دعاء رخا شاعرة ذكية لماحة مصرية، تتمرد على الكلمة فيشاكسها الحرف, لها العديد من الإصدارات الشعرية، من فحول شعراء الوطن العربي تفتح قلبها لصحيفة نبض العرب صحيفة نبض العرب / كيف تقدم الشاعرة دعاء رخا نفسها للقارئ؟ دعاء رخا صيدلانية مصرية شاعرة .. أعتلي طائرا حرا في الفضاء جناحاه دواء .. أحدهما الدواء الجسدي والآخر الدواء الروحي. صحيفة نبض العرب / لكل شاعر طفولة عامرة بالحب والشوق، فما أبعاد طفولة الشاعرة وكيف التقت بكراسة الشعر؟ قبل أن يلتقي قلمي بكراسة شعري، وقبل أن تلتقي عيناي بحبر كتبٍ ساقها القدر إلى طريقي، وقبل انتباه مَن انتبه لشيء ما تخبئه دعاء رخا بوجدانها .. التقت حواسي الخمسة بالحياة، ولكن ربما بشكل مغاير لحواس الناس؛ فقد كنت أستشعر الحاسة نفسها لا أشعر بما تشعر به فقط .. فتأصلت بداخلي معاني التأثير والتأثر . وكنت ومنذ نعومة أظفاري مميٍِّزة جيدة بين الغث والثمين من القول والفعل والأشياء كنت أقرأ الطبيعة قراءة قلبية .. أشرد وأهيم كثيرا في الأحداث وفي ما ورائها .. كنت دائمة التأمل سواء توصلت لشيء أو لم أتوصل .. المهم، أنني كنت أنظر دائما بعين ثالثة للحياة .. عين لا تقتصر وظيفتها على التمييز بين الألوان والأشكال والأحداث، ولكن ترى ما هو أبعد .. وكان ذلك ملحوظا ممن هم حولي .. ومنهم من قدّر ذلك ومنهم من تهكم .. إلى مرحلة معينة .. ناداني قلمي مشاركا لي .. فطاوعته بل وصاحبته في رحلته نحو أول قصيدة شعر أملتها علي قريحتي وكانت زجلية ولأمي .. كنت وقتها بالمرحلة الإعدادية، وبعدها بدأ تأثري بالأحداث لا يقتصر على الشرود والتأمل فقط .. بل بدأت في التعبير عما بداخلي بالشكل الذي أرضاني وقتها ولفت نظر مدرسيني ولولا دراستي العلمية والمعملية والدوائية الجامعية وبعدها حياتي المهنية الصاخبة والشاقة لما انقطع قلمي عن سطور كراسي طيلة الخمسة عشر عاما .. ولكنه عاد لها ولأناملي بفضل الله بعد ذلك.. صحيفة نبض العرب / الحب والوطن والإنسانية والشوق والحرمان هي مفردات الشاعر، فما مفردات شعرك؟ إن أسمينا قاموس الشاعر فدعينا نسميه (الحب .. الخير .. الجمال) أما عن مفرداته، فلن تخرج عما ذكرتِ إلا في أحوال نادرة جدا .. وإن أردت ترتيب هذه المفردات فنستطيع أن نبدأ ب الإنسانية .. بل أن نضعها صوب أعيننا في صدر كل صفحة من صفحات هذا القاموس الخصب الإنسانية سيدتي هي التي تبلور كل هذه المفردات الأخرى .. بل وتبرز معانيها وألوانها وتأثيراتها وجمالها .. تماما كقطعة صخرية يعلم الجميع أن بها عددا من الأحجار الكريمة ولكن بعملية ما ستُفصِل وتبرز وتلمع وتلألئ كل حجر كريم فيكون هذا ماس وهذا عقيق وهذا زبرجد وهذا ياقوت إلى آخره الإنسانية إن وجدت ياسيدتي .. كانت الآلة الأولى في صقل كل هذه المشاعر والقيم حتى تكون .. وحتى تتضح للعين والوجدان. ما من شاعر إلا وكتب في الحب والوطن والإنسانية والشوق والحرمان وأكثر .. ولكن طريقة تناوله لهذه المفردات وإحساسه بها وتطريزها بنسيج قصيدته وإبداعه .. يختلف من شاعر إلى شاعر تماما مثل كل صاحب صنعة