افتتحت «شركة مشيرب» العقارية التي تعد الذراع التطويرية لـ «مؤسسة قطر»، أربعة متاحف جديدة ضمن مشروعها في قلب الدوحة. وتعكس المتاحف الجديدة هوية المجتمع التقليدي القطري والخليجي من خلال ثلاثة مراحل أساسية وهي التطور التاريخي، وذكريات مشيرب، ومشيرب الحديثة. ومشيرب هي المنطــــقة التي شهدت دخول الكهرباء للمرة الأولى في قطر، وتتـــميز بطريقة إنشاء الأزقة الضيقة التي تحفها المنازل التي بنيت على جانبيها، وكيف تتلاقى هذه الأزقة في منــطقة «البراحة»، وهي عبارة عن ساحة مفتوحة، وكل ذلك بطريقة حديثة وغاية في الجمال. وتشكل المتاحف التي تضم أربعة مبانٍ تاريخية أُعيد ترميمها، جزءاً من عملية تجديد واسعة النطاق تشمل قلب المدينة وتهدف إلى إعادة إحياء مركزها التجاري القديم وإعادة تحديث الحياة القطرية التقليدية التي تقوم على روح الجماعة والتجارة والشعور بوحدة المصير. وأشرف فريقٌ متخصص من المعماريين والخبراء المحليين والدوليين البارزين على عملية ترميم المباني التاريخية الأربعة، فرممت البيوت التراثية وهي «بيت بن جلمود» و»بيت الشركة» و»بيت محمد بن جاسم» و»بيت الرضواني»، وتحولت أربعة متاحف ستمثل الوجهة الثقافية الأبرز للمشروع، وقد اُستخدمت في تشييدها موادٌ اُختيرت بعناية للحفاظ على روح المباني الأصلية وطرائق تشييدها. والبيت الأول هو بيت محمد بن جاسم، الذي يعد «بيت الذاكرة» لأنه يمثل الذكريات القديمة للمدينة في الماضي. فهو يعيدنا إلى الزمن الجميل الذي كانت فيه الحياة أبسط بكثير وكانت الدوحة فيه مختلفة للغاية عما هي عليه اليوم. ويضم المنزل مشروع «صدى الذاكرة الفني» الذي يأخذنا في رحلة حنين من خلال التحف التي وُجدت أثناء هدم مباني المنطقة ابتداء من أجهزة الراديو القديمة، مروراً ببعض لوحات محل حلاقة، وانتهاء ببعض الأواني لمتجر سمبوسة قديم. ويمثل البيت لأولئك الذين سبق لهم أن رأوا هذا الجزء من الدوحة لحظة خاصة ومؤثرة تتجلى بالذكريات التي جمعت من السكان السابقين لهذه المنطقة. ويقول حسن رشيد، وهو أحد سكان الدوحة القديمة، من خلال الملفات الصوتية والشاشات المعروضة إن «أول جهاز تلفزيون اشتريناه كان من متجر العمادي في شارع الكهرباء. وكانت العلامة التجارية لهذا الجهاز هي «أندريا»، وكان مثل الخزانة التي يمكن فتحها لرؤية الشاشة داخلها». متحف بيت الرضواني: بُني هذا المبنى في عشرينات القرن الماضي، ويقع بين منطقتي الجسرة ومشيرب، وهما من أقدم الأحياء في الدوحة. ويمثل هذا المتحف أسلوب حياة العائلة القطرية، ومن جهة أخرى يعتبر مكاناً للحفاظ على أهم اللحظات التذكارية لدولة قطر ومشاركتها في وقت شهدت فيه الدولة تحولات كبيرة في البنية الاجتماعية. وهو يعرّف الزوار بالتغييرات التي شهدتها الحياة العائلية بعد اكتشاف النفط ووصول الكهرباء إلى المنازل. وكانت أعمال التنقيب التي أجراها علماء الآثار في منزل الرضواني الحفريات الأثرية الأولى في وسط المدينة حيث وجد العديد من الاكتشافات المهمة التي توفر بعض المعلومات حول الحياة اليومية في تلك الفترة. ويكمن الهدف الأساس من إعادة تأسيس مبنى «بن جلمود»، تسليط الضوء على أهمية إلغاء استغلال البشر واستعبادهم، كما يعرض المبنى الأثري تنوع الثقافات ويحتفل بالروح والحضارة الإنسانية عبر الأزمان، ويبيّن النتائج الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لمشاركة الطبقة الفقيرة أو المستعبدة في تطور دولة قطر. ويعكس مبنى «بن جلمود» الفترة الزمنية التي اشتهرت بتجارة العبيد في المناطق المجاورة لساحل المحيط الهندي حيث تبدأ القصة ببداية فترة العبودية وتنتهي بتحقيق الحرية والرخاء لجميع أفراد المجتمع. ويحظى زوار المبنى بفرصة السفر عبر التاريخ من خلال التجوّل في المتحف، ويكتشفون أهمية فترة العبودية التي ساهمت في تكوين الحضارات على مدى آلاف السنين. ويمنحهم فرصة للتأمل في قصة فترة العبودية ومراحلها، ما يجعله يساهم في تعزيز التزام المرء بمقاومة أي نشاط يحرض على الاستعباد والاستغلال. وفي سياق متصل تتركز أهمية «متحف الشركة»، كونه المقر الرئيس لأول شركة بترول في قطر. ويروي المتحف قصة أول أفراد بادروا وساهموا في تطوير القطاع البترولي لتحويل مجتمع قطر إلى مجتمع حديث، ويعرّف الزوار إلى قصة العمال القطريين الأوائل الذين عملوا بجد، ليس من أجل دعم أسرهم فحسب، وإنما أيضاً لوضع حجر الأساس للمجتمع الجديد. وقد استُخدمت في المتحف أنابيب المياه النحاسية ومقاطع الفيديو والصور بصورة مؤثرة لتجسيد الحياة قبل عهد النفط وبعده، حيث لم يتوقف هؤلاء الرجال عن بذل جهدهم بإخلاص وتفانٍ، ومضوا قدماً ليمهدوا الطريق كي تصبح قطر على ما نراه اليوم.
مشاركة :