لغة الزمان تغيرت فغيرت فينا الكثير

  • 4/30/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

فقدنا متعة القراءة، فقدنا متعة التعبير، فقدنا قيمة التدبير، فقدنا عنوان التفكير، فقدنا التواصل البناء، فقدنا الأمانة التي في أعناقنا أبنائنا وتربيتهم، فقدنا المكانة التي كنّا فيها، من التقبل والتعامل والتواصل، المجالس والمجالسة، فقدنا صورة الحياة واقعها، وبتنا بحال في عالم الافتراض. فقدنا بعض الصلوات، لأننا أجهدنا أنفسنا لكي نكون متواجدين طول الوقت في صفحات التطبيقات، ومواقع التواصل الاجتماعي، ومنا من فقد صلاة الفجر، لأنه عبث أراد أن يكون ملما بكل أخبار العالم كي لا يفوته شيء، ومنا من فقد صحته، ليعيش في عالم غابت عنه الحقيقة والواقع. ومنا من فقد عليا الدرجات في الجامعة، بل بعضهم فقد مستقبله الجامعي بأكمله، ومنا من أفتقده أصحابه، ويقابلهم بين الحين والآخر بعد وقت طويل، لقاء بلا طعم ولا قيمة، ومهما قلنا فقد فقنا ولا زلنا نفقد فالواقع الافتراضي يواصل جهده فينا ليفقدنا المزيد، يحرمنا من لحظات الحقيقة، ويأسرنا للحظات الخيال، وقد خسرنا ولا نزال نخسر، جهدنا وجدنا وعنواننا وقيمتنا وقيمنا وإنسانيتنا، العصبية دارنا، الغصب عمادنا، سوء المعاملة خصالنا، وقس فالرواية تحكي الكثير. لنعترف بالواقع مهما نظرنا للإيجابيات التي نجنيها من قضاء أوقات طويلة في الهاتف والتطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعية، إلا أننا وبلا شك نفقد أشياء كثيرة من خصوصياتنا، تمضي بنا الأيام ولا نشعـــــر، سنة بعد سنة ولا نحس أو نشعر، نقول هي قصيرة في عمر الزمن، ولكن من أعمارنا إنها طويلة، فالقليلون منا من لم يفقد شيئاً لأنه عرف أن يقنن وجوده فيها والكثيرون من يقضون الساعات خلف الساعات، خلف الجهاز ولا يشعرون بعد فترة من الزمن إلا وقد فاتهم الكثير والكثير. كثيرون هم أصحاب رسالة، وكثيرون أيضا عكس ذلك، وكثيرون أيضا ما بين وبين، نحن لا نشعر ولكنهم يشعرون أو نحن نشعر وهم لا يشعرون اهتمامهم بطرح المواضيع، يريدون اثبات وجود ونريد إثبات وجودنا، يكافحون ونكافح نحن من أجل طرح والمواضيع التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ثم تذهب إلى أدراج الفضاء الذي لا فضاء له، أفكار نستقيها من هنا وهناك، خدمة قص ولصق، ولا فائدة وإن كانت هنالك فهي عصارة، وعصارة أفكار نسكبها في أطباق لعلها تجد من يستفيد منها، وبلا شك أن الاستفادة واردة، ولكن في لحظة نشعر بأن وجودنا غريب،نعم لأننا نكتشف أن الكثير من الأقنعة إما كانت مجاملة، أو كانت تجيد فن الارتقاء على الأكتاف، ولو تركت لوحدها ما عاشت، ما أنتجت، ما قدمت، ما أعطت، ما خدمت، ولتلك الأسباب تُخلق الفتن، وتزيد المحن، ونتقاطع من جديد، حرباً ضروس أعمدتها حروف الهاتف لا القلم. لا عمق موجود، ولا حب بحدود، أنت معي أو أنت ضدي، أنا معك أو أنت لست معي، ثم نصطدم بوجوه جديدة، لم تعرف بعد فن الاستئذان والدخول في هدوء لتستفيد، والحقيقة مرة الخلاصة بعد هذه الكلمات الطويلة، فقدنا عصرنا الماضي، ولم نحكم بحاضرنا القاضي، فكيف يكون لنا مستقبل. إن ما نحتاجه اليوم إعادة جدولة حياتنا، وفرص حياتنا لنغتنم ونغنم، فالهاتف والأجهزة الإلكترونية لن تصنع فينا إنسان، إنما القيم النبيلة والمبادئ الفضيلة، وتعلم الإسلام، وبيان الإحسان، والصوم والقيام، وحب الإنسان، تلك ما سيعيد وجودنا، بالتواصل لا التفاضل، بالمحبة لا المجاملة، بالإخاء الصادق لا المدح الكاذب، وما أحوجنا إلى أن نعود للمرحلة السابقة لنعلم أننا وُجدنا كي نعمر الأرض لا أن نعيش في الفضاء الافتراضي، فلنفهم. اترك الهاتف وقتاً وعش حياتك تعش سعيد.

مشاركة :