تشارك دولة الإمارات في الاجتماع الوزاري للتنفيذ، لما يتعلق بالاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ، والذي تستضيفه العاصمة الدنماركية، كوبنهاجن على مدار يومي 12 و13 مايو الجاري. ويستهدف الاجتماع الذي تترأسه المملكة المتحدة - بصفتها رئيس ومستضيف مؤتمر COP26، وجمهورية مصر العربية - بصفتها رئيس ومستضيف مؤتمر COP27، مناقشة تسريع تنفيذ وإنجاز الالتزامات والتعهدات الرئيسة للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشان المناخ واتفاق باريس، بمناسبة مرور 30 عاماً على إطلاق الاتفاقية. وستعمل دولة الإمارات على استعراض نموذجها في مواكبة التزامات الاتفاقات الدولية الخاصة بالمناخ، وبالأخص اتفاق باريس، وما تضمنه تقريرها الثاني للمساهمات المحددة وطنياً، والذي تم رفعه إلى الأمانة العامة للاتفاقية الإطارية ديسمبر 2020، واستعدادها للانتهاء من التقرير الثالث، وإطلاق المبادرة الاستراتيجية للسعي لتحقيق الحياد المناخي و2050 وذلك من خلال تطوير استراتيجية وطنية تضمن مستهدفات مرحلية لخفض الانبعاثات الكربونية دون التأثير على معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة، ومبادرة الابتكار الزراعي للمناخ، ومبادرة زراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول 2030 لتعزيز منظومة الاقتصاد الأزرق وموائل التنوع البيولوجي البحري، كما ستستعرض الدولة مبادراتها بمجال تعزيز الحوار مع القطاع الخاص ومختلف الصناعات باستخدام أسس التصميم التشاركي، ضمن مبادرتها «الحوار الوطني حول الطموح المناخي»، والذي يهدف إلى تضمين وتسريع وتيرة العمل المناخي في مختلف القطاعات، بهدف الوصول إلى الحياد المناخي باستخدام وتطوير التكنولوجيا الحديثة والفرص المتاحة ضمن بدائل المواد والطاقة، حيث يتضمن الحوار لقاءً مع 6 قطاعات رئيسة وهي الطاقة، الخدمات، الأسمنت والتعدين، النقل والمواصلات، الصناعات، الزراعة والنفايات. وستركز على أهمية إيجاد سبل واستخدام أنظمة الرقابة، والتحقق وإصدار التقارير لرصد الانبعاثات الكربونية، وذلك لاستخدامها وضمان توفير أعلى سبل الشفافية عند رصد حجم الانبعاثات الكربونية في مؤتمر الأطراف للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن التغير المناخي - الدورة الثامنة والعشرين. وسيتم تسليط الضوء على أهمية تعزيز التعاون على المستوى العالمي لمساعدة الدول النامية على المشاركة في جهود مواجهة تحدي التغير المناخي، وعلى المستوى الإقليمي لإيجاد نموذج للعمل المناخي يناسب طبيعة المنطقة العربية، ويراعي ظروفها واحتياجاتها. وقالت معالي مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة في تصريحات خاصة لـ «الاتحاد»: «إن نموذج دولة الإمارات في التعامل مع تحدي التغير المناخي ينطلق من أكثر من ركيزة، تتمثل الأولى في سعيها الدائم في حماية الإنسانية بشكل عام، وضمان إيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، فيما تتمثل الركيزة الثانية في تعاملها مع كافة التحديات على أنها فرص للنمو، لذا تعمل على الاستفادة من الفرص التي يخلقها العمل المناخي لتحقيق نموذج تنمية اقتصادية مستدامة». وأضافت معاليها: «المشاركة في الاجتماع الوزاري تأتي انطلاقاً من حرص دولة الإمارات على الوفاء بالتزاماتها تجاه الاتفاقات الدولية، والتزاماتها الطوعية تجاه حماية الإنسانية والحفاظ على صحة كوكب الأرض، وسنركز خلال اللقاءات والنقاشات التي سيشهدها الاجتماع على تعزيز سبل التعاون وتسريع وتيرة العمل المناخي وتحفيز الحراك العالمي، لإيجاد مصادر من دورها مساعدة الدول النامية على المساهمة بقوة في مسيرة العمل المناخي، كما سنحرص على التأكيد على أهمية الإسراع في تنفيذ بنود اتفاق باريس للمناخ، ومخرجات مؤتمر COP26 في غلاسكو»، مشيرة إلى أن الاجتماع الوزاري الحالي، ومؤتمر COP27 الذي ستستضيفه جمهورية مصر العربية في نوفمبر المقبل، ستمثل محطات مهمة وداعمة للتحضير لاستضافة COP28 في الإمارات وجعله علامة فارقة في مسيرة العمل المناخي عالمياً. وأوضحت معاليها، أن الاجتماع يستهدف أيضاً بشكل رئيس إتاحة الفرصة لمتابعة التقدم المحرز في تنفيذ الالتزامات الخاص بالعمل المناخي، بما في ذلك اتفاق باريس، وميثاق غلاسكو للمناخ والقرارات الأخرى للاتفاقية الإطارية، بالإضافة للإعلانات والتعهدات الدولية، ومناقشة ما يجب القيام به أكثر لدفع التقدم في التنفيذ، بما في ذلك التخفيف والتكيف، وتعزيز وتسريع عمليات التمويل، وبناء الثقة بين جميع أصحاب المصلحة فيما يتعلق بالجدية ومصداقية الوفاء بالالتزامات الحالية واتخاذ تدابير حقيقية، وإجراءات واقعية على الأرض. وستشمل فعاليات الاجتماع الوزاري 4 جلسات رئيسة، تتناول