الأستاذ علي بن موسى خرمي أستاذ اللغة العربية بلا منازع !! بلبل بيش الصداح في التسعينات ، العندليب البيشي .. عرفته بداية عندما دخلت المدرسة الابتدائية عام ١٣٩٠/١٣٨٩هـ ، ما لفت انتباهي وأنا صغير تلك النظافة وذلك الثوب والكبك الذي فيه ، نحن نعرف كل الأثواب حتى لو كنّا صغارا .. أول مرة في حياتي أرى واحد لابس ثوب له كبك ، كل الأثواب غالبا سادة . لم تطل مدة بقائه في المدرسة فلم أعده أره في المدرسة وغاب حتى رأيته مرة أخرى ممكن بعد سنتين في يوم عيد وهو يصور وكان مصلى العيد في ذلك الوقت عند مكان إفطار صائم جنوبا عنه بحولي ١٠٠ متر . نحن الصغار جرينا ناحيته وتعجبنا كيف ذي السوداء يطق عليها تسوي نور وتطلع الناس اللي جالسين والإمام وهو واقف فقال البعض هذه كاميرا تصوير ..أهاه تعلمنا كاميرا تصوير بس كنّا نستحي ونخجل ما نقول كاميرا ونقول ذيك اللي تصور الواحد .. تحققت من وجه المصور وتقربت منه وهو لابس ثوب أبيض ومشلح ورائحة العطر يعطر المصلى إن لم أبالغ تنبعث منه ، قلت في نفسي هذا الأستاذ الذي أريته في المدرسة أول ما دخلت .. وغاب وغبنا حتى دخلت المدرسة المتوسطة فوجدت الأستاذ علي جالس على كرسي عند الإدارة فعرفته وعرفت أن اسمه علي موسى خرمي وكان ذلك في عام ١٣٩٦هـ وهو في نفس السنة تولى إدارة المدرسة حيث ذهب الشيخ محمد بن حسين هجنبي الشماخي إلى جامعة الملك عبد العزيز أو جامعة أم القرى في دراسة لمدة سنة دبلوم الإدارة المدرسية . كانت سنة إدارة الأستاذ علي خرمي غير حقيقة بكثرة الأنشطة والرحلات المدرسية ومن تلك الرحلات رحلة لوادي بيش جهة مسلية في الشمال الشرقي في مكان جميل جدا وكان معنا مدرس مكاوي اسمه عمر محمد أبو الجدايل ومعنا مطرب يمني اسمه محمد درويش ومعنا معلمين مصرين وطلاب وطالب اسمه يحيى محمد سالم يرحمه الله من أشهر الراقصين فكان محمد درويش يغني ويحيى يرقص ونحن والأساتذة في قمم نشوانا وفرحنا وكان يوما لا ينتسى .. قبل أن يأتينا العم زكي معلم اللغة العربية المصري الأزهري كان الأستاذ علي خرمي هو الذي يأتينا في بعض مواد اللغة العربية وأذكر أول حصة دخل علينا وكان يسألنا فلم نجب أنا وولد عمتي محمد أبو هادي يرحمه الله وكنت ومحمد من طلاب ابتدائية بيش المتفوقين حتى كنّا دائما في المسابقات الثقافية ومحمد نجح بتقدير ممتاز وأنا جيد جدا والفرق بضع درجات بيني وبينه وأحصل الممتاز ، فلما سأل وما أجبنا وكذلك بعض الطلاب وأظن الزميل والعضو هنا عبد الله الحاذق هو الذي أجاب .. قال الأستاذ علي ، يمثل لنا على التوكيد أظن : لا تمدحنّ إمرءاً حتى تجربه ولا تذمنّه إلا بعد تجريب انتهت الحصة وقلت لمحمد والله الشعر فينا وروحت وأمسك كتب سادسة وأراجع القواعد والنصوص ولكن الحصة التي أتت في الأسبوع الثاني كان العم زكي قد وصل وبدأ يدرسنا مواد اللغة العربية . عندما يتحدث الأستاذ علي ويلقي كلمة الكل ينصت لجمال الإلقاء والخلو من اللحن والخطأ ، تخشع ورب البيت تخشع وكأنك تسمع محمد صديق المنشاوي يقرأ أو عبد الباسط . عندما زار معالي الدكتور حسين الجزائري وزير الصحة في عهد الملك خالد عام ١٣٩٨هـ وأفتتح مبنى مستوصف بيش في مبناه الحكومي كان الأستاذ علي يلقي كلمة الأهالي والوزير ومعالي أمير منطقة جازان الأستاذ محمد بن تركي السديري في دهشة وذهول وصمت عن الحركة من جمال صوت هذا العملاق والكلمات التي تطلع وكأنها جمل موسيقية تطرب الأذان . كذلك هو الذي ألقى كلمة الأهالي عندما عاد معالي الوزير ومعالي الأمير مرة ثانية ليفتتح المستوصف كمستشفى بعد اكتمال بناء الدور الثاني وأظن بعد سنتين أو ثلاث من المرة الأولى . الأستاذ علي شاعر رائع وهو أول مشرف تربوي من أبناء بيش عندما كانت كل جازان إدارة تعليمية واحدة . عندما أصبحت مشرفا تربويا كان الحظ يجمعني به في بعض الزيارات فأتعلم منه التواضع والأدب والتعامل الرائع ، فلم أره في مدرسة قفل الدوام كغيره من المشرفين ولا يأمر وينهي ولا يجلس على كرسي المدير ولا يوبخ ولا يرفع صوته بالأخطاء كان رائعا ومحبوبا في كل مدرسة يدخلها زيارة . ولا أنسى أنه كان رياضا فهو من مؤسسي الحركة الرياضية في بيش برئاسته لفريق النجدة أشهر فرق بيش في التسعينات مع فريق زحل ، ثم ترأسه لنادي بيش وأظن في عام ١٤٠٣ أو ١٤٠٤هـ. ولأن سنة الحياة والعمل التقاعد فقد تقاعد مخلفا إرثا من الأدب واللغة والشعر والتعامل والتواضع يعجز الخلف على جمعه واقتسامه ، تمنياتي له بالصحة وكمال العافية ، ويجزيه الله الجنة نظير ما قدمه لنا كطلاب ولبيش كمجتمع ومدينة .
مشاركة :