تتعدد الأسباب التي يأكل فيها البعض أثناء الوقوف في وضع مستقيم من وقت لآخر، فهناك من يكون جائعًا وعلى عجلة من أمره ومن يحتاج لتناول وجبة سريعة أثناء التنقل أو بعد العودة إلى المنزل من يوم مرهق، وفي نهاية المطاف يؤثر الوقوف أثناء تناول الطعام على عملية الهضم بشكل سلبي. بحسب ما نشره موقع Well+Good، لفهم كيفية تأثير الوقوف مقابل الجلوس على الهضم بشكل أفضل، يقول دكتور بيتون بيروكيم، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي في معهد أمراض الجهاز الهضمي في ساوث كاليفورنيا، إن العديد من التغييرات الطفيفة نسبيًا تطرأ في عملية الهضم وفي أنماط تناول الطعام، عند تناول الطعام أثناء الوقوف على القدمين. يشرح دكتور بيروكيم أنه "أولاً، من وجهة نظر فسيولوجية، الوقوف أثناء تناول الطعام يمكن أن يتسبب في تجمع الدم في الساقين بسبب الجاذبية، مما يمكن أن يتسبب في انخفاض تدفق الدم إلى الأمعاء، وهو أمر ضروري للحصول على عملية هضم جيدة، وبالتالي فإن الشخص يعاني بعض الغازات وعسر الهضم". ويشير دكتور بيروكيم في هذا السياق إلى أن التأثيرات المماثلة تنطبق على تحريك الجسم مباشرة بعد تناول الوجبات، ولكنها يمكن أن تعزز عملية الهضم ومن ثم يتم امتصاص غير كافٍ للعناصر الغذائية. يوضح دكتور بيروكيم أن تناول الطعام في وضعية الوقوف أيضًا ينطوي على الإصابة بالغثيان بسرعة أكبر، والذي يحدث مع بعض الآثار الجانبية الإضافية، محذرًا من أنه كلما زادت سرعة التهام الطعام، زادت احتمالية ابتلاع الشخص للهواء، مما قد يؤدي إلى زيادة الغازات في المعدة، والإصابة بـ"تقلصات في البطن أو شعور بعدم الراحة، حيث ستتطلب المعدة مزيدًا من الوقت لتفتيت الطعام وهضمه". فإذا كان الشخص يعاني من مشاكل الجهاز الهضمي المذكورة ولا يمكنه أن يجد الراحة من خلال التعديلات الغذائية وحدها، يوصي دكتور بيروكيم بالحرص على تناول الوجبات جلوسًا ومراقبة ما إذا كانت الأعراض ستخف. عندما يجلس المرء أثناء تناول الطعام ويستغرق وقتًا للاستمتاع بوجبته، فإنه يمكن توقع العديد من الفوائد للهضم. بطبيعة الحال، نظرًا لأن تناول الطعام بسرعة وعدم مضغ الطعام بشكل كافٍ غالبًا ما يؤدي إلى الشعور بعدم الراحة، فإن تعديل هذه العادات يمكن أن يحسن وظيفة الجهاز الهضمي. ولكن يستطرد دكتور بيروكيم قائلًا إن قضاء وقت في الجلوس والاستمتاع بالوجبات يفيد العقل إلى جانب الجهاز الهضمي. كما توضح مراجعة عام 2019 في مجلة الطب التكاملي، فإن ممارسات العقل والجسم مثل الأكل الحدسي يمكن أن "تحافظ على هيمنة الجهاز العصبي السمبتاوي PSNS، مما يساعد على تنمية توازن الجهاز العصبي اللاإرادي ANS وهو أمر حيوي لوظيفة الجهاز الهضمي المثلى." بمعنى آخر، نظرًا لأنه ثبت أن الإجهاد يخل بوظيفة الجهاز الهضمي، فإن الحفاظ على هدوء واسترخاء الجسم، بالإضافة إلى تناول الطعام بوتيرة سهلة وفي ظل ظروف تعزز الاستمتاع الكامل بالطعام، يدعم آليات مختلفة لتشجيع الهضم السليم. يضيف دكتور بيروكيم: "يميل الجلوس أثناء تناول الطعام إلى إطالة أوقات الوجبات وإحساس أكبر بالهدوء. وسواء كان الشخص يتناول الطعام بمفرده أو يتناول وجبة مع الأصدقاء أو العائلة أو الزملاء، فإن الجلوس أثناء تناول الطعام يتيح له الاستمتاع بقدر أكبر بشكل عام أكثر من الوقوف في وضع مستقيم. وعلى الرغم من أن الوقوف أثناء الأكل يمكن أن يسبب أو يؤدي إلى تفاقم بعض أعراض الجهاز الهضمي، فقد تبين أنه يساعد على تخفيف أعراض حالات أخرى، منها على سبيل المثال المصابين بحرقة المعدة والارتجاع الحمضي. ويوضح دكتور بيروكيم أن "الارتجاع ناتج عن زيادة الضغط في المعدة الذي يشق طريقه إلى المريء، مما يعطي أحد أعراض الحرقة في الحلق وطعم لاذع في الفم وتجشؤ". ولهذا ينصح الخبراء بتجنب الاستلقاء عقب الطعام مباشرة لتقليل الضغط والأعراض المصاحبة له، إلى جانب أن الوقوف أثناء تناول الطعام في الواقع يمكن أن يقلل المعاناة من أعراض حرقة المعدة أو الارتجاع". ويختتم دكتور بيروكيم نصائحه قائلًا إن خيار الوقوف أو الجلوس أثناء تناول الطعام هو في نهاية المطاف مسألة تفضيل شخصي، وما على الشخص سوى الانتباه إلى ما إذا كان الوقوف أو الجلوس يتسبب له في الإصابة بأعراض غير مرغوب فيها في الجهاز الهضمي، فإذا كان الأمر كذلك، فينبغي في هذه الحالة أن يقوم بتغيير عاداته في تناول الطعام.
مشاركة :