أعلنت مستشارة سابقة برئاسة الجمهورية في تونس استعدادها للإدلاء بشهادتها لدى النيابة العامة ردا على تسريبات صوتية مثيرة للجدل تخص مؤسسة الرئاسة، مؤكدة أنها مجرد افتراءات تدخل تحت طائلة القانون. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع تسجيلات صوتية حساسة ومتتالية، تضمنت محادثات منسوبة لمديرة الديوان المستقيلة برئاسة الجمهورية نادية عكاشة، تسببت في جدل واسع بوسائل الإعلام. ولم يتسن التأكد من صحة التسجيلات من مصادر رسمية، كما تحفظت مؤسسة الرئاسة على التعليق بشأنها، بينما أكدت عكاشة، الموجودة حاليا في فرنسا بعد استقالتها في يناير الماضي، عبر حسابها على فيسبوك أن التسجيلات مفبركة. ووصفت المستشارة والمتحدثة باسم الرئاسة رشيدة النيفر، التي استقالت من منصبها منذ أكتوبر 2020، ما جاء في التسريبات بأنه "إدعاءات وافتراءات وتشويه لشخص رئيس الجمهورية ومؤسسة الرئاسة، تدخل تحت طائلة القانون". وأضافت النيفر "شخصيا أضع نفسي على ذمة النيابة العامة للإدلاء بشهادتي عند الاقتضاء". وعكاشة المتخصصة في القانون الدستوري وغير المعروفة في الوسط السياسي التونسي، كانت أبرز مسؤولة في القصر الرئاسي ونادرا ما تظهر بوسائل الإعلام. ولا يستبعد مراقبون أن تكون صفحات مشبوهة تقف وراء التسجيلات الصوتية المنسوبة لمديرة الديوان الرئاسي السابقة، في ظل تنامي معارضي إجراءات الخامس والعشرين من يوليو، والذين يسعون إلى تشويه صورة الرئيس التونسي بشتى السبل. ورغم أن عكاشة انضمت إلى دائرة الغاضبين من الخامس والعشرين من يوليو بإطلاقها انتقادات قاسية لمحيط الرئيس، وأساسا لوزير الداخلية توفيق شرف الدين، إلا أنها أكدت أنها لم تعمد أبدا إلى تشويه صورة الرئيس ولم تتفوه بأي كلمة مما ورد في تلك التسجيلات. ولا تخفي أوساط سياسية استغرابها من تلك التسجيلات الصوتية وتسريبها في هذه اللحظة المفصلية التي تشهدها تونس، خاصة بعد إعلان الرئيس قيس سعيّد عن تشكيل لجنة ستوكل إليها مهمة إدارة الحوار الوطني الذي ستُستثنى منه المعارضة وتشارك فيه المنظمات الوطنية الأربع الكبرى، في خطوة ستزيد من العزلة السياسية لحركة النهضة الإسلامية وحلفائها. وعلّق الوزير السابق، المستقيل من حركة النهضة الإسلامية عماد الحمامي، على التسريبات قائلا إنّ "عكاشة ضخّمت نفسها أكثر مما يجب، وإقالتها تسببت لها في أزمة كبيرة، وأشعر أنها تمرّ بأزمة نفسية". وأضاف الحمامي في تصريحات صحافية "لم يتغير في أداء رئاسة الجمهورية أيّ شيء بعد أن غادرتها عكاشة، وهي ترى أنها كانت الرئيسة الثانية للجمهورية"، مشيرا إلى أنّ "ما يحدث غير لائق، وثقافة الدولة تنص على سكوت المسؤولين بعد خروجهم من مواقعهم". وتابع "سلوك مديرة الديوان الرئاسي السابقة منذ إعفائها إلى اليوم مناف لثقافة الدولة وللنواميس التي تسير وفقها الدول المحترمة". وقال عميد المحامين إبراهيم بودربالة في تعليقه على التسريبات المنسوبة لمديرة الديوان الرئاسي السابقة، إن "كل من يتحمّل مسؤولية في الدولة عليه أن يعلم ضوابطها وأن يلتزم الصمت عندما يترك المكان". وأضاف في تصريحات صحافية أن "النيابة العامة العدلية أو العسكرية لها السلطة الكاملة في إثارة الدعوى العمومية، خاصة إذا ما تعلّق الأمر بالأمن القومي". وتابع "كل شخص بريء إلى أن تثبت إدانته من خلال محاكمة تُضمن له فيها حقوق الدفاع". وأعلنت عكاشة استقالتها من رئاسة ديوان سعيّد في الخامس والعشرين من يناير الماضي، بعد سنتين من العمل معه، مبررة قرارها بـ"وجود اختلافات جوهرية" متعلقة بـ"المصلحة العليا للوطن". وأعلن الرئيس سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو تدابير استثنائية في البلاد لقيت ترحيبا شعبيا، حيث ألغى بموجبها البرلمان قبل أن يحله في مارس الماضي، وعلّق العمل بمعظم مواد الدستور. كما حل هيئات دستورية وعرض خارطة طريق سياسية تتضمن استفتاء شعبيا وانتخابات برلمانية نهاية العام الجاري. وليس هناك توافق عام حول تلك الخارطة لدى المعارضة التي تتهمه بالانقلاب على الدستور، بينما يضغط شركاء تونس في الخارج لإطلاق حوار وطني شامل للتوافق حول الإصلاحات السياسية والدستورية والاقتصادية. ويردد الرئيس في خطاباته بأن "لا عودة إلى الوراء".
مشاركة :