هل تحسمها قمة الكويت؟! - د.زهير الحارثي

  • 12/10/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بصراحة متناهية الشعوب الخليجية اليوم تعيش لحظة مفصلية في تاريخها الحديث المعاصر، فهي ترنو بل وتتوق الى صدور قرار سياسي جريء ومباشر وجاد في إنهاء حقبة التعاون والدخول في مرحلة الاتحاد. وهذا يعني إيجاد تكتل قوي يقف امام كل التحديات والمخاطر التي بدأنا نشعر بقدومها وإفرازاتها، وبالتالي فالمؤمل ان تبرهن القمة المنعقدة في الكويت بانها على قدر حجم المسؤولية، وان تشيع قدرا من الاطمئنان لشعوبها بدلا من القلق والخوف والتشاؤم الذي ينتابهم من المستقبل. تحديات كبيرة وغير مسبوقة تواجهها دول الخليج والتي تأتي متزامنة مع انعقاد قمتهم السنوية المعتادة، ما يعني انه لم يعد كافيا بقاء كيان مجلس التعاون الخليجي على حاله هذه بل بات الامر يستدعي ضرورة إصلاحه وتغييره جذرياً، لأنه بآلياته وأدواته الحالية لم يعد يلبي متطلبات المرحلة. خادم الحرمين الملك عبدالله أدرك مبكرا تلك المعضلة التي اعاقت نمو المجلس ما دفعه بالمطالبة بضرورة ان يتحول المجلس الخليجي الى اتحاد فاعل ومنتج. كانت دعوته تلك مفاجأة بكل المقاييس ولكنه دائما الزعيم الذي يبادر في اتخاذ القرارات الشجاعة والجريئة في الوقت المناسب. ولعل التحولات والمتغيرات المتسارعة في المنطقة جاءت لتكشف بحق عن بعد نظر الملك لان مبادرته هي تشخيص للواقع وتنبؤ للقادم من الأيام. الملك لم يكن يبحث عن مجد شخصي وهو في غنى عنه، بل بادر لإعلان الخطوة التاريخية حينذاك انطلاقا من مشاعره الصادقة وما يمليه عليه دينه وضميره واخلاقه بدليل انه فعلا استشعر دقة المرحلة وخطورة اللحظة التاريخية التي لم تعد تقبل بأي نوع من المجاملات. المؤمل من القمة التكيف مع المعطيات الجديدة، وايصال رسالة لكل الأطراف في أن وقت المجاملات والمماحكات قد ولى، فالظرف الإقليمي ودقة المرحلة يستدعيان تكاتفا جادا يدرك خفايا تاريخ المنطقة ويستوعب حساسية الجغرافيا وتعقيداتها، فالظرف الراهن لا بد وان يدفع المجلس للخروج من بوتقته الحساسة طبعا صحيح أن مجلس التعاون الخليجي نجح نسبيا ومرحليا في مواجهة التحديات والتحولات المفاجئة على الصُعد كافة من سياسية واقتصادية فضلا عن الحروب التي اكتوت دول المنطقة بأضرارها وآثارها، وبقي كيانه مجسدا، وتوالت القمم رغم المصاعب، ولكن الإشكالية بقيت كما يبدو في تركيبة الآلية التي يقوم عليها المجلس، ما جعل محصلته أدنى بكثير مما يأمله المواطن الخليجي. فمثلا عند الحديث عن الملف الأمني،لا سيما في ظل الوضع الراهن، فان هناك ثمة ضرورة تقتضي دعم قوات "درع الجزيرة" وإعادة النظر في مفهوم الدفاع الخليجي/ العربي المشترك والبحث عن وسائل لتحقيق توازن استراتيجي في إقليم الخليج. ولعلنا نذكر هنا القرار الخليجي بدعم البحرين الذي جاء في لحظة حاسمة آنذاك، فالبحرين كانت في طريقها للفوضى والاضطراب وفق ما خطط لها، لولا أن دول الخليج دخلت على الخط وقطعت الطريق على من أراد سوءا بها. لم يعد التعاون الأمني بين دوله ترفا بل ضرورة استراتيجية لمواجهة التهديدات داخلية كانت ام خارجية، بدليل الطابور الخامس الذي تم اكتشافه عبر خلايا تجسسية في بعض دول الخليج، فضلا عن التغلغل الاخواني عن طريق فئة مؤدلجة تبين انتماؤها للجماعة قبل الوطن ناهيك عن الشروع في ملف الاصلاح الداخلي واهمية توقيته. ولذا بات تسريع وتيرة التحول الى اتحاد امرا مطلوبا وضروريا. لاسيما وان الثقل الذي يحظى به مجلس دول التعاون الخليجي في الآونة الأخيرة في تقديري له ما يبرره، فهو لم يأت من فراغ بل نتيجة لمواقف وتوافق وتنسيق سياسي لافت في ملفات ساخنة وضعته ضمن أهم التكتلات الفاعلة في المنطقة لاسيما على الصعيدين السياسي والاقتصادي. ولذلك فإن دول مجلس التعاون لا تهدف كما يقول الأمير سعود الفيصل لتحقيق مصالح توسعية أو غايات خاصة أو تتدخل في الشؤون الداخلية لغيرها. مشيرا إلى ان الأحداث أثبتت أن المجلس "يزداد صلابة ومناعة ووحدة وقدرة وهو ما حتم عليه أن يأخذ زمام المبادرة في تفعيل التفاوض العربي وتطويره " ومع ذلك فهذه الدول مستهدفة، بدليل ان وزير الخارجية الإماراتي قد طالب دول الخليج العربية بالتعاون فيما بينها لمنع جماعة الإخوان المسلمين من التآمر لتقويض الحكومات في المنطقة لاسيما وان هذا التنظيم العالمي لديه خبرة طويلة في العمل السياسي السري امتد لأكثر من 80 عاما، وما يؤكد ذلك ان الاستخبارات المصرية ورغم حرفيتها طوال الخمسين سنة الماضية لم تستطع أن تمنع وصول الاخوان المسلمين للسلطة في مصر. على أي حال هناك من يعتقد أنهم ما فتئوا يسعون للاستحواذ على موارد دول الخليج لدعم مشروع الخلافة وفق أدبياتهم الذي يحلمون به. فهم يحركون أتباعهم وعناصرهم في دول الخليج لتنفيذ هذا المخطط الذي يرمي إلى زرع الفتنة وزعزعة الأمن والاستقرار في بعض دول الخليج، ما يؤكد أنهم يخضعون لتنظيم سري عالمي عابر للقارات وكما اشار أحدهم بأنهم لا يحترمون الدولة القومية كما لاحظنا في محاكمة الاخوان في الامارات. إن المؤمل من القمة التكيف مع المعطيات الجديدة، وايصال رسالة لكل الأطراف في أن وقت المجاملات والمماحكات قد ولى، فالظرف الإقليمي ودقة المرحلة يستدعيان تكاتفا جادا يدرك خفايا تاريخ المنطقة ويستوعب حساسية الجغرافيا وتعقيداتها، فالظرف الراهن لا بد وان يدفع المجلس للخروج من بوتقته الحساسة والنظر الى المشهد من موقع شمولي، لان الأمر لم يعد يتعلق بالمواجهة والتحدي وإنما بالوجود إن ارتهنا للموضوعية والشفافية.

مشاركة :