الجلسة الأولى موضوع التكيف مع تأثيرات المناخ. وفي هذا الإطار أوضح تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن مخاطر وآثار تغير المناخ تزداد سوءاً، وربط بين قدرات تحقيق تنمية مستدامة عالمية وبين إمكانية نجاح جهود التكيف مع تغيرات المناخ، كما بيّن التقرير أن هناك ما يزيد على 3 مليارات نسمة يعيشون في البلدان النامية، والتي تسير عمليات التنمية في أغلبها بشكل غير مستدام، ما يحدث فجوة كبيرة بين ما يتم إنجازه في جهود التكيف وقدرة هذه الجهود على مواجهة التغير المناخي في وقت تؤثر عليها وتضعفها التنمية غير المستدامة. كما أشار التقرير إلى أن جهود التكيف حول العالم لا تزال مجزأة وغير متكاملة، حيث تشهد وتيرة متسارعة في بعض المناطق، فيما لا تشهد مناطق أخرى أي جهود على الإطلاق، في وقت يؤثر تغير المناخ على كوكب الأرض ككل. الخسائر والأضرار وستتناول الجلسة النقاشية الثانية ضمن أعمال الاجتماع موضوع تجنب الخسائر والأضرار الناجمة عن تداعيات تغير المناخ وتقليلها ومعالجتها، وتستهدف تعزيز التعاون حول المعالجات الاستباقية وأهمية استشراف المستقبل تأثيرات التغير المناخي لتفادي الخسائر التي يمكن أن تقع مستقبلاً، عبر تعزيز الاستثمار في جهود التكيف وبيان ما يمكن أن يعود به الاستثمار الحالي من توفير مضاعف لتكلفة معالجة وإصلاح الأضرار التي يمكن أن تحدث مستقبلاً. وستركز الجلسة الثالثة على موضوع خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والحفاظ على درجات حرارة الأرض عند حدود 1.5 درجة مئوية، مقارنة مع مستويات ما قبل الثورة الصناعية. وستتيح الجلسة استعراض الدول لاستراتيجياتها طويلة المدى لخفض الانبعاثات ولتحقيق الحياد المناخي، وطموحاتها التي ستعرضها في تقاريرها المقبلة للمساهمات المحددة وطنياً، كما ستناقش الجهود المطلوبة لخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، في مقابل زيادة حصة الطاقة النظيفة والمتجددة من إجمالي مزيج الطاقة العالمي. وفي هذا الإطار تستعرض دولة الإمارات تجربتها الرائدة في تعزيز نشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة والتي جعلت منها نموذجاً عالمياً في جهودها على المستويين المحلي والعالمي، حيث باتت موطناً لثلاث من أكبر محطات الطاقة الشمسية عالمياً، كما أنها تستضيف على أرضها المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة وتشارك في كافة جهودها ومشاريعها لنشر الطاقة المتجددة عالمياً. كما سيتم استعراض مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي لتحقيق الحياد المناخي 2050، وأيضاً خطتها الطموحة في تطوير استراتيجية طويلة الأمد ومستهدفات مرحلية لتقليل الانبعاثات الكربونية، والتي تمثل نموذجاً جديداً للنمو الاقتصادي المستدام القائم على المعرفة وتعزيز الابتكار والتطوير وتوظيف التكنولوجيا النظيفة على مستوى كافة القطاعات. وستتناول الجلسة الرابعة والأخيرة لفعاليات الاجتماع الوزاري قضية حشد التمويل لجهود خفض مسببات تغير المناخ وتعزيز قدرات التكيف مع تداعياته. وسيتناول نقاش الوزراء خلال الجلسة هدف جمع 100 مليار دولار، لمضاعفة جهود التكيف مع تداعيات التغير المناخ خلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، كما سيتناول بحث احتياجات الدول النامية لتعزيز قدراتها على المشاركة في العمل المناخي وجهود التكيف وتحول الطاقة وضمان مرونة التدفقات المالية اللازمة، وتعزيز مشاركة المجتمع الدولي كافة فيها، لضمان إحداث حراك عالمي متزايد لضمان حماية كوكب الأرض من التحدي الأكثر تهديداً لاستمرار الحياة عليه. غابات القرم كانت دولة الإمارات قد أعلنت عن رفع طموحها لتوسيع غطاء غابات القرم (المانجروف) من خلال هدف زيادة زراعة أشجار القرم من 30 مليوناً - التي أُعلن عنها سابقاً ضمن التقرير الثاني للمساهمات المحددة وطنياً وفقاً لاتفاق باريس للمناخ - إلى 100 مليون شجرة بحلول 2030، وتعزز هذه الخطوة مكانتها الرائدة عالمياً في الاعتماد على الحلول المستندة إلى الطبيعة في مواجهة تحدي التغير المناخي. وتلعب غابات القرم دوراً مهماً في حماية سواحل دولة الإمارات من ارتفاع مستويات سطح البحر، والعواصف الشديدة، وتوفير الموائل الطبيعية للتنوع البيولوجي، كما أنها تعمل كأحواض طبيعية للكربون، وتمثل الإمارات موطناً لـ 60 مليون شجرة قرم، وتمتد هذه الغابات على مساحة تصل إلى 183 كيلومتراً مربعاً، وتلتقط 43,000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ومع إضافة 100 مليون شجرة من أشجار القرم، سيصل إجمالي مساحة غابات القرم إلى 483 كيلو متراً مربعاً، وستسهم بدورها في التقاط 115,000 طن - تقريباً - سنوياً من ثاني أكسيد الكربون.
مشاركة :