يحظى مؤتمر مؤسسة الفكر العربي «فكر14» برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، والذي تحتضنه القاهرة ما بين 6 و 8 ديسمبر المقبل، تحت عنوان «التكامل العربي: تجارب وتحديات وآفاق»، بأهمية قصوى، قال عنه مراقبون بأنه يأتي في مرحلة مفصلية تشهد فيها المنطقة حالة من الارتباك والاضطراب، فيما استبقت المؤسسة مؤتمرها بتنظيم (6) ورش عمل تحضيرية في القاهرة بمشاركة عدد من أبرز الباحثين والخبراء والأكاديميين على المستوى العربي. وشملت ورشة بعنوان»الثقافات العربية في واقع وإقليم مضطرب: البحث عن أشكال للتكامل الصعب» وشهدت الورشة مناقشات مستفيضة حول القضايا الرئيسة المرتبطة بواقع الثقافة العربية في ظل الظروف الراهنة؛ حيث برزت تحديات كبرى بعد الانتكاسات التي لحقت بالتحركات الجماهيرية التي شهدتها بعض الأقطار، ودخول عددٍ من الدول في أطوار من التفكك والتداعي وعدم الاستقرار، في حين عانت دول ومجتمعات أخرى بدرجات مختلفة من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ومصادر تهديد متعددة على رأسها الإرهاب وتزايد حدة الاستقطاب والفساد وتعطل مؤسسات الحكم، مما أحدث اضطرابًا بين المكونات الرئيسة. وانتهت الورشة إلى عدد من التوصيات أبرزها تفعيل دور جامعة الدول العربية والمنظمة العربية للعلوم والثقافة «الألكسو» في دعم وتوسيع مشروعات الشراكة الثقافية وتوفير التمويل والموارد والخبرات، والسعي إلى تنفيذ بنود العقد العربي للتنمية الثقافية «2005-2015» الذي أقره وزراء الثقافة العرب في عمّان عام 2002، وتطوير الخطّة الشاملة للثقافة العربيّة التي أعدتّها المنظّمة في فترة سابقة. وشملت القائمة إحدى ورش العمل التحضيرية التي عقدت في مقر الجامعة العربية بعنوان «التكامل العربي: التعاون الأمني والعسكري في الوطن العربي»، وأبدى فيها رئيس مجلس إدارة مؤسسة الفكر العربي صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن خالد، تفاؤله في شأن مستقبل التكامل والتعاون العربي في المجالات الأمنية والعسكرية، موضحاً أنّه يجب البناء على القواسم المشتركة والعوامل الإيجابية بين الدول العربيّة في هذا المجال. وخلصت الورشة إلى مجموعة من التوصيات أبرزها ضرورة تحديد مصادر التهديد للأمن العربي على المستويين الوطني والقومي، وتحديد الأولويات على صعيد مواجهة هذه التحديات واستخلاص العِبَر من تجربة تعثّر تنفيذ اتّفاقيّة الدفاع العربي المشترك مع ضرورة إنشاء القوة العربيّة المشتركة كأداة مهمة من أدوات التكامل، مع إمكانية قيام مشروع القوة العربيّة المشتركة على مبدأ «تحالف الراغبين». وعقدت المؤسسة ورشة تحضيرية بعنوان «التكامل العربي: جامعة الدول العربية»، واعتبر المشاركون أن العقود المتوالية أثبتت ضرورة بلورة وإعمال رؤى جديدة خلاقة للنهوض بالجامعة، وتحقيق الطموحات الهادفة إلى إقامة نظام إقليمي قوي يحصن البلدان العربية تجاه تحديات التقاطب الدولي، ويؤمن تحقيق السلم والعدالة والديمقراطية والتنمية والتضامن السياسي والدبلوماسي، وكذلك التعاون والاندماج الاقتصادي العربيين. كما حث المشاركون على ضرورة تحسين أداء جامعة الدول العربيّة في سياق «محنة النظام الدولي المعاصر»، وتضخّم التدخلات الأجنبية لتفكيك الصف العربيّ وتعميق مسلسل التشرذم. وفي ورشة «التكامل العربي ومشروع الدولة الوطنية» اتفق الخبراء على أن الدولة الوطنية العربية أصبحت في ضوء الفشل والتعثر عرضةً لتجاذب ثلاثة مشروعات: الأول، دولة الخلافة على غرار نموذج داعش، والثاني، دولة الإمامة، والثالث الدولة الطائفية أو المذهبية. وانتهت الورشة إلى طرح عددٍ من التوصيات أبرزها الدفاع عن مشروع الدولة الوطنيّة، ومقاومة مشروعات التقسيم والتفتيت، مع التأكيد على ضرورة تطوير «الدول الوطنيّة»، لتصبح أكثر فاعلية وكفاءةً وقدرةً على القيام بوظائفها الرئيسة تجاه مواطنيها، وتأكيد مبدأ المواطنة، وضمان المشاركة، وتحقيق العدالة والمساواة، ورفع كفاءة مؤسّسات الحكم والإدارة، وتصحيح العلاقة بين الدولةِ والمجتمع. وحول «التكامل العربي: إشكاليات الهوية العربية وتحدياتها» دارت مناقشات مستفيضة فى الورشة لمسألة الهوية العربية، والتحديات التي تواجهها اليوم على الصعيد الداخلي للبلدان العربية، ودعا المشاركون إلى العمل على بناء هوية وطنية جامعة بين مختلف المكونات، كشرط ومدخل لبناء هوية عربية جامعة، تحقيقًا لهدف التكامل المنشود، ومن أجل مشاركة أفعل في الهوية الإنسانية الشاملة. وناقشت الأوراق المقدمة فى إحدى الورش قضايا تطوير وتكامل الصناعات التحويلية العربية وتكاملها كرافعة للتنمية الاقتصادية، وتحقيق السوق العربية المشتركة، وانتقال عناصر الإنتاج والتكامل الاقتصادي العربي، وواقع الفساد كأحد مسبّبات التدهور الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي والآليات الممكنة لمكافحته في الدول العربية.
مشاركة :