مع بدء البرلمان الفرنسي الجديد أعماله، يقف الرئيس ماكرون أمام معادلة صعبة لتحقيق أغلبية برلمانية بعد فقدانها في الانتخابات الأخيرة، وسط مساع للتوافق مع حزبين محددين على وجه الخصوص، فما هما؟ وما "الخطوط الحمراء" لماكرون؟ يواجه ماكرون معضلة تحقيق أغلبية مطلقة في البرلمان بعد أن خسرها في الانتخابات الأخيرة واصلت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن مشاوراتها اليوم الثلاثاء (28 حزيران/يونيو 2022) سعياً وراء تحقيق غالبية مطلقة في الجمعية الوطنية التي يتوقع أن تتولى امرأة رئاستها للمرة الأولى وهي يائيل برون بيفيه. وكلّف الرئيس إيمانويل ماكرون بورن باستطلاع آراء الكتل السياسيّة في الجمعيّة الوطنيّة بشأن إمكان التوصل إلى "اتّفاق حكومي"، وتشكيل حكومة جديدة بحلول مطلع تموز/يوليو. وعقب جولة أولى الإثنين، التقت رئيسة الوزراء الثلاثاء رؤساء الكتل البرلمانية اليمينية والاشتراكية والشيوعية والبيئية في الجمعية. وفي رسالة وجهتها إليهم الإثنين، أقرت رئيسة الوزراء برفضهم "الدخول في ديناميكية بناء ائتلاف أو اتفاق شامل مع مجموعة الغالبية"، لكنها أضافت أنها تود مع ذلك "تعميق النقاش لتحديد نقاط التلاقي والخلاف الأساسية بشكل أفضل". وأوضحت مصادر مقربة منها لوكالة فرانس برس أنها لم تتخل عن اتفاق حكومي. وشدد ماكرون على أن هذه النقاشات ستتم في "إطار المشروع الرئاسي ومشروع الغالبية الرئاسية، الذي يمكن تعديله أو إثرائه"، مع وجود خط أحمر يتمثل في عدم زيادة "لا الضرائب ولا الديون". وقال ماكرون إنه ينتظر عند عودته مساء الخميس من قمة حلف شمال الأطلسي في مدريد، مقترحات "لخارطة طريق"، وتشكيل حكومة جديدة متوقعة في مطلع تموز/يوليو. وتُطرح مسألة إبقاء وزير التضامن داميان أباد في الحكومة، إثر تقديم شكوى محاولة اغتصاب ضده، بعدما استهدفته اتهامات أخرى باعتداءات جنسية. وأعلن في المقابل تقديم شكوى افتراء في حقه. حالة عدم يقين وأعيد انتخاب الرئيس الفرنسي بغالبية مريحة في نيسان/أبريل، لكنه تعرض لانتكاسة في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية في 19 حزيران/يونيو، حيث فقد غالبيته المطلقة في الجمعية الوطنية. ولم يعد ماكرون يتمتع إلا بغالبية نسبية، ما يضطره إلى إيجاد تحالفات لتنفيذ برنامجه الإصلاحي، لا سيما فيما يتعلق بالمعاشات التقاعدية. منذ ذلك الحين، غرقت فرنسا في حالة من عدم اليقين ، علمًا أنها غير معتادة على التحالفات الحكومية، بعكس الكثير من الدول الأوروبية الأخرى. واستبعد ماكرون إمكانية التوصل إلى اتفاق مع "التجمع الوطني" (اليمين المتطرف) و"فرنسا الأبية" (اليسار الراديكالي)، وهما حركتان "لا تعتبران أحزابًا حكومية"، وفق قوله، لكن دخل كلاهما الجمعية الوطنية بكتلة وازنة. وأشار ماكرون إلى أن الحلفاء المحتملين قد "يراوحون بين الشيوعيين و(حزب) الجمهوريين" (يميني). لكن المعارضة ترفض أي اتفاق عام. وقال زعيم الجمهوريين في مجلس النواب أوليفييه مارليكس، وهو أول من استقبلته بورن الثلاثاء: "قلنا لها مرة أخرى إنه ما من إمكانية لأي تحالف على الإطلاق، لكننا هنا لمحاولة إيجاد حلول". ويتم التودد كثيرًا إلى هذا الحزب اليميني، واعتبر وزير الداخلية، جيرالد دارمانين الذي انشق سابقًا عن الجمهوريين، أن الغالبية "متفقة على الأساسيات مع النواب الجمهوريين". "سابقة نسائية" ومن بين أولويات المجلس التشريعي الجديد اتخاذ تدابير عاجلة لحماية القدرة الشرائية للفرنسيين، المتضررين من التضخم، كما هو الحال في أي مكان آخر في أوروبا. ويقترح النص الحكومي قيد الإعداد زيادة بنسبة 4 بالمئة على سلسلة الإعانات الاجتماعية. كما يستعد اليسار الراديكالي بزعامة جان-لوك ميلانشون لتقديم "قانون واسع للطوارئ الاجتماعية". وتتولى الجمعية الجديدة مهامها الثلاثاء عند الساعة 13,00 بتوقيت غرينتش، وتنتخب رئيسها. ويجري التصويت بالاقتراع السري على ثلاث جولات إذا لزم الأمر، ويتم التصويت الثالث بالغالبية النسبية. وتعتبر يائيل برون بيفيه (51 عامًا)، التي كانت حتى السبت وزيرة شؤون أقاليم ما وراء البحار، هي الأوفر حظاً، وسيشكل فوزها سابقة في فرنسا إذ ستكون أول امرأة تتولى المنصب. وكانت برون بيفيه الرئيسة السابقة للجنة القوانين في الجمعية، رشحتها الغالبية الحاكمة الأربعاء الماضي ومن المفترض أن تخلف ريشار فيران، الصديق المقرب لإيمانويل ماكرون الذي هزم في الانتخابات التشريعية. مع بورن وانتخاب أورور بيرجيه الأسبوع الماضي لرئاسة كتلة حزب النهضة الرئاسي في الجمعية الوطنية، يشكل هذا الثلاثي النسائي في السلطة سابقة في فرنسا. م.ع.ح/خ.س (أ ف ب)
مشاركة :