عادت مسألة الحوار الوطني في تونس الذي سبق أن تحدث عنه الرئيس قيس سعيد، إلى واجهة الاهتمام من جديد، وسط سجال سياسي تباينت فيه المواقف، واختلفت حول شكله ومضامينه. وفي هذا الصدد، قال نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، اليوم (الثلاثاء)، إن اتحاد الشغل يرفض الحضور بشكل صوري في الحوار الذي تعتزم رئاسة الجمهورية رعايته. وأوضح في تصريحات للصحفيين على هامش مشاركته في مؤتمر نقابي إفريقي بدأت أعماله اليوم بتونس، أن رفض اتحاد الشغل المشاركة الصورية في الحوار يأتي استنادا لموقفة الداعي إلى أن يكون "الحوار ناجزا ومخرجاته غير مسبقة". وكشف أن للاتحاد العام التونسي للشغل "هواجس من أن يكون تعطيل الحوار أو عدم توفير الضمانات الكفيلة لإنجاحه سببا في خلق أزمة ثقة وتشكيك "، محذرا في المقابل، من تفاقم الأزمة السياسية التي ستكون لها انعكاسات خطيرة على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وتأتي هذه التصريحات بعد يوم واحد من تأكيد عميد المحامين التونسيين، إبراهيم بودربالة، أن الاتحاد العام التونسي للشغل سيشارك مع بقية المنظمات الوطنية الأخرى في هذا الحوار الذي قال إنه سينطلق خلال الساعات القليلة القادمة. وتعقيبا على هذا التأكيد، قال الطبوبي في تصريحاته، إن "مشاركة اتحاد الشغل تبقى مشروطة بأن يكون الحوار الوطني سيد نفسه، ومخرجاته ليست مسبقة"، دون أن يتطرق إلى موعد انطلاقه، حيث اكتفى بالقول إن "رئيس الجمهورية قيس سعيد منتخب من الشعب وهو من يتحمل مسؤولية قراراته السياسية". وكان الرئيس التونسي قد أعلن في الأول من الشهر الجاري، أن الحوار الوطني، "سيكون مفتوحا مع من انخرطوا في حركة التصحيح في 25 يوليو الماضي"، مؤكدا في هذا الصدد، أن المنظمات الوطنية الكبرى ستشارك فيه، وأن " من خربوا وجوعوا ونكلوا بالشعب سيستثنون منه ". والمنظمات الوطنية الكبرى التي رعت الحوار الوطني الذي عرفته تونس في العام 2013 هي الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (منظمة أرباب العمل)، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للمحامين بتونس. وقبل ذلك، كان الرئيس قيس سعيد قد أعلن في السادس من إبريل الماضي، أن الحوار الوطني في بلاده "سيكون على قاعدة نتائج الاستشارة الإلكترونية للإعداد لتنظيم الاستفتاء وإجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة تحت إشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات". لكن تأكيدات الرئيس قيس سعيد لم تنه الجدل حول الحوار الوطني، حيث تواصلت السجالات السياسية التي بدت واضحة من مواقف بقية المنظمات الوطنية المعنية بهذا الحوار التي اشترطت اليوم (الثلاثاء) ألا تكون مشاركتها في الحوار "شكلية". وفي هذا السياق، قال رئيس الهيئة الوطنية للمحامين بتونس، إبراهيم بودربالة، في تصريح نقلته عنه اليوم وكالة الأنباء التونسية الرسمية، إن "ترتيبات تنظيم هذا الحوار بلغت أشواطا متقدمة". وأضاف أن هيئة المحامين "ستتعامل مع هذا الحوار بشكل إيجابي، وستقدم مضمونا جديا في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ولن يكون حضورها شكليا". وتابع "... الحوار ترك المجال مفتوحا لمشاركة مختلف الأحزاب ومكونات المجتمع المدني الداعمة لمسار 25 يوليو، والتي لا تعتبره انقلابا، مع استبعاد الأطراف والأحزاب الرافضة لهذا المسار". ومن جهته، أكد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، جمال مسلم أن رابطة حقوق الإنسان سبق لها أن نادت بضرورة تنظيم "حوار وطني" وذلك حتى قبل 25 يوليو 2021، وهو ما يجعلها "مستعدة للمشاركة في كل مسار تشاركي للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد". وأكد في تصريح نشرته اليوم وكالة الأنباء التونسية الرسمية، أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان " ترفض المشاركة الصورية في هذا الحوار، وتشترط أن تكون مشاركتها ضمن رؤية تشاركية ملزمة لكل الأطراف، ودون ضوابط معدة مسبقا، ويكون هدفها الأول الاستجابة لمطالب الشعب في دولة مدنية تضمن الفصل بين السلطات وتصون مختلف الحقوق". يشار إلى أن الحديث حول ضرورة الذهاب إلى حوار وطني في تونس أخذ منحى تصاعدي منذ إعلان الرئيس قيس سعيد عن تدابير استثنائية في 25 يوليو الماضي وما تلاها من إجراءات شملت حل البرلمان في نهاية شهر مارس الماضي.
مشاركة :