في تُونس:عادات الإحتفال بعيد الفطر،بعضها صمدتْ، وبعضها في طريق الإندثار

  • 5/4/2022
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

بعد عامين من جائحة" كورونا" و فرض حجز صحّي شامل ومنع التنقل بين المحافظات والمُدن والخروج من المنازل والبيوت،استعاد التونسيّون هذا العام بهجة الاحتفال بعيد الفطر وانكسرتْ القيود التي تمنع الناس من التلاقي والاجتماع وتتبادل الزّيارات والتهاني . العيد الصغير امراة تونسيّة بصدد إعداد حلويات عيد الفطر في بيتها*الصورة من موقع "باب .نت" و يوم عيد الفطر في تُونس يُطلق عليه النّاس اسم" العيد الصغير"، ويطلقون على عيد الأضحى اسم "العيد الكبير"، ويحتفلُ التّونسيّون بالعيد وهم متمسّكون تمسّكا شديدا ببعض عاداته، وهو ما يعكس تشبّثهم بجذورهم ووفائهم لأصالتهم رغم زحف مظاهر الحداثة. و تعدّ صلاة العيد ركيزة من ركائز الاحتفال بالعيد لدى التونسيين الذين يستيقظون باكرًا يوم العيد، ويتوجهون للمساجد للصلاة،وبعدها يعود الناس الى بيوتهم ،و منهم من يذهب إلى المقابر للترحّم على الأموات من الأقارب ،وغالبا ما يرتدي الرّجال في هذا اليوم الملابس التقليديّة (الجبّة والشاشيّة ) بوطبيلة "بوطبيلة"هوالاسم المعروف في تونس ل"المسحراتي" ،وهو صاحب الطبل الذي يطوف فجرا الشوارع والأحياء ، ومهمته ان يوقظ الاهالي لتناول السحور ، و ان هذه الشخصية ما زالت حاضرة قليلا في بعض الأحياء خاصة في المدن والقرى الداخلية،ولكنها في طريقها الى الاندثار . ويوم العيد يطوف "بوطبيلة"على المنازل والديار ليعطيه السكان ما تيسر من مال كجزاء له على ما قام به طيلة شهر رمضان. الموسم يحرص الخاطب الى إهداء خطيبته بمناسبة العيد هدية، وغالبا ما تكون قطعة حلي ثمينة، وهي عادة متوارثة وتعرف باسم "المُوسِمْ"أو (هزّان الموسم )و تتمثل في زيارة الخاطب أهل خطيبته حاملًا معه هدية ثمينة كانت في الماضي بمثابة الهبة وعربون محبة ولكنها أصبحت اليوم و بمرور الزمن "إلزامية" ولا تتنازل عنها الخطيبات أبدا. فرحة الأطفال فرحة الاطفال باللباس الجديد .الصورة من موقع اخبار الجمهورية إنّ عيد الفطر مناسبة ينتظرها الأطفال قبل الكبار، فهي تعني لهم ثيابًا وألعابًا جديدة وهدايا، وهم اكثر النّاس فرحا بالعيد ينعمون فيه بالتّجوال والتّنزّه وزيارة الأقارب واللعب،و لعلّ من أكثر الأسباب التي تجعل الأطفال ينتظرون عيد الفطر هواللباس الجديد وكذلك" المهبة"( العيدية)، فهم بعد تهنئة والديهم وأفراد عائلاتهم يتحصلون على مبالغ مالية تترواح قيمتها حسب الإمكانيات المادية لكلّ عائلة و حسب سنّ الطفل ،وقد صمدت هذه العادة أمام العصرنة واستمرّت وبقيت قائمة ومعمول بها جيلا بعد آخر. الحلويّات حلويات العيد في تونس*الصورة من" نون بوست" تمثل الحلويات في تونس عنصرًا أساسيًا في الاحتفال بعيد الفطر، وكانت العائلات في الأسبوع الأخير من رمضان تسهر حتى مطلع الفجر لاعداد الحلويات فيجتمع شمل "السلفات" والأخوات والأمهات وكل نساء البيت في سهرات شيقة ورائقة ويشتركن جميعهن في جو من المرح والفرح في اعداد "الغريبة" و"المقروض" و"الصمصة"و"الصابلي" و"البشكوتو" وغير ذلك من أنواع الحلويات الشعبية. أسماء وقصص حلويات"وذنين القاضي"*الصورة من موقع"نون بوست" ومن أطرف أسماء الحلويّات في تونس:"وِذنِينْ القاضي"،وسُمّيت كذلك لأنها تشبه في شكلها الأذنين، ولأنه مطلوب من القاضي ان يجيد السمع للشاكي والمشتكي به عند استجوابهما ليكون حكمه عادلا، لذلك سميت الحلويات ـ وهي في شكل أذن كبيرة ـ بهذا المعنى .وتبقى "البقلاوة" هي النوع الاغلى ثمنا عند اعدادها او شرائها . ومن ألذ حلويات العيد واطيبها "كعك الورقة"،وقد اشتهرت بها مدينة "زغوان"، وقد جاء بها الاندلسيون عندما طردهم الاسبان واستوطنوا ببعض المدن والقرى التونسية ،و يقال ان المهاجرين الأندلسيين استعملوا "كعك الورقة" لإخفاء مجوهراتهم ومصوغهم وتهريبها معهم بحشوها داخلها حتى لا يتفطن إليها الأسبان . ولكنّ الحال قد تغير اليوم، فالزوجات الشابات يفضلن شراء الحلويات الجاهزة من المحلّات، وأكثر النساء الموظفات وحتى ربات البيوت يلتجئن للسوق لشراء ما يسمى هنا ب"حلو العيد" وبدأت تقاليد إعداد حلويات العيد في المنازل تندثر. ومن الطرق المستحدثة في صنع وبيع الحلويات ظهور صفحات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي لنساء حوّلن بيوتهن بمناسبة العيد الى ورشات لصنع الحلويات وبيعها عبر الاشهار لها على تلك الصفحات مع ضمان ايصال الطلبيات الى حد بيوت الزبائن. أكلات العيد لكلّ مدينة وكلّ جهة تونسيّة خصُوصيتها في الإحتفال بعيد الفطرتميّزُها وتجعل أهلها يفاخرون بها. وفي أول أيام عيد الفطر، تعدّ العائلات التونسية مأكولات متنوعة تختلف حسب عادات كلّ جهة ، ففي العاصمة تونس يتمّ إعداد أكلة "الملوخية"،وهي تختلف عن طبق الملوخية المصري الشهير، ويتم طبخها تبركا بلونها الأخضر . وفي الشمال الشرقي من البلاد التونسّة يتمّ طبخ العصيدة البيضاء وتكون مصحوبة بمرق اللحم ،و في بعض مدن الجنوب التونسي فإنهم يطبخون الفول بالكمون وزيت الزيتون لغداء يوم العيد، وهي أكلة يقولون أنها مفيدة بعد صيام شهر رمضان. الشرمولة ومن اشهر عادات العيد والتي تختص بها مدينة "صفاقس"(280كلم جنوب تونس العاصمة) تناولهم يوم العيد اكلة "الشرمولة" وهو سمك مجفف ومالح يطبخ مع الزبيب ومكونات اخرى ويقول خبراء التغذية أن هذه الاكلة المميزة التي يختلط فيها المالح بالحلو اكلة صحية ومفيدة للصائمين شهر رمضان. هديّة"حقّ الملح" هدية "حق الملح"*الصورة من موقع" الترا" من العادات العريقة الجميلة المُتوارثة جيلا بعد جيل عادة "حقّ الملح"،وتتمثّل في هديّة يقدّمها الزّوج لزوجته لشكرها على التّعب الذّي تكبدته في طبخ ألذّ الأطباق طيلة شهر الصّيام ،و تضطرّ،وهي صائمة،الى تذوّق درجة ملوحة الطعام على طرف لسانها دون ابتلاعه وذلك حرصا منها على أن يكون الطّعام في شهر الصّيام معتدلا في ملحه .وقبل العيد بأيّام يقتني الزوج قطعة مصوغ من ذهب حسب مقدرته ويهديها لزوجته عند عودته من صلاة العيد ويضعها في فنجان القهوة بعد ترشفها وتسمّى هذه الهدية: "حقّ الملح".

مشاركة :