مخاوف من انفجار اجتماعي لبناني ـ سوري ـ فلسطيني بسبب الأمن وفرص العمل

  • 12/7/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قد تعكس عبارة «ارحل يا سوري» التي كُتبت على جدران عدد من الأبنية في العاصمة اللبنانية بيروت، حجم التوتر الذي يتنامى مع مرور الأشهر بين اللبنانيين وضيوفهم من اللاجئين السوريين والذين تخطى عدد المسجلين منهم المليون ونصف المليون، وهو ما نبّهت إليه مفوضية شؤون اللاجئين في بيانها الأخير متحدثة عن «ازدياد التوترات بين المجتمعات اللبنانية والسورية على الرغم من محاولات جادة لاحتوائها». وتتخطى التوترات حدود المجتمعات اللبنانية والسورية لتشمل أيضا المخيمات الفلسطينية والتي تضم ما يزيد على 500 ألف لاجئ مسجل، مما يهدد بانفجار اجتماعي لبناني - سوري - فلسطيني مع استمرار الصراع على الموارد اللبنانية المحدودة على كل الأصعدة، خاصة في ظل الأزمة السياسية الحادة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من سنة ونصف السنة والتي تنعكس بشكل مباشر وكبير على الوضع الاقتصادي والمعيشي والأمني. وحذرت مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين والتي تضم ممثلين عن معظم الكتل النيابية ولجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني في يونيو (حزيران) الماضي، من «انفجار اجتماعي» مسرحه المخيمات الفلسطينية، وأبدت تخوفها من أن يتسع نطاقه ليطال المناطق اللبنانية كافة. ويشكل نقص الموارد المالية السبب الرئيسي لاندلاع الأزمات داخل المجتمعات المذكورة، باعتبار أن معظم اللاجئين السوريين والفلسطينيين على حد سواء يعيشون في مناطق لبنانية فقيرة فاقم اللجوء من أحوالها. ويسعى لبنان والوزراء المعنيون ومنذ فترة طويلة لدى المجتمع الدولي لزيادة مساعداته للمنظمات المعنية بدعم اللاجئين، كما للمجتمعات التي تؤوي هؤلاء. وكانت الحكومة اللبنانية اتخذت العام الماضي قرارا بمنع دخول اللاجئين السوريين إلى لبنان، على ضوء الضغوط والأعباء الاقتصادية والاجتماعية التي فاقت قدرة البلاد على تحملها. وأشارت في قرارها إلى أنها ستطلب من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إيقاف تسجيل اللاجئين إلا بموافقة وزارة الشؤون الاجتماعية. وتنص الخطة أيضًا على تشجيع اللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم أو بلدان أخرى، وتشديد تطبيق القانون عليهم، ونزع صفة اللاجئ عن كل سوري يدخل إلى سوريا أو يخل بالقوانين اللبنانية. وفيما نجح اللبنانيون طوال السنوات الأربع الماضية بالتعايش مع واقع نزوح مئات آلاف السوريين إلى بلدهم، فإنه ومع مرور المزيد من الأشهر يتبين حجم الضغوط التي يرزح تحتها المجتمعان السوري واللبناني على حد سواء. وهو ما تحدث عنه التقرير الأخير لمفوضية شؤون اللاجئين لافتا إلى «ازدياد التوترات بين المجتمعات اللبنانية والسورية، على الرغم من محاولات جادة لاحتوائها، وذلك بسبب المخاوف الأمنية والقضايا الصحية والتنافس على فرص العمل الشحيحة». وأوضح تقرير المفوضية أن «عائلات لبنانية في منطقة جبل لبنان أعربت عن شعورها بالقلق على سلامة الأطفال وصحتهم في ضوء ارتفاع عدد النازحين السوريين في المنطقة، كما أفاد بعض