يرى محللون أنه بغض النظر عمن سيفوز في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الفرنسية التي عقدت الأحد، سيكون التحدي الرئيسي الأول هو الفوز في الانتخابات البرلمانية في يونيو القادم لتأمين أغلبية يمكنها مساندة تنفيذ برنامجه. وإذا فاز الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون فسوف يواجه فترة ثانية صعبة في الحكم، ومن المرجح استمرار الاحتجاجات على خطته لمواصلة الإصلاحات التي تهدف لتشجيع بيئة الأعمال التجارية، بما في ذلك رفع سن التقاعد من 62 إلى 65 عاما. وإذا تمكنت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان من الإطاحة به فسوف تسعى لإجراء تغييرات جذرية في سياسات البلاد المحلية والدولية، ويمكن أن تبدأ احتجاجات في الشوارع على الفور. وسيصل صدى الصدمة إلى جميع أنحاء أوروبا وخارجها. جان مارك أيرولت: اليمين المتطرف يسعى لتدمير نظام القيم العالمي وأظهرت استطلاعات الرأي في الأيام القليلة الماضية تقدم ماكرون على منافسته بفارق لا بأس به، وقال محللون إن لوبان مازالت غير مستساغة بالنسبة إلى كثير من الناخبين على الرغم من جهودها لتحسين صورتها والتخفيف من حدة بعض سياسات حزب التجمع الوطني الذي تتزعمه. ومن المرجح أن تصدر النتائج النهائية الإثنين. والأربعاء المقبل السابع والعشرين من أبريل، أي بعد ثلاثة أيام من الاقتراع، يصدر المجلس الدستوري بالبلاد قراره بالمصادقة على النتائج النهائية ويعلن رئيس الدولة الجديد. وبلغت نسبة المشاركة في الدورة الثانية لانتخابات الرئاسة الفرنسية 26.41 في المئة حتى منتصف الأحد، أي أقل بنقطتين تقريبا مقارنة بالوقت نفسه من الدورة الثانية للسباق الرئاسي عام 2017 (28.23 في المئة)، على ما أعلنت وزارة الداخلية. وكذلك، يمثل هذا الرقم انخفاضا مقارنة بالدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية لعامَي 2012 (30.66 في المئة) و2007 (34.11 في المئة) وهو قريب من النسبة التي سجّلت عام 2002 (26.19 في المئة) عندما تواجه المرشح اليميني المتطرف جان - ماري لوبان وجاك شيراك (يمين). ومن ناحية أخرى، ارتفعت نسبة المشاركة بشكل طفيف مقارنة بالدورة الأولى قبل أسبوعين (25.4 في المئة). وحذر رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق جان مارك أيرولت من فوز لوبان في سباق الانتخابات الرئاسية الفرنسية. وأشار أيرولت في تصريحات لصحيفة “تاجس شبيجل” الألمانية في عددها الصادر الأحد إلى أنه قبل الاستفتاء الخاص بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، أشارت جميع استطلاعات الرأي إلى بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك صوّت المواطنون (البريطانيون) لصالح خروج بلادهم من الاتحاد. وتابع السياسي الفرنسي البارز “يسعى التيار اليميني المتطرف بفرنسا لتدمير مؤسسات الجمهورية الخامسة وكذلك نظام القيم العالمي المستمر منذ الثورة الفرنسية”. وللمرة الثانية على التوالي، تصل زعيمة اليمين المتطرّف إلى الدورة الحاسمة من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، متوجة عقدا أمضته في تحسين صورتها لدى الرأي العام من دون أن تبدّل برنامجها. وتركّز على الاقتصاد الذي كان هامشيا في قائمة أولويات الجبهة الوطنية، سعيا لجذب ناخبين “خسروا” جراء العولمة. وركزت لوبان في حملة 2022 في مواجهة ماكرون، المصرفي السابق الذي يصف البعض بأنه “رئيس للأثرياء”، على القدرة الشرائية التي باتت الشغل الشاغل للفرنسيين مع ارتفاع أسعار موارد الطاقة والغذاء عالميا في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا. وتريد المرشحة اليمينية المتطرفة أن تدرج في الدستور “الأولوية الوطنية” التي ستحرم الأجانب من امتيازات عدة. وتريد أيضا طرد المهاجرين غير الشرعيين والمجرمين ومرتكبي الجنح الأجانب، إضافة إلى الذين يشتبه بتطرّفهم والأجانب العاطلين عن العمل لأكثر من عام. ماكرون يتقدم استطلاعات الرأي ماكرون يتقدم استطلاعات الرأي وأمضى ماكرون الذي يتهمه فرنسيون بالعجرفة، خمسة أعوام في الرئاسة طبعتها قدرته على تغيير سياساته وتطويعها حسب الحاجة، في أسلوب دفع صحيفة لوموند لتشبيهه بـ”الحرباء”. ومن شخصية مغمورة لم يسبق لها أن انتخبت إلى أي منصب عام، أصبح وزيرا للاقتصاد في حكومة الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا هولاند، ثم أصغر رئيس سنّا يدخل قصر الإليزيه في 2017، وهو لم يزل في التاسعة والثلاثين من العمر. وعرف الشاب الطموح كيف يرسم لنفسه صورة الآتي من خارج الحلبة التقليدية لليسار واليمين، والقادر على اللعب بحنكة على وتر تشتت الأحزاب التقليدية في الجمهورية الخامسة. وأحاط نفسه بفريق وفيّ يرتكز على شبان في الثلاثينات من العمر بنوا خبراتهم في مجالات الإعلان والاستشارات والمناصب الإدارية. وفي نظر قسم من الفرنسيين، تؤشّر مواقف علنية وتصريحات أدلى بها على انفصاله عن حياتهم اليومية، مثل حديثه عن أناس “لا يساوون شيئا”، أو اعتباره أن العاطلين عن العمل قد يجدون وظيفة بمجرد “أن يعبروا الشارع”. وأثار ماكرون بذلك نفورا لا عودة عنه لدى بعض اليسار والأوساط الشعبية. وأضرّت علاقته الوثيقة بالمكاتب الاستشارية التي اعتمد عليها بشكل كبير، بصورته في نهاية ولاية رئاسية طبعتها بشكل لا لبس فيه تحركات “السترات الصفر” الاحتجاجية على سياساته الاجتماعية في 2018 و2019. وأثارت أعمال العنف التي تخللت هذه الاحتجاجات، لاسيما عدد الأشخاص الذين أصيبوا بالعور في أعينهم بسبب نيران قوات الأمن، صدمة لدى قسم من الفرنسيين. وعلى الرغم من ذلك، أنهى ماكرون ولايته وهو يتمتع بشعبية أكبر من تلك التي حظي بها في الفترة ذاتها سلفاه فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :