في بلد يقطنه 1.4 مليار نسمة، تعد أي مشكلة صحية عامة مبعث قلق كبير، ولا يعد تفشي فيروس كورونا استثناء من ذلك. ومنذ مكافحة التفشي الأولي لكوفيد-19 في مقاطعة هوبي قبل أكثر من عامين مضيا إلى المعركة الراهنة ضد متحور "أوميكرون" شديد العدوى، تمسكت الصين دوما بنهج صارم للقضاء على أي حالات عدوى. وأظهرت تجربة الصين لمكافحة الوباء أن سياسة "صفر كوفيد دينامية" التي تنتهجها لا تعد الخيار الأمثل فحسب، بل كذلك الحد الأدنى الذي يجب التمسك به في أعمال البلاد الراهنة للوقاية من الوباء والسيطرة عليه. بيد أن جهود البلاد الفعالة لمكافحة الوباء مثل الإغلاقات المؤقتة للمدن والمصانع والمتاجر وتعليق الدراسة بالمدارس، ظلت موضع تشكيك متكرر من قبل عدد من وسائل الإعلام الغربية بوصفها بأنها صارمة أكثر من اللازم. وبينما لا يمكن إنكار حقيقة أن وقف العمليات الطبيعية للإنتاج قد يكون مُكلفا، إلا أنه من الحقيقي أيضا أن الفيروس يحصد الأرواح. وقد حصد الفيروس أرواح أكثر من ستة ملايين شخص حول العالم. وفي تناقض صارخ، بلغت حصيلة الضحايا في البر الرئيسي الصيني حوالي 5000 شخص. وبالتمسك بسياسة "صفر كوفيد دينامية"، تمكنت الصين من الحفاظ على أرواح الناس ورفاههم وقللت إلى أدنى حد ممكن تأثير الوباء على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومع عدد هائل من السكان، تواصل الصين مواجهة التنمية الأقاليمية غير المتوازنة، وكذلك ندرة الموارد الطبية وتوزيعها غير المتكافئ. وإلى جانب ذلك، فإن معدلات التطعيم بين كبار السن والأطفال ليست مرتفعة بما يكفي. وفي الصين يصل عدد من تبلغ أعمارهم 60 عاما فما فوق، وهي فئة معرضة بشكل كبير لمخاطر الإصابة بكوفيد-19، نحو 267 مليونا. ولا يمكن تخيل كم منهم ربما كان قد فارق الحياة ما لم تبذل الصين جهودا حثيثة لمكافحة الفيروس. تؤدي التدابير الصارمة لمكافحة الوباء حتما إلى آلام اقتصادية قصيرة الأجل، لكن سياسة "صفر كوفيد دينامية" تمثل بشكل عام سياسة لمكافحة الوباء تضمن التنمية الاقتصادية. وخلال الربع الأول من العام الجاري 2022، نما إجمالي الناتج المحلي للصين بواقع 4.8 بالمئة على أساس سنوي. وعلى خلفية التضخم العالمي، ظلت الأسعار المحلية مستقرة. وارتفعت قيمة تجارة السلع خلال تلك الفترة بنسبة 10.7 بالمئة. وحققت كبرى الشركات الصناعية بالصين نموا بأرباحها بلغ 8.5 بالمئة على أساس سنوي. وفي ضوء كل ما سلف، فإنه ليس من الصعب استنتاج أن سياسة "صفر كوفيد دينامية" تكمل وتعزز التشغيل الطبيعي للاقتصاد والمجتمع. وقد نسجت هذه السياسة شبكة أمان قوية لـ1.4 مليار مواطن صيني.
مشاركة :