في وقت من المتوقع أن ترتفع فيه معدلات استهلاك الطاقة في السعودية، بنسبة 4.4 في المائة سنويًا حتى عام 2035، أكد مشاركون في منتدى الرياض الاقتصادي يوم أمس، حاجة السعودية لتوفير طاقة بديلة ومتجددة لتغطية احتياجاتها المتزايدة، فيما أكد المنتدى، في دراسة علمية أخرى، أهمية تأسيس كيان مؤسسي للاقتصاد المعرفي. وتأتي هذه التأكيدات في وقت شرعت فيه السعودية خلال الفترة الماضية نحو حزمة من الإجراءات الاقتصادية النوعية، التي بدأت ترسم ملامح مهمة لخارطة اقتصاد البلاد، إذ من المنتظر أن تنجح البلاد في تخفيض نسبة اعتمادها على النفط كمصدر للإيرادات إلى ما نسبته 70 في المائة، خلال السنوات الخمس المقبلة، بدلاً من معدلات اعتمادها الحالية البالغة نحو 89 في المائة. ورأى مشاركون في منتدى الرياض الاقتصادي خلال جلسة حوارية انعقدت يوم أمس، أهمية إعداد استراتيجية وطنية لتوطين الطاقة البديلة والمتجددة، بوصفها أولوية قصوى من أجل الحفاظ على أمن الطاقة للسعودية على المدى الطويل، داعين في الوقت ذاته إلى ضرورة وضع خريطة طريق متكاملة لتنفيذ الاستراتيجية حسب الأولوية، مع تهيئة المجال لحفز القطاع الخاص للمشاركة في تحقيقها. وفي هذا الشأن، ناقش منتدى الرياض الاقتصادي يوم أمس دراسة بعنوان: «اقتصاديات الطاقة البديلة والمتجددة في المملكة - التحديات وآفاق المستقبل»، في جلسة عقدت برئاسة الأمير الدكتور تركي بن سعود رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ضمن أعمال المنتدى دورته السابعة التي من المزمع اختتامها اليوم. وتولى عضو الفريق المشرف على إعداد الدراسة الدكتور ماهر بن عبد الله العودان تقديم العرض، وشارك في مناقشتها رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة بمجلس الشورى السعودي صالح بن عيد الحصيني، والأمير الدكتور ممدوح بن سعود مدير مركز تقنيات الطاقة المستدامة بجامعة الملك سعود، وحشد من الخبراء والمتخصصين في قطاع الطاقة بعدد من الجهات الاقتصادية، مثل هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، الهيئة الملكية للجبيل وينبع، والأكاديميين، وممثلي شركات الطاقة. ودقت الدراسة جرس إنذار جراء تنامي معدلات استهلاك الطاقة التقليدية في السعودية والمعتمدة على البترول، والذي يمثل 85 في المائة من إجمالي عائدات التصدير، مما يعني فرض ضغوط كبيرة على عائدات التصدير للسعودية، وهو ما يستلزم ضرورة التحرك لحل مسألة استدامة قطاع الطاقة، من خلال اللجوء لتطوير ونشر قطاع الطاقة البديلة والمتجددة. وقُدرت الدراسة إجمالي المطلوب لإنتاج 10 - 17 غيغاواط من الطاقة البديلة والمتجددة حتى عام 2025 في السعودية، بما يتراوح بين 4 إلى 12 مليار دولار، مع الحاجة خلال المرحلة الأولية لـتمويل بنحو 2.9 مليار دولار، لإنتاج 3 غيغاواط من الطاقة البديلة والمتجددة بحلول عام 2020. لافتة النظر إلى أنه عندما ينشط الاستخدام، سيزيد إجمالي التمويل المطلوب بين الأعوام 2020 - 2025 ليصبح 11.8 مليار دولار لضمان إنتاج 17 غيغاواط. بيد أن الدراسة لفتت النظر إلى وجود الكثير