ولديه خاماتها وإنما مهارته وحرفيته تختلف عن غيره .. وإن كنت أتحفظ كثيرا على كلمة (صنعة الشعر) هذه؛ فهو إن دخل في إطار الصنعة ظهر التكلف واختفى الجمال وتأذت النفس مما يفرضه الشاعر على المتلقي فرضا ويجبره إجبارا عليه دون احترام لذائقته وتذوقه وإنسانيته .. ولكنني استخدمها فقط للتقريب أضع الإنسان صوب عيني بروحه قبل طينه، فأسمو بالكلمة حتى يستشعرها الوجدان لا العين والفهم والإدراك فحسب أسعى وأحاول وأستميت في الولوج إلى النفس البشرية ومخاطبتها فكرا لفكر .. وقلبا لقلب .. فما خُلِق الشعر إلا للسمو بها وللتعبير عنها .. واعلمي أنك إلم تجدي روحك في القصيدة .. فإن ما تقرأينه ليس بشعر وإنما هو أي شيء آخر صحيفة نبض العرب/ هل الغموض في القصيدة يؤدي إلى ابتعاد القراء عنها؟ سيدتي .. من نخاطب في أشعارنا؟ هل نخاطب أنفسنا؟ أم نخاطب أوراقنا وسطورنا؟ أم نخاطب كائنات أبت ألا تبرح دفاترنا فاستوطنتها وهي المنوطة بفهم وحفظ ما نخطه دائما؟!!! نحن نكتب لقارئ .. وكل شاعر يضع قارئا ما بمخيلته .. يقصده ويرضيه ويكتفي به .. ولا أنصحك بالاستماع لمن يقولون نكتب ما نكتب ولا نهتم بمن فهم ومن لم يفهم .. وأؤكد لك سيدتي أن هذه الثلة إنما يكتبون وقد لا يفهمون ما يكتبون أو لا يدركونه تمام الإدراك .. وإلا فالمتلقي ليس أقل ثقافة منهم .. بل وسيظل حريصا على مشاركتهم ما يكتبون… القصيدة مثلث .. ثلاثة أضلاع …. الشاعر والنص والمتلقي فهي إذن عملية شراكة لكل منهم الثلث .. ولكنني أرى مسؤولية إنجاح هذه الشراكة تقع على كاهل الشاعر؛ فهو المسؤول الأول عن ذلك القصيدة تقف على مسافة وسطى بين نقطة الغموض ونقطة الوضوح التام .. فإن غمضت أكثر من اللازم .. صارت لغزا وستذهب مع الريح إلى سهول النسيان لا محالة وإن اتضحت أكثر من اللازم .. صارت مقالا أو نظما مباشرا تماما مثل ما نقرأ من نصوص منظومة لأغراض تعليمية كألفية ابن مالك وغيرها.. لذا .. لو فقدت القصيدة عنصر الوصول للمتلقي مع الاحتفاظ بعنصريّ الدهشة والإبهار .. وطَرق جدران التأمل في المعنى والغوص في ما ورائه .. فستعتبر وبلا شك قصيدة غير ناجحة ولا مؤثرة. صحيفة نبض العرب / القصيدة رسالة مفتوحة على العالم، وأنت تكتبين هل تفكرين في القارئ أو في إنجاح قصيدتك؟ سؤالك هذا له شقان شقه الأول مرتبط بالسؤال السابق وهو إلغاز وغموض النص وأثر ذلك على المتلقي وقد تناولته بإسهاب كاف والشق الآخر .. هو إنجاح قصيدتي .. فمؤكد كلنا نسعى لإنجاح ما ننجز وإلا ما فائدته؟!! لكن حال استلام النص من وحيه -إن جاز التعبير- نكون ببرزخ خاص بين الوعي واللاوعي نعم .. فإذا كنا في كامل اللاوعي .. وُلد نصٌ أقرب ما يكون إلى الهذي أو اللامفهوم وإذا كنا في كامل الوعي .. وُلد نصٌ أقرب ما يكون إلى الإخبار أو الإقرار وهو المكروه جدا في الشعر .. لذا .. نخضِع النص بعد ولادته لقليل من الفحص حتى يليق بالمتلقي وحتى نضمن له حدا أدنى من النجاح المنشود والخلود المستهدف. صحيفة نبض العرب / حدثينا قليلا عن إصداراتك .. وماهي مشاريعك المستقبلية؟ لي عدد كبير والحمد لله من المشاركات بإصدارات مشتركة مع شعراء مصريين وعرب .. ولي إصداراتي الخاصة والتي جميعها في الشعر الفصيح عذراء العيون .. سدرة المشتهى .. غائب تقديره أنا .. وجميعهم عن دار لوغاريتم للنشر والتوزيع أنقى الخطايا .. عن مؤسسة النيل والفرات للنشر والتوزيع وانبغى لي .. عن سلسلة إصدارات المبدعين العرب وليالٍ شعر .. تحت الطبع بالهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية في كل واد .. تحت الطبع بالهيئة العامة المصرية للكتاب كأصابع البحر .. مخطوط سبع سنابل .. مخطوط مخطوطان في النثر الأدبي أما عن مشاريعي المستقبلية .. فهي كثيرة ولله الحمد .. ولكني تعودت ألا أزيح الستار عن الشيئ إلا بعد إنجازه أو شبه إنجازه .. وهذا ديدني الدائم صحيفة نبض العرب / ما رأيك في كل من الأب، مصر، الشعر، العروبة؟ مثلي مثل كل من يحمل قلبا وعقلا ووجدانا .. هذه الكلمات بالتأكيد تمثل لي معنى يكاد يصل إلى حد العقيدة .. فأنا شاعرة وهذه قيم مثلى .. بل ترمومتر يجب أن تقاس به درجة حياة وإنسانية الشاعر لي قصائد في كل ما ذكرتِ .. كل على حدة .. والحمد لله أعتبرها جميعا من محطاتي البارزة في مشواري الشعري فالأب … هالة من النور والحماية أسقطها الله على الأبناء فكان لهم بمثابة البصيرة والسند مصر … التي من أجلها أكل آدم التفاحة .. فكانت من نصيب المصريين من أبنائه الشعر … لغة الوجود . والكيان الإنساني العروبة … هبة الله للعرب والتي لم تلقَ منهم ما تستحقها شكرا ورعاية صحيفة نبض العرب / رسالة شعرية تريدين إيصالها للقارئ العربي؟ ليس لدي أبلغ من قصيدتي (ضادية) والتي أهديها لكل لسان ناطق بالضاد .. وكل قلب خافق بالإنسانية والمحبة. ضادية ضاديةٌ لغتي .. يا صفوةَ العَرَبِ بنتُ الذّبيحِ أنا .. بالأصلِ والنّسَبِ أمي التي هرولتْ من مروةٍ لصفا جدي وجدكمو .. أبٌّ لكلِّ نبي صلوا على من هدى كلَّ الأنامِ، هو.. الأميُّ، والمصطفى للعلمِ، من عجبِ كونُ المياهِ على جنبيْ خميلتِنا لا مِن فراغٍ .. ولا حظٍ .. ولا لعبِ هذا .. “سياجٌ” كأنّ .. اللهَ مُنشِئهُ يحمي جنانًا من الزيتونِ والعنبِ طوفوا بأعينكمْ، هل بالرُّبى كرُباكم طُهِّرَتْ بخفافِ الرُّسْلِ .. والكُتبِ؟ نحن الشعوبُ .. ولا نُعنى بخارطةٍ أو عملةٍ صعدتْ، نِفطٍ .. ولا ذهبِ نحن الشعوبُ رعاةُ الأرضِ ما بقيتْ من (حدِّ)(سلطنةٍ) ..للمغربِ العربي نحن الشعوبُ، ورغم الحادثات نرى كل السلام لجارِ القُربِ .. والجُنُبِ دُمْنا بوحدتنا .. (ماذا؟!) .. بوحدتنا فالعروةُ ال (وُثِقتْ) -بالله- لم تَذُبِ (سودانُنا) واحدٌ؛ من سنَّ قِسمتَهُ؟ هل قالَ(واعتصموا)-حاشا-بلاسببِ؟ (صنعا)تضمُّ(فراتَا)في(الحجازِ)سرى بل مرَّ من(ليبيا) (الدجلة) (الحلبي) و(النيلُ) من(ضفةٍ) بالنصرِ مُرتَسِما في (مصرَ) قال: “أنا ردعٌ لمغتصبِ” يا شعبُ ياعربي .. أنتمْ حماةُ ثرى حماةُ جغرافيا .. تاريخها ذهبي قولوا لجيلٍ أتى بعض الفضا كَذِبٌ -والله- فتنتُكمْ من كاذبٍ وغبي ألا أسرُّ لكم .. نصحا يُحصِّنكمْ “أفشوا السلام”، وذا قولٌ لخيرِ نبي. 15
مشاركة :