شبح الركود يخيم على نمو الاقتصاد الأوروبي الهزيل

  • 5/2/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تُظهر المصانع الأوروبية بوادر التعثر وسط التضخم القياسي، والضغط الكبير على الإمدادات، الذي تضاعف بسبب الإغلاق الصارم لاحتواء فيروس كوفيد في الصين. ظهرت بالفعل علامات التراخي على انتعاش منطقة اليورو من الجائحة، حتى قبل مواجهتها لغيوم العاصفة الاقتصادية التي تعوق نموها. ولاح خطر الركود في الأفق خلال الأسبوع الجاري، بعدما أوقفت روسيا تدفقات الغاز إلى بولندا وبلغاريا، وهو ما يقدم لمحة عن السيناريو الذي ينتظر المنطقة. لكن حتى بدون تطبيق ترشيد الطاقة الذي قد ينجم عن هذه الخطوة، تميل التوقعات نحو التشاؤم، ويؤكدها النمو الأضعف من المتوقع الذي أُعلن عنه الجمعة. وتُظهر المصانع الأوروبية بوادر التعثر وسط التضخم القياسي، والضغط الكبير على الإمدادات، الذي تضاعف بسبب الإغلاق الصارم لاحتواء فيروس كوفيد في الصين. في غضون ذلك، قد تضيع فرص تعويض قضاء أوقات الفراغ والسفر لدى المستهلكين، ممن خرجوا لتوهم من الجائحة، خصوصاً أن زيادات الأسعار تؤدي إلى تآكل الدخل، ويمكن لفيروس كورونا نفسه أن يعاود الانتشار. اضطرابات خطيرة وتعكس الأسواق المالية الأوروبية التوقعات الضبابية، ويتنبأ الاقتصاديون في "مورغان ستانلي" – من بين مجموعة من المحللين- بحدوث "تباطؤ ملحوظ" في النصف الثاني من العام الجاري. وتستعد الشركات العملاقة بما في ذلك "باسف" (BASF) الألمانية لـ"اضطرابات خطيرة"، كما تحذر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن الحكومات تقلل من شأن تأثير الحرب في أوكرانيا. ويدل ذلك على أن العام الذي بدأ بتعزيز المنطقة لنموها بما يفوق مستويات ما قبل كوفيد، في ظل إمكانية الحصول على دعم من المساعدات المالية للاتحاد الأوروبي، بات مهدداً بالتحول إلى حلقة مؤسفة أخرى للبنك المركزي الأوروبي في تاريخ العملة الموحدة من الانتكاسات المحبطة للنمو. وقال أناتولي أنينكوف، المحلل الاقتصادي في بنك "سوسيتيه جنرال" بلندن: "قد يُظهر الاقتصاد مرونة في الفصول المقبلة، لكن المشكلة هي ما يمكن أن يحدث في نهاية العام. فنحن لا نعرف ما سنشهده مع نمو الأجور والتحفيز المالي في 2023، وهناك مخاوف كبيرة بشأن الصين، أيضاً بالنسبة لتكاليف الطاقة، ومن السهل أن تصبح متشائماً في ضوء الحرب". وبالنظر إلى السياق العام؛ نجد أن مؤشر الأسهم المرجعي في أوروبا عانى حتى يحافظ على قوته هذا العام، كما يغذي الهامش في السندات المخاوف من عودة التشتت إلى منطقة اليورو التي تضم 19 دولة. رأي الخبراء وقال المحللان الاقتصاديان مايفا كوزين وجيمي راش: مع وصول التضخم إلى 7.5% في أبريل، نتوقع تفاقم أزمة تكاليف المعيشة، إضافة إلى تقييد النمو في الربع الثاني. مؤشرات سلبية ولم تقدم بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول شيئاً يبعث على الأمل، إذ نمت منطقة اليورو بنسبة 0.2% فقط، أي أقل مما توقعه الاقتصاديون، متأثرة بالانكماش في إيطاليا، والركود في فرنسا، والنمو الأضعف من المتوقع في إسبانيا. ولم تكن المؤشرات منذ ذلك الحين أفضل بكثير. فإنتاج المصانع والطلبات الجديدة متوقفان تقريباً، كما تراجعت ثقة الشركات في الاقتصادات الكبرى منذ بداية العام. ووضع هذا العبء الأكبر على عاتق قطاع الخدمات الذي يقوّضه تراجع ثقة المستهلك. وقالت