تصاعد التوتر في القدس يُهدد العلاقات الإسرائيلية - الأردنية بانتكاسة

  • 4/27/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد مدينة القدس تصعيدا إسرائيليا هذه الأيام باقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى، في خطوة تضع على المحك لا فقط جهود إحلال السلام بين الفلسطينيين وتل أبيب ولكن أيضا العلاقات الإسرائيلية – الأردنية. وسارعت عمان إلى استدعاء القائم بأعمال سفارة تل أبيب لديها في الثامن عشر من الشهر الجاري في خطوة ردت عليها إسرائيل بالقول إنها “تُضر بجهود إحلال السلام” ما ينذر بانتكاسة في العلاقات بين الطرفين. وتجمع عمان وتل أبيب معاهدة سلام جرى توقيعها عام 1994، تبعتها اتفاقيات أخرى. ومضت الـ28 عاما الماضية وسط تباين واختلاف في مستوى العلاقات، كانت تل أبيب عامل التوتر فيها، خاصة مع استمرار اعتدائها على دور المملكة في الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية بمدينة القدس المحتلة. محمد المومني: مرحلة ما بعد عيد الفطر ستشهد لقاءات بين الأردنيين والإسرائيليين وشهدت العلاقات بين الأردن وإسرائيل جفاء في عهد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو (2009 ـ 2021)، لدرجة دفعت العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى وصفها خلال جلسة حوارية في واشنطن بأنها “في أسوأ حالاتها”، لكن تلك العلاقات شهدت انفراجة في عهد رئيس الوزراء نفتالي بينيت. وفي إطار مساعيه لحماية القدس يستخدم الأردن في معظم الأحيان أدواته السياسية، عبر إعطاء أي انتهاكات بحق المقدسات زخما دوليا، مصحوبا بحراك على مختلف الأصعدة؛ ليضمن ويؤكد بأنه موجود. وفي مارس 2013 وقع العاهل الأردني والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تعطي المملكة حق “الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات” في فلسطين. ووفق مراقبين، فإن إسرائيل تدرك أن الأردن لاعب أساسي لا يمكن تجاوزه في ما يتعلق بالقدس، لكنها سعت عبر اتهامها له بالإضرار بعملية السلام لمحاولة صرف الأنظار عن تجاوزاتها، لاسيما بعد الحرج الذي سببته لها خطوة الأردن. والتطورات الأخيرة بالمسجد الأقصى تُنذر بمعطياتها وحيثياتها بأن علاقات إسرائيل والأردن أصبحت على المحك، وربما تعود إلى وضعها السابق بعد أن شهدت انفراجة نسبية، لكن من المرجح أن تحاول تل أبيب تدارك ذلك. في أسوأ حالاتها مع ذلك، فإن من المتوقع أن تشهد فترة ما بعد عيد الفطر لقاءات رفيعة بين الجانبين؛ منعا للمزيد من تدهور العلاقات، بحسب المراقبين. عبدالمهدي القطامين: العلاقات الأردنية - الإسرائيلية في أسوأ حالاتها الآن ومنذ أيام يسود توتر في القدس وساحات “الأقصى”، جراء اقتحامات إسرائيلية للمسجد، تزامنت مع عيد الفصح اليهودي الذي انتهى الخميس الماضي، بعد أن استمر أسبوعا. يدفع التصعيد الأخير في القدس الذي تفجر بعد اقتحام المسجد الأقصى نحو المزيد من تعكير العلاقات الأردنية – الإسرائيلية، خاصة أن هذه الاعتداءات ليست الأولى ولا يبدو أنها ستكون الأخيرة. وقال الكاتب والمحلل السياسي عبدالمهدي القطامين إن “ما يجري في الأقصى وعموم فلسطين من تجبر إسرائيلي، هو نتيجة حتمية للضعف العربي تحديدا”. وأضاف القطامين “الحكومات اليمينية المتطرفة في إسرائيل تدفع باتجاه حل وحيد تعتقده وتؤمن به، وهو الوطن البديل (للفلسطينيين)، لكن مثل هذا الحل مازال يواجه الرفض العربي والأردني تحديدا، وكذلك المعسكر الغربي والولايات المتحدة”. وأردف “من الصعوبة بمكان تحديد هوية المخطط القادم؛ فإسرائيل على الدوام لا تعترف بأي اتفاقية أو معاهدة، ولعل مسألة الوصاية الهاشمية على القدس التي تعصف بها الأحداث الأخيرة خير دليل على إخلالها بأي اتفاق، على الرغم من اللقاءات الأردنية – الإسرائيلية رفيعة المستوى”. واستدرك “إلا أن ذلك لم يغير من عدوانية إسرائيل شيئا، فهي تستبيح الأقصى كل حين ومتى شاءت”. أحداث القدس دفعت عمّان إلى استدعاء القائم بأعمال سفارة تل أبيب في الأردن في خطوة ردت عليها إسرائيل بالقول إنها تضر بجهود إحلال السلام وبيّن القطامين أن “العلاقات الأردنية – الإسرائيلية في أسوأ حالاتها الآن بعد اعتداءات الأقصى، على الصعيدين الرسمي والشعبي، ولكن ثمة تفاوت كبير بينهما”. ومن