شهدت قرية «الفاو» عاصمة مملكة كندة الأولى، استيطان عدد من الممالك والحضارات القديمة، التي بقيت قبورها شواهد على عيش تلكم الحضارات فوق أديمها. ويمكن تمييز ثلاثة أنواع من المقابر في «الفاو» تقع على الطرف الغربي للمدينة، وهي المقابر العائلية الجماعية العائدة لأسر وأشخاص ذات مكانة سياسية واجتماعية في المدينة. ويبلغ عمق القبر خمسة أمتار وبعرض متر واحد، وطول ستة أمتار من الشمال إلى الجنوب، وعلى الجدارين الشرقي والغربي يأتي نقر «مراقي» وهو عبارة عن حفر صغيرة منقورة في الجدار، يضع فيها المرء قدميه للنزول أو الصعود للمقبرة، وتوجد أربعة أبواب في اتجاه الجهات الأصلية الأربع، تقود ثلاثة منها إلى أقبية منحوتة في الأرض بشكل شبه دائري، أما الباب الغربي فيقود إلى غرفة مبنية ومبلطة بالجبس الأبيض، وفي نهاية الغرفة السفلى في الطرف الشمالي حفرة منخفضة لوضع بعض الأشياء الثمينة، مما يوضع عادة مع الموتى في ذلك الوقت. ويسمى النوع الثاني مقابر النبلاء، حيث يتكون القبر من غرفتين شرقية وغربية، يتوسطهما مهبط بعمق نحو ثلاثة أمتار ونصف وله نقر «مراقي» على الجانبين من الناحية الشرقية والغربية؛ تسهيلاً للنزول إلى المقبرة. وآخر تلك الأنواع المقابر العامة، وهي مقابر لسائر الناس وتقع شمال شرقي المدينة، على حافة الوادي الغربية في المنطقة الجصية التي تقع شمال السوق وتشبه المقابر الإسلامية، وهي مهبط غير منتظم وغير مجصص، يأتي بعمق ما بين متر إلى خمسة أمتار، تنتهي بلحد مقفل بلبن حجمه نحو (38×38×12 سم) وهو نفس حجم اللبن المستعمل في مباني القرية، وقد وجد الباحثون عند فتحها كمية من الجرار موجودة مع الأموات. وتعد «الفاو» أحد أهم المواقع الأثرية في شبه الجزيرة العربية، ولها أهمية خاصة بحسب موقعها الجغرافي، حيث تكمن أهميتها - قديماً - بكونها مركزاً تجارياً مهماً وملتقى قوافل تحمل المعادن والحبوب والنسيج، وهي نقطة عبور للقوافل التي تبدأ من مملكة سبأ ومعين وقتبان وحضرموت وحمير متجهة إلى نجران، ومنها إلى قرية الفاو ومنها إلى الأفلاج، فاليمامة ثم تتجه شرقاً إلى الخليج وشمالاً إلى وادي الرافدين وبلاد الشام. وتبعد عن مقر محافظة وادي الدواسر نحو 150 كيلو مترًا تقريبًا من الجهة الجنوبية الشرقية، وتحديداً في المنطقة التي يتداخل فيها وادي الدواسر مع جبال طويق عند منطقة تُسمى «الفاو». تمثل قرية «الفاو» عاصمة مملكة كندة الأولى تعد قرية الفاو قديماً.. مركزاً تجارياً وملتقى للقوافل
مشاركة :