية، سيؤدي إلى ارتفاع سعر شراء العملة الأجنبية وأسعار البضائع والسلع الغذائية والعلاج وتعطل نفقة الطلبة الدارسين بالخارج. ويقف وراء هذه الإغلاقات سكان المناطق المجاورة للحقول والموانئ النفطية في شرق وجنوب البلاد، الذين قاموا باقتحام هذه المواقع والاعتصام داخلها، وعبروا عن رفضهم في استمرار حكومة الدبيبة، مؤكدين أنهم لن يسمحوا بإعادة العمل في هذه الحقول والموانئ، حتى يتم تسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة التي يرأسها فتحي باشاغا، والتي نالت ثقة البرلمان في مارس الماضي. لكن رئيس حكومة طرابلس عبد الحميد الدبيبة، الذي جاء وفق حوار سياسي قبل أكثر من عام، يرفض تعيين رئيس جديد يحل محله، وأكد أن حكومته "مستمرة إلى حين التسليم إلى سلطة منتخبة" عن طريق الانتخابات. ــ تجميد الإيرادات ويرى الخبير الاقتصادي محسن الدريجة أن تجميد إيرادات بيع النفط أفضل بكثير من إغلاق المنشآت النفطية. وأوضح الدريجة عبر صفحته في موقع التواصل الإجتماعي (فيسبوك) أن "بيع النفط والاحتفاظ بأمواله في حساب المؤسسة الوطنية للنفط كان الخيار الأقل ضررا من إقفال النفط، وبالتالي يبقي تجميد أموال النفط في حساب المؤسسة أفضل من إغلاق النفط وأفضل من تجميدها في حساب خارج ليبيا". وتابع "في ظل أسعار النفط الحالية، إغلاق النفط لن يقبل دولياً وكذلك استمرار تحويل أموال النفط لحساب الحكومة في طرابلس... نحن نعيش انقساما سياسيا وكل طرف لديه داعموه المحليون والدوليون". ويواجه قطاع النفط في ليبيا صعوبات متكررة، نتيجة عدم استقرار عمليات الإنتاج بسبب الإغلاقات المتكررة للحقول وموانئ نفطية على خلفية تهديدات أمنية أو إضرابات عمالية. فيما يرفض سليمان الشحومي مؤسس سوق الأوراق المالية الليبي توقف إنتاج النفط بسبب الإغلاق للحقول والموانئ. وقال الشحومي لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم (الأربعاء) تعليقاً على ذلك "بدون شك توقف إنتاج وتصدير النفط يعني تعثرا شاملا وحتما ينعكس على الأسعار، ويجر ورائه التزامات وتعقيدات فنية بقطاع الطاقة، الذي يعد الأمل الوحيد لإعادة الاستقرار الاقتصادي للبلاد وإعادة مسار التنمية". وعبر مؤسس سوق المال الليبي عن اعتراضه على مقترحات تجميد أو تجنيب ايرادات النفط لحل الأزمة الحالية. وأوضح الشحومي في هذا الشأن "القيام بذلك وإمساكها لدى مؤسسة النفط ليس حلا على الاطلاق، فذلك يعني أن المؤسسة الوطنية للنفط لن تجد الموارد لاستمرار أعمالها". وتعتبر حالة "القوة القاهرة" حماية يوفرها القانون لمواجهة الالتزامات والمسؤولية القانونية الناشئة عن توقف أداء العقود النفطية، نتيجة أحداث خارجة عن سيطرة أطراف التعاقد، وبلغ إنتاج ليبيا من النفط الخام 1.2 مليون برميل يومياً، بحسب أرقام رسمية لشهر مارس الماضي. ومنذ العام 2013، تسببت هذه الإغلاقات المتكررة التي طالت القطاع النفطي في خسارة ليبيا أكثر من 100 مليار دولار، بحسب أرقام حكومية.
مشاركة :