تعد الحكاية الشعبية، انعكاساً للحياة الاجتماعية عبر العصور والحضارات، حيث ترسم أحداثها خطوطاً عريضة لعناصر التأثير في قوالب ملهمة، كونه لوناً أدبياً استثنائي السرد والمضمون حاضناً لقيم الشعوب وثقافتها، بما تتضمنه من شخصيات وأبطال وموضوعات، وأسهمت في إثراء اللغات المعروفة بما زخرت به من بناء قصصي مزج بين الخيال والسحر والجاذبية. وتختلط فيه القصة الواقعية بالخرافة والأسطورة، وهو يهدف إلى تمرير جملة من الحكم والمواعظ، إلى جانب التسلية وإشاعة النكتة والفكاهة. "البيان" حاولت أن ترصد أهمية حضور الحكايات الشعبية في ثقافة الأجيال والناشئة من خلال الاستطلاع الأسبوعي، الذي ناقش قيمتها المعاصرة عبر التاريخ في تثبيت القيم الثقافية والتعليم والتلقين والتلاؤم مع أنماط السلوك، حيث طرحت سؤالاً على متابعيها عبر منصاتها في فضاءات مواقع التواصل مفاده: هل تشكل الحكايات الشعبية المتوارثة مصدر إلهام للجيل الحالي؟ وأظهرت بيانات الاستطلاع، أن هذا النوع من الفنون الأدبية المتوارثة لا يزال يشكل مصدر إلهام لكافة الأجيال إذ أوضح 78 % من المشاركين بالاستطلاع على موقع "البيان" الإلكتروني، أن الحكايات الشعبية لم ولن تفقد بريقها وتأثيرها الأخلاقي والإصلاحي وستظل ملهمة لكل الأجيال ، بينما أكد 22% غير ذلك، كما جاءت نتائج التصويت على منصة «البيان» على «تويتر» متقاربة، حيث اتفق 77.8 % على أن الحكايات الشعبية تحقق التواصل الثقافي واللغوي بين الأجيال ليتعرف كل جيل على تراث أسلافه وثقافتهم، ، بينما رأى 22.2 % عكس ذلك تماماً. جوهر القيم وحول أهمية القصص الشعبي كموروث ثقافي للأجيال تقول الكاتبة الشيخة مريم صقر القاسمي التي شاركت بورقة بحثية ناقشت مفهوم القصص الشعبية في مدينه بلونيا إيطاليا بالتعاون مع مكتب ثقافة بلا حدود: تسربت الحكاية الشعبية في الأدب المعاصر على نحو لافت، ولم تقتصر على الأدب العربي فقط، بل برزت في كثير من الروايات والقصص الأوروبية، حيث تمثل جوهر القيم الإنسانية والصفات النبيلة لدى الشعوب على الرغم من الثقافات والعادات، ولكنها كانت تمثل العبرة والحكمة في حياة الناس، وتعد الحكاية الشعبية أدباً قائماً بذاته، موجودة في لغات العالم أجمع، وفي تراث الشعوب وثقافاتها بأكثر من صيغة ورواية، وهو أدب لا تغني عنه الآداب الأخرى ووسائل الاتصال مهما تنوعت وتطورت، فلا يوجد في الأصناف الأدبية ما يحفز الصغار أو حتى الكبار بطريقة جذابة ومسلية مثل الحكاية الشعبية. وتضيف: الاهتمام بالحكايات الشعبية ضرورة وطنية لاسيما أنها تعد جزءاً من ثقافة المجتمع والموروث الشعبي للإمارات، إذ تلعب الحكايات دوراً مهماً في فهم ثقافة المجتمع، بل ويمكن اعتبارها إحدى القنوات الاجتماعية التي تسهم في تشكل البناء المجتمعي مثل النسقين السياسي والاقتصادي. مسارات إنسانية وعن تأثير التراث والحكايات الشعبية في ثقافة الجيل الجديد تقول الدكتورة مريم الهاشمي أستاذة اللغة العربية والدراسات الإماراتية في كليات التقنية العليا: إن المتتبع للأدب الجاهلي يجد ثراء أدبياً بدءاً بالشعر وأغراضه إلى النثر وفنونه من قصص وأساطير وحكم وأمثال وخطب، وكان الفن حاضراً كذلك عن طريق الافتتان بالأساطير وحكايات القياصرة والملوك والشعوب وتاريخ القبائل والأيام التي خاضوها، والحروب التي أشعلوها، وما سجله أبطال المعارك في مواطن الشجاعة من انتصارات. وتؤكد الدكتورة مريم أن الحكايات الشعبية تجذرت في المنطقة منذ عصور وتمثلت على شكل أشعار ترددها الأم لوليدها، والقصص الشعبية ذات الطابع الخرافي وأخبار الغواصين ومغامراتهم وأهازيجهم التي تحكيها الجدات لأحفادهن. فكانت موجهة ومكثفة لبناء شخصية الطفل ، وجاءت على أجناس فنية مختلفة، كفن الأنشودة وأغاني المهد وأناشيد الأطفال والمحفوظات التعليمية وأناشيد القصص الشعرية في المجال الديني والوطني والتعليمي والاجتماعي والترفيهي، فكانت ولا تزال بمثابة القالب الذي يأخذ منه الأجيال القيم بكل رحابة ورغبة . طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :