حذر الخبراء المشاركون في الورشة الخاصة بـ"التكامل العربي ومشروع الدولة الوطنية" من أن فشل الدول العربية في استكمال بناء مشروعها السياسي والاجتماعي والتنموي والثقافي من شأنه أن يجعل الدولة الوطنية العربية عرضة لتجاذب ثلاثة مشروعات هي "دولة الخلافة على غرار نموذج داعش"، و"دولة الإمامة"، و"الدولة الطائفية أو المذهبية". واتفق الخبراء على وجود فجوة في العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبروز ظاهرة "الدولة القوية والمجتمع الضعيف"، الأمر الذي شكل سلبا للهوية الوطنية والولاء والانتماء للدولة، ما أدى إلى فقدان الدولة قدرتها على تمثيل مكونات المجتمع وفئاته وعناصره كافة، وسعت الدولة إلى فرض هيمنتها بالقوة على المجتمع، ما ضاعف من غربتها واغترابها وارتمائها في حضن الأفكار المتطرفة والأنشطة الإرهابية، خاصة أن المنطقة العربية تتربع على أكبر معدل للحروب وأشكال العنف خلال الـ30 عاما الماضية، كما أن التدخلات الخارجية في شؤونها تزيد في المعدل عنها في أي أقاليم أخرى في العالم. وأشار الخبراء إلى أن المجتمعات العربية تعاني ظواهر "تسييس الإثنية" و"تمزيق الهويات الوطنية" و"ضعف المؤسسات المجتمعية"، فضلا عن "تديين السياسة" و"تسييس الدين"، والدخول في إشكالات ما قبل الحداثة التي أعاقت بدورها تطور الدولة الوطنية. التكامل السياسي وأمية الحرف رصد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى للثقافة الدكتور علي الدين هلال، في ورقته البحثية التي قدمها من خلال الورشة، عددا من مظاهر التوجه صوب التكامل العربي في مواجهة مظاهر الانهيار والتفكك التي أصابت عددا من أقطار الوطن العربي، ومنها تحرك الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي إلى مزيد من التكامل في إطار مشروع الاتحاد الخليجي، وكذلك العلاقات التي تطورت بين دول المجلس وكل من الأردن والمغرب، والتي تمثلت في اكتسابهما وضع "المراقب"، وأيضا علاقات التعاون والتنسيق الأمني والعسكري والاقتصادي والسياسي التي تطورت بين دول المجلس ومصر، ومنها إقامة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لحماية شرعية الدولة في اليمن، وكذلك المشاورات بشأن إنشاء القوة العربية العسكرية المشتركة. وذهب الأستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية في بيروت الدكتور شفيق المصري، إلى ضرورة مواجهة الغزو الفكري الزاحف على العالم العربي، مشيرا إلى أن "أكثر من 50 % من العرب أميون، وأن الأمية هنا ليست أمية إلكترونية وإنما أمية عادية، أي أمية الحرف. وأكد المصري في ورقته البحثية "العقد الاجتماعي والدولة الوطنية" على ضرورة أن "تعيد الجامعة العربية إحياء الهيئات الثقافية التي أنشأتها، لا سيما منظمة "الكسو" والبعد عن السير في سرداب الماضي والثقافات المعزولة أو المتقهقرة في مواجهة المساعي القائمة، غربيا وإسرائيليا، لمحاربة التراث العربي في كل مناحيه واتجاهاته، وليس تهميشه فقط. توصيات الورشة 1 - الدفاع عن مشروع الدولة الوطنية، ومقاومة مشروعات التقسيم والتفتيت، مع التأكيد على ضرورة تطوير "الدول الوطنية"، لتصبح أكثر فاعلية وكفاءة وقدرة على القيام بوظائفها الرئيسة تجاه المواطنين، وتأكيد مبدأ المواطنة، وضمان المشاركة، وتحقيق العدالة والمساواة، ورفع كفاءة مؤسسات الحكم والإدارة، وتصحيح العلاقة بين الدولة والمجتمع. 2 - معالجة أزمة التكامل على المستوى العربي، وذلك من خلال اتخاذ عدد من الإجراءات أهمها تطوير آليات جامعة الدول العربية، ودعم التوجه نحو التكامل العربي، مع التركيز على التكامل الثقافي، عبر تفعيل الهيئات الثقافية المرتبطة بجامعة الدول العربية، والبحث عن سبل لمواجهة موجات النزوح واللجوء والهجرات الجماعية الناجمة عن الصراعات الأهلية. 3 - التوصل إلى مصالحات واسعة على المستويين الداخلي والخارجي. 4 - السعي الحثيث إلى فهم التجارب الوطنية في الفهم السياسي، حيث إن لكل دولة عربية سياقها الخاص في بناء ذاتها.
مشاركة :