في مواجهة الأزمة الأوكرانية، ومع إدراك مدى محدودية الخيارات العسكرية المتاحة لها، كان من المفهوم أن تلجأ الحكومات الغربية إلى توظيف ترساناتها الاقتصادية والمالية. فرضت مثل هذه العقوبات على بعض الدول من قبل، بدرجات متفاوتة من النجاح، لكن ليس بأي درجة من النجاح الذي حققته العقوبات المفروضة على روسيا الآن. من أبرز هذه العقوبات استيلاء الولايات المتحدة وحلفائها على قدر كبير من احتياطيات البنك المركزي الروسي من النقد الأجنبي، ومنع وصول بعض البنوك الروسية إلى نظام الرسائل المالية للمعاملات الدولية سويفت SWIFT. لقد تعلم العالم تعبيرا جديدا "الحرمان من سويفت"، وجرى استخدام النظام المالي كسلاح على نحو غير مسبوق. من السابق للأوان تقييم تأثير العقوبات المفروضة على روسيا، فلا يوجد حتى الآن ما يشير إلى حدوث تأثير حاسم في النظام الروسي أو سياساته. لكن الضرر الذي سيلحق باقتصاده في الأمد البعيد سيكون كبيرا في الأرجح. في الوقت ذاته لن يكون تأثير العواقب الحالية المترتبة على العقوبات التي يقودها الغرب مقتصرا على هدفيها المباشرين، روسيا وبيلاروسيا. تتساءل دول أخرى ما إذا كانت هي الأخرى قد تجد نفسها معزولة عن النظام المالي القائم على الدولار إذا تجاوزت حكوماتها أحد خطوط الولايات المتحدة الحمراء. وكانت الصين تشعر بالانزعاج لبعض الوقت إزاء احتمالات تعرضها للعقوبات المالية الأمريكية. لا أدرى ما إذا كان هناك معادل لغوي لتعبير "الحرمان من سويفت" في اللغة الصينية. لكن تشو شياو تشوان، محافظ بنك الشعب الصيني السابق، تحدث عن المخاطر التي تحدق بالصين من جراء العقوبات الأمريكية، ودعا إلى اتخاذ تدابير دفاعية لزيادة استخدام الرنمينبي في الأسواق العالمية. وتساءل آخرون صراحة ما إذا كان أي تحرك صيني ضد تايوان ليشعل شرارة عقوبات مماثلة من جانب الغرب. في الأعوام الأخيرة، اتخذت الصين خطوات للتخفيف من هذا الخطر. على سبيل المثال، أنشأت نظاما خاصا للدفع بين البنوك عبر الحدود، يستخدم صيغة الرسائل ذاتها التي يستخدمها نظام سويفت لتقديم التسويات بعملة الرنمينبي عبر الحدود بين أعضائه. وسجل هذا النظام نموا سريعا مع بعض المشاركة النشطة من بنوك غربية كبرى، وإن كان حجم المعاملات التي أجريت عبره قبل حرب أوكرانيا أقل من 1 في المائة من حجم المعاملات التي تتم عبر نظام سويفت. ورغم أن هذا الرقم من المرجح أن يرتفع مع سعي البنوك الروسية الممنوعة من الوصول إلى نظام سويفت إلى استخدام النظام الصيني كبديل، فستظل أحجام المعاملات أقل من أن تتسبب في إحداث فارق كبير... يتبع. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.
مشاركة :