يعطي التحسن الذي طرأ على أداء السياحة الإماراتية في الفترة الأخيرة نظرة فاحصة حول التأثيرات العميقة، التي ستدعم القطاع خلال الفترة المقبلة، بينما تأمل الحكومة الاتحادية إعادة وتيرة نمو اقتصاد البلد الخليجي. ويبدو القطاع السياحي على مشارف تحقيق مستويات ما قبل الأزمة الصحية التي أدت إلى فرض إغلاقات اقتصادية وتعليق حركة السفر إلى البلاد. ولكي يتم البناء على أحدث المؤشرات المسجلة للقطاع اعتمد مجلس الإمارات للسياحة الثلاثاء مجموعة من القرارات للنهوض بالسياحة باعتبارها أحد أبرز المجالات غير النفطية المساهمة في النمو الاقتصادي إلى جانب الصناعة والصادرات. أحمد الفلاسي: النتائج تؤكد المنحى الإيجابي السريع الذي يحققه القطاع وقال أحمد الفلاسي وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة خلال الاجتماع الأول للمجلس الذي يرأسه إن “العديد من المؤشرات تقترب من معدلات النمو التي تم تحقيقها في فترة ما قبل الجائحة العالمية”. ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى الفلاسي قوله إن “النتائج تبين تحقيق تعاف تام للقطاع السياحي الإماراتي وتؤكد المنحى الإيجابي الذي يحققه بصورة متزايدة”. وأشار إلى أن النتائج هي ثمرة لتضافر الجهود الحكومية وكفاءة القطاع الخاص السياحي بهدف توفير بيئة سياحية محلية جاذبة وآمنة وخدمات سياحية رائدة ومتكاملة ووجهات متنوعة وفريدة وبنية تحتية متطورة. ومنذ أكتوبر تقريبا أظهر نشاط السياحة تحسنا ملحوظا بفضل استضافة دبي لفعاليات معرض إكسبو 2020، الذي تأجل جراء قيود الإغلاق. وأكد الفلاسي أن الفعاليات والمبادرات الكبرى التي نظمتها البلاد خلال المرحلة الماضية ساهمت في تحقيق نمو إيجابي ورفد السياحة بمقومات تنموية كبيرة. ولفت إلى أن في مقدمة تلك الفعاليات معرض إكسبو الذي نجح في استقطاب أكثر من 24 مليون زائر خلال ستة أشهر، والنسخة الثانية من حملة “أجمل شتاء في العالم” التي حققت خلال شهر ونصف الشهر إيرادات بلغت 1.5 مليار درهم (410 ملايين دولار) وجذبت أكثر من 1.3 مليون سائح محلي. وأظهرت نتائج القطاع لعام 2021 أن المنشآت الفندقية استقطبت 19 مليون نزيل بنمو يزيد على 29 في المئة مقارنة بأعداد النزلاء في العام السابق. وبحسب الأرقام التي نشرها المجلس استحوذت السياحة الداخلية على 58 في المئة من إجمالي عدد النزلاء مقابل 42 في المئة للزوار الأجانب. وتم خلال العام الماضي حجز أكثر من 75 مليون ليلة فندقية، فيما بلغت نسبة الإشغال الفندقي 67 في المئة، علما بأن هذه النسبة تمثل إحدى أعلى النسب المحققة في الوجهات السياحية الرائدة على مستوى العالم. عصام كاظم: روسيا لا تزال سوقا مهمة للسياحة بالنسبة إلى إمارة دبي واللافت في كل ذلك، وهو أمر ساعد في تحقيق هذه المؤشرات الإيجابية، زيادة عدد المنشآت الفندقية في البلاد خلال العام الماضي بنسبة خمسة في المئة على أساس سنوي ليبلغ 1144 منشأة. وأدت عودة الحركة السياحية في البلد الخليجي الثري إلى نمو الإيرادات في نهاية المطاف بواقع 70 في المئة لتصل إلى نحو 