غير الواضح ما إذا كان الأردن سيصعد إثر هذه المستجدات خاصة في ظل التقارب الاقتصادي مع إسرائيل في قطاعين حيويين هما الطاقة والمياه. وقال القطامين إن “الموقف الشعبي يرفع سقف تطلعات الأردن إلى حد إلغاء معاهدة السلام (1994)، وطرد السفير الإسرائيلي، وإلغاء اتفاقيتي الغاز (2016) والماء (2021)”. أما الموقف الرسمي فهو “يتحرك بحذر دبلوماسي، ربما سقفه استدعاء السفير الأردني ورحيل السفير الإسرائيلي، وذلك أقصى ما يمكن أن يقوم به الجانب الأردني“ بحسب القطامين. لقاءات مرتقبة مشهد القدس "معقد سياسيا" مشهد "معقد سياسيا" يبدو أن التصعيد الأخير في القدس لن يدفع الأردن وإسرائيل إلى الذهاب بعيدا في التوتر الدبلوماسي حيث تراهن عمان دائما على وصول حكومات معتدلة في تل أبيب تتبنى مسار سلام على أساس حل الدولتين، بينما هناك ترقب للقاءات ستعقد بعد شهر رمضان بين الطرفين. ووصف محمد المومني عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان الأردني) مشهد القدس بـ”المعقد سياسيا”. ودافع المومني، وهو وزير إعلام أسبق، عن موقف بلاده، مُعتبرا أن إسرائيل شنت هجمة سياسية وإعلامية على الأردن، وهو موقف “منحاز وغير موضوعي، ومن شأنه تأجيج المشهد لا تهدئته”. وأوضح أن “تل أبيب تنظر إلى موقف الأردن من أحداث القدس والأقصى الأخيرة بأنه مختلف عن الغرف المغلقة ويتصف بالازدواجية”. وأرجع المومني حديث إسرائيل عن الأردن بتلك الطريقة إلى “أسباب داخلية لدى تل أبيب، في مضمونها تُجافي الأسباب الموجبة للسلام، ما أدى بالتالي إلى خلق حالة من التشكيك الشعبي لدول المنطقة بمواقف حكوماتها”. إسرائيل تدرك أن الأردن لاعب أساسي لا يمكن تجاوزه في ما يتعلق بالقدس، لكنها سعت عبر اتهامها له بالإضرار بعملية السلام لمحاولة صرف الأنظار عن تجاوزاتها وعلى الرغم من ذلك، فضّل المسؤول الأردني موقف حكومة إسرائيل الحالية عن سابقتها، مدللا على ذلك بعدم سماحها بذبح القرابين، التي كانت مقررة خلال فترة الأعياد اليهودية. واستدرك “لكن ذلك يستدعي حتما خوض نقاش استراتيجي عميق مع المؤسسات الإسرائيلية، بما يضع حدا لخطاب الكراهية وينهي الازدواجية، بما يحقق بالتالي سلاما عادلا وشاملا، يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة”. وأكد أن “الملك عبدالله الثاني، ومن منطلق وصايته على المقدسات الإسلامية والمسيحية، خاض حراكا موسعا مع مختلف الرؤساء والملوك والمسؤولين الأوروبيين والأميركيين؛ ليضع حدا للانتهاكات في الأقصى، ما أدى إلى فضح تلك الممارسات وكشفها للمجتمع الدولي بمختلف أطيافه”. وتوقع المومني أن تشهد مرحلة ما بعد عيد الفطر لقاءات مكثفة بين الجانبين الأردني والإسرائيلي؛ لأن “تل أبيب تُدرك تماما بأنه لا يمكنها بأي حال من الأحوال تجاوز دور عمان، خاصة مع الترابط الجغرافي والديموغرافي والسياسي بين فلسطين والمملكة”. قال صايل السرحان أستاذ العلوم السياسية في جامعة آل البيت (حكومية) إن الاستفزازات الإسرائيلية كانت “محاولة تقويض للجهد الأردني لكنها أدت إلى تداعي المملكة لعقد لقاءات عربية موسعة؛ لتدعيم موقف فلسطين، ودعم الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، بالإضافة إلى جهود أخرى على المستويين الإقليمي والدولي”. PreviousNext واستطرد “هذا يعكس أهمية القضية الفلسطينية بالنسبة إلى السياسة الخارجية للمملكة، حتى أن الملك كان يتابع من ألمانيا عندما كان يتلقى العلاج هناك”. وبيّن السرحان أن “الجهود الأردنية آتت أكلها في تراجع الإسرائيليين عن مواقفهم وإجراءاتهم بشكل نسبي، خاصة في ما يتعلق بعدم السماح بذبح القرابين في أعيادهم”. وزاد “إسرائيل تحاول استغلال هذه الفترة التي يمر بها النظام الدولي بشكل عام، والإقليمي بشكل خاص، بحالة من المخاض، نتيجة وجود بؤر ساخنة؛ لتحقق مكاسب في هذا المجال”. وأكد “لا شك أن الاستمرار في هذه الممارسات الإسرائيلية سيؤدي إلى أكثر من تعكير صفو العلاقات مع عمان، وصولا إلى التوتر، وربما الجفاء كما كان في حقبة نتنياهو”. وشدد على أن “الأطراف الدولية الفاعلة، وعلى رأسها واشنطن، تسعى للضغط على إسرائيل؛ منعا لاشتعال المنطقة، ولتتفرغ وتكسب المزيد من التأييد في وجه قوى دولية صاعدة، مع قناعتها بدور الأردن المحوري في هذا الملف”.

مشاركة :