يحبس الفرنسيون أنفاسهم في انتظار الجولة الثانية من الانتخابات الجهوية، وذلك بعد أن اكتسح اليمين المتطرف مناطق عديدة في الجولة الأولى. ولم يكن الناخبون يتوقعون أن يخسر الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة الرئيسة مواقعهم التقليدية. ويقول مراقبون إن الجبهة الوطنية التي تتزعمها مارين لوبان، استفادت من تراجع شعبية السلطة التنفيذية، والصعوبات التي واجهتها المعارضة اليمينية، ليعزز الحزب اليميني مواقعه في المشهد السياسي الفرنسي خلال الانتخابات الأوروبية والبلدية، التي أجريت العام الماضي، تلتها نتائج إيجابية في انتخابات الأقاليم في شهر مارس. ويرجع كثيرون هذه القفزة النوعية إلى النقاش الواسع حول الهجرة وأحداث الهجمات الأخيرة في باريس. وقد عكست نتائج الجولة الأولى فشلاً ذريعاً لليسار واليمين، والمجتمع المدني الذي سعى بدوره إلى وقف صعود حزب الجبهة الوطنية. كما أظهرت النتائج، أيضاً، أن الخطابات السياسية التي تبنتها الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية، لم تعد قادرة على التأثير في القاعدة الشعبية المؤيدة لليمين المتطرف. إنها المرة الأولى التي يكون فيها حزب الجبهة الوطنية فعلاً قريباً من السلطة. وعلى الرغم من أن الانتخابات المحلية الأخيرة ليست انتخابات الرئاسة، إلا أن مراقبين يقولون إن لوبان كانت ستتأهل بكل جدارة إلى الجولة الثانية بنسبة 30% من أصوات الناخبين، لو افترضنا أنها انتخابات اختيار رئيس للجمهورية. وقد جعلت النتائج التي أسفرت عنها الجولة الأولى من انتخابات الأسبوع الماضي، من حزب الجبهة الوطنية هذه المرة الحزب السياسي الأول في فرنسا، مخلفاً وراءه حزب الجمهوريين والحزب الاشتراكي الحاكم، الذي جاء في المرتبة الثالثة. وفي أعقاب إعلان النتائج بدت خيبة الأمل واضحة على وجوه قادة الأحزاب الرئيسة والمؤيدين لها، بعد أن خلطت لوبان أوراق اللعبة السياسية، معلنة نهاية الاحتكار السياسي من قبل الأحزاب التقليدية. في غضون ذلك، يرى فرنسيون أن الفوز جاء نتيجة وضع استثنائي، وأن المشهد السياسي تغير في ظل فشل الحكومة والمعارضة في تقديم البديل المقنع.
مشاركة :