من التحديات والعقبات السوقية أمام الطاقة البديلة والمتجددة والتي تقوض مشاركة القطاع الخاص فيها، واقترحت لتذليل تلك العقبات العمل على صياغة أطر اقتصادية قوية للطاقة البديلة والمتجددة، لتحفيز مشاركة القطاع الخاص بكفاءة، على أن يتم إعداد الأطر الاقتصادية وفقًا للتقنيات المستهدفة. ورأت الدراسة التي نوقشت خلال منتدى الرياض الاقتصادي أمس، أن الهدف النهائي من الأطر الاقتصادية يتمثل في استدامة قطاع الطاقة البديلة والمتجددة في السعودية، كما أن المراقبة المنتظمة للسوق وتعديل وتحديث السياسات بانتظام، ستعكس واقع السوق مما يساعد في تحقيق استدامة القطاع. وأوضحت الدراسة أن تنفيذ الأطر الاقتصادية يجب أن يضمن كفاءة التصميم وفعالية الإدارة، وتوفر التمويل الكافي ومراقبة الأطر الاقتصادية، وخولت الدراسة مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة صياغة السياسات الرئيسية لقطاع الطاقة والصناعة، ومشاركة بعض الوزارات والجهات الأخرى ذات الصلة بالقطاع، لافتة إلى أن ضمان تمويل الأطر الاقتصادية أمر جوهري لنجاح نشر الطاقة البديلة والمتجددة من خلال مشاركة القطاع الخاص. وفيما يتعلق باستخدام الطاقة النووية لإنتاج الطاقة دعت الدراسة إلى صياغة نظام المسؤولية النووية، وتأسيس هيئة لإدارة النفايات النووية لضمان التخلص السليم والآمن للنفايات، كما طالبت بتأسيس مراكز الخبرة الوطنية للطاقة البديلة والمتجددة، وأوصت بتشجيع جهات التمويل غير الحكومية للاستثمار في مشروعات الطاقة البديلة والمتجددة، وإنشاء مجمعات الطاقة البديلة والمتجددة، ومركز الخدمة المتكاملة من خلال تحديد أماكن حصرية لنشر وتجربة تقنيات الطاقة الجديدة، وتسريع وتسهيل الإجراءات عن طريق إنشاء مركز الخدمة المتكاملة. وأوصت الدراسة بتطوير رأس المال البشري الذي سيكون أساسيا لتنفيذ خطة نشر الطاقة البديلة والمتجددة من خلال إعداد منهج تعليمي للطاقة البديلة والمتجددة، وجذب رواد الأعمال المحليين والأجانب ودعمهم في قطاع الطاقة المتجددة، وتطوير رأس مال التقنية من خلال إنشاء برنامج وطني لتعزيز البحث والتطوير في الطاقة البديلة والمتجددة، وتأسيس ائتلاف للبحث والتطوير من القطاعين العام والخاص. من جهة أخرى، دعا منتدى الرياض الاقتصادي خلال مناقشاته أمس لدراسة حملت عنوان: «تطوير قطاع تقنية المعلومات كمحرك ومحفز للتنمية والتحول إلى اقتصاد المعرفة»، بضرورة تأسيس كيان مؤسسي للاقتصاد المعرفي يكون قادرًا على تفعيل أداء الأجهزة المتعددة المعنية بتنمية الاقتصاد المعرفي، والتنسيق في بناء رؤية مستقبلية لخريطة طريق واضحة المعالم قابلة للتنفيذ. وطالبت الدراسة التي شهدت مناقشات متعمقة من جانب المتخصصين والمهتمين بقطاع تقنية المعلومات واقتصاد المعرفة، في جلسة رأسها الدكتور محمد الجاسر المستشار بالديوان الملكي، بضرورة العمل على تطوير الأطر التشريعية والقواعد التنظيمية لأنشطة قطاع تقنية المعلومات بما يعزز تنافسية القطاع، ويدعم الحضور الفعال للشركات الصغيرة والمتوسطة في ظل مناخ ملائم للاستثمار في هذا القطاع.
مشاركة :