وجاء موقف الرئيس الأميركي بعيد تسريب مسوّدة بيّنت أن المحكمة العليا متّجهة نحو إلغاء قرار سار منذ زمن يحمي حق النساء في وضع حد للحمل. وقال بايدن للصحافيين إن "مجموعة كاملة من الحقوق على المحك"، محذّرا من "تحوّل أساسي" قد يطال أحكاما تتعلق بزواج المثليين ومنع الحمل والاجهاض وتربية الأطفال. ودعا بايدن الكونغرس إلى تكريس حق الاجهاض في القانون الأميركي، لكنه أقر بان الظروف غير مؤاتية نظرا للانقسام بين الجمهوريين والديموقراطيين. من جهته، أعلن رئيس المحكمة الأميركية العليا جون روبرتس الثلاثاء أن المسوّدة المسرّبة للصحافة بشأن موقف الهيئة من "الحق في الإجهاض" صحيحة لكنّها لا تعكس الموقف النهائي لها من هذه القضية. وقال روبرتس إنه أمر بفتح تحقيق لكشف ملابسات التسريب الاستثنائي ومصدره. كان للوثيقة المسرّبة وقع الصدمة في واشنطن ليل الإثنين، خصوصا وأن من شأن قرار مماثل أن يطيح بالحماية الدستورية لهذا الحق الذي أقر قبل نحو خمسين عاما. وبات من المؤكد أن هذه المسألة ستشكل نقطة سجال رئيسية في الحملة الانتخابية لاستحقاق منتصف الولاية في تشريع الثاني/نوفمبر. وإذا أقرّت المحكمة العليا هذا القرار بصورة نهائية، وهو أمر يتوقع حصوله خلال أشهر، فسيعطي ولايات يسيطر عليها الجمهوريون الذين يقودون حملة ضد القانون الساري صلاحية حظر الإجهاض في نطاقها. ويقف الديموقراطيون جبهة موحدّة دعما للحق في الإجهاض وسارعوا للدفاع عن القرار الصادر في العام 1973. وكانت المحكمة العليا قد أصدرت في العام 1973 في ختام نظرها في قضية "رو ضدّ ويد" حُكماً شكّل سابقة قضائية إذ إنّه كفل حقّ المرأة في أن تنهي طوعاً حملها ما دام جنينها غير قادر على البقاء على قيد الحياة خارج رحمها، أي لغاية حوالي 22 أسبوعاً من بدء الحمل. وكان بايدن قد شدّد الثلاثاء قبل تاكيد المحكمة صحّة المسوّدة، على أهمية ان يدافع الناخبون عن هذا الحق في حال قرّرت المحكمة المضي قدما في هذا التوجه. وجاء في بيان لبايدن "أعتقد أن حق المرأة في الاختيار أساسي"، مشيرا إلى أن القانون "سار منذ نحو 50 عاما، والمبدأ الأساسي القائم على الإنصاف والاستقرار في القانون يتطلب عدم إلغائه". وتابع سيّد البيت الأبيض، لكن في حال تبيّن أن المسوّدة صحيحة "سيقع على عاتق الناخبين اختيار المرشحين الذين يؤيدون" الحق في الإجهاض في تشرين الثاني/نوفمبر، متعهّدا الدفع باتجاه إقرار تشريع في الكونغرس يحمي هذا القرار. "رو ضد وايد يجب أن يلغى" صباح الثلاثاء، تجمّع متظاهرون من المعسكرين أمام مقر المحكمة العليا في واشنطن بعيد نشر التسريب. وأطلق مشاركون في الحشدين المتقابلين هتافات وشعارات مضادة. وأطلق مناهضو الحق في الاجهاض هتافات على غرار "الاجهاض عنف. الاجهاض ظلم" و"قرار رو ضد وايد يجب أن يلغى". وغالبية دول العالم تسمح بالاجهاض الطوعي حتى الأسبوع الثاني عشر من الحمل. وقرار "رو ضد وايد" يجعل من الولايات المتحدة واحدة من الدول القليلة التي تسمح بالاجهاض من دون قيود بعد الأسبوع العشرين من الحمل، علما بأن دولا أخرى تسمح بالاجهاض بعد الاسبوع العشرين لدواع معينة. وتشن حملات على صلة بحقوق الانجاب في أنحاء عدة من الولايات المتحدة، إذ تسعى ولايات يقودها جمهوريون إلى تشديد القيود، وفي بعض الأحيان منع الاجهاض بعد مرور ستة أسابيع على الحمل، أي قبل أن تدرك نساء كثيرات أنهن حوامل. في كانون الأول/ديسمبر خلال الاستماع لدفوع شفهية حول قانون في ولاية ميسيسيبي لحظر الاجهاض بعد الأسبوع الخامس عشر من الحمل، بدت المحكمة العليا مؤيدة لهذا الأمر لا بل بدت مستعدة لإلغاء قرار "رو ضد وايد". من شأن إلغاء القرار أن يمنح الجمهوريين انتصارا لأجيال قادمة خصوصا وأنهم يبذلون كل جهودهم لفرض قيود على الحق في الاجهاض. وفي هذه الحال يكون القرار بشأن السماح بالاجهاض أو حظره منوطا بسلطات كل ولاية على حدة. وبعيد صدور نبأ التسريب أعلنت النائبة الجمهورية جاكي والوركسي إن إلغاء الحق في الاجهاض "سيكون استجابة للصلاة". خطأ منذ البداية" صاغ مسوّدة القرار القاضي صامويل أليتو، والنص بحسب موقع بوليتيكو يتم تداوله منذ شباط/فبراير في المحكمة التي يسيطر عليها المحافظون بغالبية ستة إلى ثلاثة، بعدما عيّن الرئيس الأميركي السابق خلال عهده ثلاثة قضاة محافظين في الهيئة. وشدد موقع بوليتيكو على أن الوثيقة التي استحصل عليها هي مسوّدة وأحيانا يغيّر القضاة مواقفهم قبل القرار النهائي. ويعد تسريب مسوّدة في قضية لا تزال قيد البحث خرقا استثنائيا لقواعد المحكمة العليا، وطالب الجمهوريون بفتح تحقيق لكشف ملابساته. وفي المسوّدة الواقعة في 98 صفحة يصف غالبية قضاة المحكمة العليا قرار رو ضد وايد الذي يكفل الحق في الاجهاض بأنه "خطأ فادح منذ البداية". وجاء في المسوّدة التي حملت عنوان "رأي المحكمة" والتي صاغها أليتو ونشرها موقع بوليتيكو "نعتبر أن قرار رو ضد وايد يجب إلغاؤه". وتابع أليتو "حان الوقت للالتزام بالدستور وإعادة قضية الاجهاض إلى الممثلين المنتخبين للشعب". وبحسب "معهد غوتماكر" للأبحاث "من المؤكد أو المرجح" ان تحظر 26 ولاية الاجهاض في حال ألغت المحكمة العليا هذا الحق. وسارع حكام ديموقراطيون لولايات من بينها كاليفورنيا ونيو مكسيكو وميشيغن إلى الإعلان عن مساع لتكريس الحق في الاجهاض بقوانين حتى في حال ألغته المحكمة العليا. وجاء في تغريدة أطلقها حاكم كاليفورنيا غافين نيوسم "ستبقى النساء محميات هنا".
مشاركة :