وجدت أوروبا نفسها في ورطة بعدما أعلنت مجموعة غازبروم الروسية العملاقة للطاقة أنها قطعت جميع إمدادات الغاز عن بلدين عضوين في الاتحاد في أقوى رد حتى الآن من موسكو على العقوبات المشددة التي فرضها الغرب. وأوقفت غازبروم الأربعاء الإمدادات إلى بلغاريا وبولندا بسبب عدم سدادهما مدفوعات الغاز بالعملة الروسية. وباتا بذلك أول بلدين يتعرضان لهذه المشكلة من قبل المورد الرئيسي للقارة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا أواخر فبراير الماضي. وقالت المجموعة الروسية في بيان إنه “تم تعليق إمدادات الغاز إلى بولغارغاز (بلغاريا) وبي.جي.أن.آي.جي (بولندا) بالكامل بسبب عدم سداد المدفوعات بالروبل”. أورسولا فان دير لاين: قرار غازبروم محاولة روسية أخرى لابتزازنا بالغاز وحذرت من أنه في حال قامت بلغاريا أو بولندا بـ”سحب غير مرخّص” للغاز الروسي الذي يمر إلى دول ثالثة، فإنه “سيتم خفض الإمدادات المخصصة للعبور بنفس الكم”. وفي الوقت الذي أكدت فيها كل من وارسو وصوفيا من أن وقف الإمدادات يعد خرقا للعقد من جانب غازبروم أكبر شركة للغاز الطبيعي في العالم، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه مستعد لسيناريو توقف الغاز الروسي، لافتا إلى سعيه لاتخاذ رد فعل منسق تجاه ذلك. واعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لاين في بيان إن قرار غازبروم “هو محاولة أخرى من جانب روسيا لابتزازنا (دول الاتحاد) بالغاز”. وقالت “نحن على استعداد لهذا السيناريو ونخطط لاستجابة منسقة”. وتابعت “نقف متحدين ومتضامنين مع الدول الأعضاء المتأثرة” من القرارات الروسية. وأتاحت سيطرة روسيا على أنابيب الغاز في أوروبا فرصة فرض شروطها في تحصيل مدفوعات الإمدادات بعملتها المحلية كرد على محاولات عزلها عن العالم مما يعني أن حماية نظامها المالي والمصرفي في وجه الحظر الغربي بات ممكنا. ويقول محللون إن الخطوة لها أهداف متعددة منها دعم قيمة العملة الروسية وزيادة الاحتياطات النقدية لدى المركزي وفي نفس الوقت دفع الغرب لاعتماد نظام التحويلات البنكية الروسية المعادل لنظام سويفت لتسوية مدفوعاته مقابل استيراد النفط والغاز الروسيين. وكان الرئيس فلاديمير بوتين قد أمر الشهر الماضي بأن تدفع الدول الأوروبية ثمن الغاز بالروبل بعد أن جمّد الغرب الأصول الروسية وعزل موسكو إلى حد كبير عن النظام الاقتصادي الغربي. وطالب بوتين الدول التي يصفها بأنها “غير صديقة” بالموافقة على خطة تفتح بموجبها حسابات في غازبروم بنك وتسدد مدفوعات واردات الغاز الروسي باليورو أو بالدولار الذي يمكن تحويله إلى روبل. وقالت غازبروم “يجب سداد مدفوعات الغاز الذي تم توريده اعتبارا من الأول من أبريل 2022 بالروبل باستخدام تفاصيل المدفوعات الجديدة، والتي تم إبلاغ الأطراف المعنية بها في الوقت المناسب”. وأكدت بولندا مرارا أنها لن تدفع مقابل الغاز الروسي بالروبل وتعتزم عدم تمديد عقد الغاز مع غازبروم بعد أن ينتهي في نهاية هذا العام. وكان مقرّرا أن تنتهي الإمدادات الروسية من الغاز إلى بولندا في وقت لاحق من هذا العام على أيّ حال، بعدما عملت بولندا لسنوات عديدة على تأمين الإمدادات من بلدان أخرى. وينقل خط أنابيب يامال – أوروبا الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بولندا، على الرغم من أنه كان يعمل في معظم الوقت بصورة عكسية هذا العام، حيث كان ينقل الغاز شرقا من ألمانيا. وبلغاريا هي بلد عبور إمدادات الغاز إلى صربيا والمجر. وقال وزير الطاقة البلغاري ألكسندر نيكولوف إن بلاده “دفعت تكاليف شحنات الغاز الروسي لشهر أبريل وإنّ وقْف إمدادات الغاز سيكون خرقا لعقدها الحالي مع غازبروم”. وأضاف “لأننا نفّذنا جميع الالتزامات التجارية والقانونية، فمن الواضح أنه في الوقت الحالي يتم استخدام الغاز الطبيعي كسلاح سياسي واقتصادي في الحرب الحالية”. ورغم ذلك، تقول بولندا إنها مستعدة للحصول على كمية الغاز الناقصة من مصادر أخرى. وكتبت وزيرة المناخ آنا موسكفا على تويتر “لن يكون هناك نقص في الغاز في المنازل البولندية”، مضيفة “منذ اليوم الأول للحرب، قلنا إننا جاهزون لاستقلال تام عن المنتجات الخام الروسية”. ولن يكون الأمر استثنائيا بالنسبة إلى اليونان أيضا حيث من المقرر أن تعقد الحكومة اجتماعا طارئا لبحث سداد الدفعة التالية لغازبروم أواخر الشهر المقبل حتى تقرر ما إذا كانت ستمتثل لطلب موسكو بإتمام الدفع بالروبل. وتعمل أثينا على تكثيف قدرتها على تخزين الغاز الطبيعي المسال، ولديها خطط طوارئ لتحويل العديد من قطاعات الصناعة من الغاز إلى الديزل كمصدر طارئ للطاقة، حسب المصدر ذاته. ويدرس الاتحاد الأوروبي منذ فترة إمكانية الحد من استخدام الغاز الروسي مهما كانت التكاليف دون وجود نية لفرض حظر عليه كما فعلت الولايات المتحدة لكن من المستبعد تحقيق طموحهم سريعا.
مشاركة :