المشاركين في البقاع (شرق البلاد) بحوادث من العنف اللفظي بين السوريين واللبنانيين في الشوارع أو في المدارس». وأضاف: «لكن وعلى الرغم من الصعوبات التي أفيد عنها فيما يتعلق بالاندماج، فقد أبدى المشاركون تعاطفا كبيرا تجاه بعضهم البعض وكشفت عمليات التقييم عن وجود روابط وصداقات متينة بين المجتمعين اللبناني والسوري». وشرحت دانا سليمان، المتحدثة باسم المفوضية لـ«الشرق الأوسط» خلفية الخلاصة التي توصل إليها التقرير الشهري، لافتة إلى أنّه «وبإطار نشاط سنوي تقوم به المفوضية تجمع خلاله لبنانيين وسوريين من نفس العمر والجنس والاهتمامات، لسؤالهم عن المشكلات التي يواجهونها، تبين لنا أن التوتر بين المجتمعات اللبنانية والسورية ازداد نسبيا، وهذا ما لا يمكن تأكيده علميا، مع وجوب التشديد على أنّه يبقى هناك الكثير من التضامن بين هذه المجتمعات، كما أكد كذلك المشاركون بالنشاط». وأشارت سليمان إلى أنّه وبمسعى منها لاستيعاب التوتر السابق ذكره، فإن المفوضية خصصت 121 مليون دولار للمجتمعات اللبنانية تم من خلالها دعم عدد من الوزارات وإنشاء مشاريع زراعية وآبار مياه كما تم دعم الخدمات العامة وشبكة الكهرباء والمستشفيات والمدارس والبنى التحتية، باعتبار أن عددا كبيرا من اللاجئين يعيشون حاليا في مناطق فقيرة هي بحاجة للإنماء والدعم حتى قبل اندلاع الأزمة في سوريا. ويتعرض اللاجئون السوريون في لبنان لمضايقات كثيرة إن كان في مجالات العمل أو في محيطهم الاجتماعي، فيجدون صعوبة بإيجاد مكان ملائم للسكن ويعاملون من قبل بعض اللبنانيين بنوع من «الفوقية» مما يؤثر عليهم معنويا ويدفع المئات منهم للتفكير بالهجرة إلى دول أوروبا. وهو ما تحدث عنه ن.ع (34 عاما) الذي يعيش في شقة مستأجرة في بيروت، موضحا أن «تعامل اللبنانيين مع اللاجئين السوريين من المسيحيين يبقى أفضل من تعاملهم مع المسلمين منهم، خاصة أن الكثير ممن يعرضون شققهم للإيجار أو البيع، لا سيما في مناطق الأكثرية المسيحية، يضعون شروطا مسبقة للراغبين بالسكن، وأبرزها وجوب أن يكونوا من المسيحيين»، فيما يشترط لبنانيون آخرون أن يكون المستأجر أو الشاري من غير السوريين بالمطلق. وقدمت مفوضية اللاجئين طلبات لإعادة توطين أكثر من 6400 لاجئ سوري من لبنان في بلدان ثالثة خلال هذا العام، وقد سبق وغادر نحو 2200 منهم. وبلغت تعهدات بلدان إعادة التوطين الخاصة بلبنان 8800 لاجئ سوري خلال عام 2015 وحتى هذا التاريخ، على الرغم من كل الضغوط التي تمارسها المفوضية والجهات اللبنانية الرسمية لإتاحة المزيد من أماكن إعادة التوطين للاجئين في لبنان وباقي دول المنطقة وترد الدكتورة في علم النفس في الجامعة اللبنانية في بيروت منى فياض في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، السبب الرئيسي لتوتر العلاقة بين اللبنانيين وضيوفهم السوريين لـ«محدودية الموارد اللبنانية والمنافسة على فرص العمل غير المتوفرة أصلا، بالإضافة إلى المزاحمة على استهلاك الطاقة وعلى المدارس والطرقات». وتضيف: «لا شك أن اللبنانيين يلقون في كثير من الأحيان اللوم على اللاجئين في أمور لا علاقة مباشرة لهم بها، متناسين أن بلدهم لديه مشكلات حقيقية بموضوع الإدارة الذاتية».

مشاركة :