28 مليار درهم (7.6 مليار دولار)، وذلك بالمقارنة مع العوائد التي تم جنيها في العام السابق. ويأتي انعقاد المجلس مع تأكيد عصام كاظم الرئيس التنفيذي لدائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء أن روسيا لا تزال سوقا مهمة للسياحة بالنسبة إلى دبي. وقال إن “السياح الروس ما زالوا يزورون دبي وإن المدينة ستبقى فاتحة أبوابها لاستقبالهم”. وبينما تقود إمارة أبوظبي اقتصاد البلاد من خلال الأنشطة النفطية ونشاط الأعمال، تشكل دبي نقطة سياحية إقليمية وعالمية مهمة بفضل الاستراتيجية التي تتبعها حكومة الإمارة لترقية هذا القطاع الحيوي. وعرفت الإمارات، وهي ثاني أكبر اقتصاد عربي بعد السعودية، تحوّلات اقتصادية كبيرة في السنوات الأخيرة واستثمارات ضخمة في مجالات النفط والنقل والتكنولوجيا والسياحة ومعظم القطاعات الأخرى لتصبح مقرا لأعداد كبيرة من الشركات العالمية الكبرى. وحتى تتم تنمية أعمال القطاع خلال الفترة المقبلة يعكف مجلس الإمارات للسياحة على تطوير مشروع “الحساب الفرعي للسياحة” لتقديم منظومة متكاملة للبيانات السياحية، والذي تشارك فيه أكثر من 15 جهة حكومية بالشراكة مع منظمة السياحة العالمية. وكانت الإمارات قد وقعت اتفاقية الشراكة والتنسيق مع منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة لدعم تطوير هذا النظام الإحصائي حيث ستوفر المنظمة الدعم التقني والمعرفي في هذا المجال. ويساهم مشروع الحساب الفرعي للسياحة في زيادة كفاءة نظام الإحصائيات السياحية بالدولة حيث يقيس المؤشرات الاقتصادية لقطاع السياحة ومدى مساهمتها في الاقتصاد المحلي وسوق العمل. Thumbnail وأكد الفلاسي أهمية العمل بصورة مشتركة ومتكاملة بين جميع الجهات المعنية لدعم هذا المشروع وتوفير البنى التحتية التقنية والكوادر البشرية اللازمة لتطويره باعتباره خطوة مهمة لتحقيق نقلة في مجال البيانات السياحية. وقال إن “المشروع سيساعد في توفير قاعدة معرفية شاملة وموثوقة تعزز عملية صنع القرار ورسم السياسات المستقبلية في ما يخص التنمية السياحية في الإمارات”. وقبل أزمة الجائحة تلقى القطاع دفعة كبيرة للمضي قدما في تحقيق المزيد من الإنجازات، وذلك بعد استحداث الحكومة تأشيرة سياحية متعددة الدخول لمدة 5 سنوات لجميع الجنسيات، في خطوة تهدف إلى المحافظة على الزخم السياحي الذي شهدته الدولة. وتسهم التأشيرة السياحية في دعم استراتيجية الإمارات الرامية إلى جذب المزيد من الزوار الأجانب وتوفير أفضل التجارب لهم لتحفيزهم على تكرار الزيارة. وبالإضافة إلى ذلك فإن التأشيرة تنوع الأسواق المستهدفة، لما لها من تأثير كبير في تبسيط إجراءات السفر إلى الدولة، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على مختلف القطاعات الاقتصادية. وشكّل العام 2019 الذي سبق انتشار جائحة كورونا علامة فارقة لقطاع السياحة البحرية في العاصمة الإماراتية، حيث شهد نموا ملحوظا تمثّل في استقبال حوالي نصف مليون زائر عن طريق السفن السياحية، بزيادة نسبتها 46 في المئة بالمقارنة مع العام 2018.
مشاركة :