فيرونيكا روهاروفا، المحللة الاقتصادية في "كريدي سوسيس إنترناشيونال"، التي تتوقع نمو منطقة اليورو بنسبة 2.8% هذا العام: "سيشهد التصنيع ضعفاً كبيراً خلال الأشهر المقبلة، ومن الأرجح أن ينكمش في الربع الثاني. لكن رغم ذلك، سيكون قطاع الخدمات قوياً، ومدخرات الأسر مرتفعة، ولا تزال سوق العمل بحالة جيدة، والدعم المالي يضمن عدم تراجع الإنفاق". لكن رغم هذا الدعم، خُفِّضت التوقعات الاقتصادية لهذا العام، حيث قلّص صندوق النقد الدولي 1.1 نقطة مئوية من توقعاته هذا الشهر، ويتوقع الآن نمواً بنسبة 2.8%. فيما تنبأ معهد التمويل الدولي بتحقيق توسع بنسبة 1% فقط. رفع أسعار الفائدة وأقرّ مسؤولو البنك المركزي الأوروبي هذا الشهر بأن المخاطر التي تهدد النمو ارتفعت "بشكل كبير"، لكنهم لا يزالون متفائلين بقدرتهم على الانتقال السريع من مرحلة التحفيز في عهد الجائحة، لمرحلة مكافحة التضخم القياسي البالغ 7.5%، حسب البيانات التي نُشرت الجمعة. ويُروِّج بعض واضعي السياسات لإقرار أول زيادة في أسعار الفائدة منذ 2011 بحلول يوليو المقبل، ورغم وقف روسيا لتسليم تدفقات الغاز بالكامل إلى بولندا وبلغاريا، واحتمال قطع الإمدادات عن دول منطقة اليورو في الخطوة التالية، لا يبدو أن ذلك يردعهم عن هذا النهج. وقال ماديس مولر، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، الأربعاء: "سيكون لهذا تأثير مباشر أكثر سلبية وقوة بالتأكيد، لكن خطر الانكماش الاقتصادي في منطقة اليورو ككل سيكون منخفضاً على الأرجح". وأيضاً، ربما يكون التأثير في ألمانيا، أكبر اقتصاد في المنطقة، أكثر وضوحاً. وتوافق النمو في الربع الأول البالغ 0.2% مع التوقعات، لكن البنك المركزي الألماني يتوقع مخاطر تقلصه بنسبة 2% تقريباً هذا العام إذا تم تصعيد الحرب، وتسبب الحظر المفروض على الفحم والنفط والغاز الروسي في قيود على الصناعة. استهداف النفط وحذرت مجموعة كبيرة من الشركات، بما في ذلك "بي إم دبليو" و"تيسن كورب" (ThyssenKrupp) من أن الأرباح قد تتأثر، وقالت شركة "سنايبر"(Sniper)، الأربعاء، إن العواقب الاقتصادية لأي توقف في إمدادات الغاز ستكون "وخيمة". وأصر وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، هذا الأسبوع على أن فرض حظر كامل على النفط الروسي سيكون "من الممكن التعامل معه". في هذه الأثناء، يناقش الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة تستهدف النفط، وقد يعزز فوز إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية من تماسك الكتلة في مواجهة التحديات معاً. وخلال الشهر الجاري، أكد البنك المركزي الأوروبي أيضاً أن الإجراءات المالية لدعم الأسر في التعامل مع التضخم المتزايد تقدم مساعدة مجدية. ويمكن أن يوفر التوسيع المحتمل لمثل هذه السياسات، لا سيما في حالة قطع إمدادات الطاقة الروسية، حماية للاقتصاد، حتى لو كان ذلك على حساب المالية العامة. وقالت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، في اجتماعات صندوق النقد الدولي، التي عُقدت الأسبوع الماضي: "الإجراءات المالية، بما فيها تلك المتخذة على مستوى الاتحاد الأوروبي، ستساعد في تأمين منطقة اليورو من تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا". ومن المقرر الإعلان عن قرار السياسة النقدية التالي للبنك المركزي في التاسع من يونيو المقبل.

مشاركة :