أكد المشاركون في مؤتمر «أثر تطبيق الشريعة في تحقيق الأمن»، المقام في فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الأحساء، أن الفكر المتطرف يهدد السلم والأمن الاجتماعي ليس في البلد وإنما في العالم، مبينين أن الدول الإسلامية تعاني أكثر من غيرها بسبب هذا الفكر، مشددين على حماية الشباب من استغلال أصحاب الفكر المنحرف للتقنيات الحديثة مثل مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من التقنيات لنشر أفكارهم وتجنيد الشباب والتغرير بهم لاستقطابهم والإفادة منهم في نشر هذا الفكر والدفاع عنه. وبينت عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتورة وفاء عبدالعزيز السويلم، خلال طرحها ورقة علمية في المؤتمر، أهم الضوابط التي ينبغي مراعاتها عند تطبيق الحدود؛ هو توضيح جانبي العدالة والرحمة بالمحدود مع حصول الزجر والردع، وهو ما يكون له أكبر الأثر في تحقيق الأمن، ونشر الأمان بين أفراد المجتمع. وأشارت إلى أن المراد بـ«الحد» ما يحصل بها من الردع والزجر سواء للجاني أم المجتمع، مع قصده رحمة الخلق بكفهم عن المنكرات. وأن يتولى إقامته الإمام أو نائبه. كما يحرم التعرض للمحدود بعد استيفاء الحد الواجب عليه بالحبس أو الإيذاء بأي نوع من الإيذاء لفظياً كان أم حسياً، وفي حال إذا كانت المرأة حاملاً، فإنه لا يقام عليها الحد إلا بعد وضعها، وإذا كان المحدود سكراناً، فإنه لا يحد حال السكر. وهناك ضوابط خاصة بآلية تنفيذها من حيث الصفة، ومن ذلك: أن الآلة المستخدمة للضرب لا تؤدي إلى التلف. كما أن الإسلام يراعي جانبين؛ إيقاع الألم غير المؤدي للتلف مع مراعاة الجانب الإنساني في الستر، وعدم التجريد، وعدم الإضرار بالمحدود في كيفية الضرب، ويضرب الرجل في الحد قائماً بلا مد أو ربط، وتضرب المرأة في الحد جالسة وتلف عليها ثيابها، وعند إقامة الحد على المحصن رجماً، فإنه لا يحفر للمرجوم رجلاً، كان أو امرأة، سواء أثبت زناه ببينة أم إقرار. كما أنه لا بد من مراعاة كيفية القطع في السرقة ونحوها بأن تكون بيسر ورفق، مع معرفة موضع القطع، وحسم اليد بما يحقق عدم النزف المؤدي إلى مضاعفة العقوبة أو الموت بجراحة ونحوها. من جانبه، أشار الدكتور عاصم القريوتي، في بحث عن الغلو وأثره في زعزعة الأمن، إلى أن الإسلام دين سماحة ورحمة، ودين وسطية واعتدال، وأن الاعتدال والوسطية تتنافى مع الغلو والتنطع الذي نهانا الشرع عنه، وأن وسطية الإسلام هي الاستقامة على شرع الله وفق الهدي النبوي، وعدم تجاوز الحدود الشرعية في العبادات والمعاملات وكل شؤون الحياة. ولفت القريوتي إلى أن من أهم أسباب الغلو هو الجهل بالدين وأحكامه، والتعصب للمذهب أو لشخص أو لمنهج أو إمام، وقلة التوجيه والاهتمام ببيان خطر الغلو، وكذلك الاستماع إلى شبهات وإثارات من خلال مواقع وقنوات على غير النهج السوي، ومن دون رسوخ علمي من المستمع والمشاهد، ضعف التلقي الصحيح من العلماء المشهود لهم، إيضاً وجود فجوة كبيرة في بعض البلاد أو في بعض المراحل بين العلماء وطلبة العلم، وقصور في تطبيق الشريعة سواء بالكلية أم ببعض أمورها، وغلو في العلماء وأهل الفضل. بدوره، بين الباحث الدكتور محمد أبو الرُّب (من قسم الثقافة الإسلامية في كلية التربية بجامعة الملك سعود)، صور الإرهاب الإلكتروني ووسائله وأثره في الأمن المجتمعي، وخطره على المجتمع وطرق الوقاية منه، وتطرق إلى كيفية استغلال أصحاب الفكر المنحرف للتقنيات الحديثة مثل مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من التقنيات لنشر أفكارهم ومحاولة تجنيد الشباب والتغرير بهم لاستقطابهم والاستفادة منهم في نشر هذا الفكر والدفاع عنه. كما بين البحث بعض الجهود المبذولة لمواجهة هذا الفكر الضال المنحرف، وكيفية الوقاية أو حماية المجتمع من هذا الإرهاب، وبين أن الجهود المبذولة في هذا المجال ما زالت قليلة وتحتاج إلى مضاعفة الجهد؛ لمقاومة هذا الإرهاب. وقدم العقيد الدكتور نافل العتيبي، بحثاً عنوانه: «آليات تطبيق الشريعة الإسلامية في المملكة العربية السعودية في مواجهة جريمة الاتجار بالأشخاص وعلاقتها بحفظ الأمن»، بين فيه أن الاتجار بالأشخاص من الممارسات غير المقبولة والممنوعة والمحرمة في ظل التشريعات والأنظمة التي تقرها السعودية والشريعة الإسلامية؛ لتنافيها مع المبادئ والقيم الإنسانية الإسلامية؛ وتحرم كل ما يمس كرامة الإنسان. كما أنها تمنع بأي شكل من التلاعب بالبشر أو المساس بكرامتهم؛ وهو ما يتماشى مع الأعراف الدولية السائدة. والشريعة الإسلامية نظمت العلاقة بين البشر منذ أكثر من 1400 سنة، واستطاعت تدريجياً أن تمحو من الواقع قاعدة السيد والخادم والتي كانت عرفاً دولياً وما بين مالك حر تحركه الأهواء وتغريه المطامع، وخادم مطيع كل هدفه في هذه الحياة الأكل والمأوى.
مشاركة :