رحل قبل أن يرى من يحب... شعر بقليل من الألم في صدره، فقرر التوجه إلى المستشفى ليرى ما سبب هذا الألم المفاجئ الذي انتابه حتى وصل وشرح إلى الأطباء ماذا به واستلقى على إحدى الأسرة في غرفة الطوارئ حتى رحل بهدوء لتكون هذه هي اللحظة الأخيرة في هذه الحياة ليرحل إلى حياة أخرى.. فلم يكن يعلم بأنه ذاهبًا وإنها اللحظات الأخيرة له في هذه الحياة دون أن يودع من يحب.. خرجت وكانت قبلتها إلى أهلها آخر ما قدمته لهم ونظراتها التي لم تفارق أعين من يحبها وكأنها كانت تودعهم بطريقتها.. إلى أن أتى إليهم خبر وفاتها ليتوجهوا إليها وهي على فراش الموت.. لم تكن تعلم بأن خروجها من منزلها سيكون الخروج النهائي لترحل بعدها إلى حياة ثانية.. رحلت قبل أن ترى حلمها الذي لطالما انتظرته لسنوات منذ زواجها يكبر أمام عيناها.. فعندما أصبح الحلم حقيقة لم تتمكن البقاء معه فكانت مشيئة الله سبحانه وتعالى بأن تأتي ساعة الرحيل تاركة ورائها روحًا صغيرة تذكر أحبتها بها.. شعر بألم فقال لأبنائه: أريد الذهاب إلى المستشفى، وعندما وصل إلى هناك وأجري إليه بعض الفحوصات، ولكن كان ذلك الألم هو الأنفاس الأخيرة له لتسقط آخر دمعة من عينيه ليودع أحبته من حوله راحلاً إلى حياة ثانية.. ظلت على فراشها لسنوات طويلة تصارع المرض والألم، ولكن بخبر وفاة أحد أبنائها لم تستطع البقاء، فكان لها الروح وعندما رحلت الروح رحل الجسد عن هذه الحياة.. رحلت عندما وصلت إلى هدفها الذي لطالما سعت إليه لتتركه في آخر محطات الوصول متجه إلى هدف آخر في حياتها تسعى إلى تحقيقه بكل صبر وجهد والتزام وتفاني على أمل الوصول إلى محطة مليئة بالعطاء والتقدير.. قررت الرحيل لتترك حياة اعتقدت بأنها ستكون بداية لحياة جميلة معه ولكن لم ترَ غير ألم يحيط بها وعدم الاهتمام واللامبالاة.. إلى أن كان قرار الانفصال هو المحطة الأخيرة بينهما تاركين بعض الذكريات... لو كان هناك ليلة واحدة قبل الرحيل ماذا سيفعل بها الفرد منا؟ لنترك ذكرى جميلة لدى الآخرين. لنعمل عملاً صالحًا. لنزرع أملاً في صدور من نحب. لنمنح علمًا ينتفع به. لنستثمر وقتنا بما فيه خير لنا وللآخرين.. لنفكر في تصرفاتنا وأقوالنا وأفعالنا قبل الرحيل.. وفاء عيسى عون