الراحل الكبير خليفة بن زايد قائد مرحلة التمكين والمبادرات الإنسانية

  • 5/14/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بكثير من الحزن والأسى فقدت الأمتان العربية والإسلامية والعالم أجمع، صباح أمس الجمعة، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة، بعد مسيرة طويلة من العطاء والتنمية والرخاء قاد خلالها دولة الإمارات إلى مصاف الدول الحديثة المتقدمة بكل أمانة وإخلاص. وقد أعلنت وزارة شؤون الرئاسة الاماراتية الحداد الرسمي وتنكيس الأعلام على المغفور له لمدة أربعين يومًا من اليوم، وتعطيل العمل في الوزارات والدوائر والمؤسسات الاتحادية والقطاع الخاص لمدة ثلاثة أيام من اليوم. وقد نعى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى أخاه المغفور له رئيس دولة الإمارات الذي انتقل إلى جوار ربه صباح أمس، بعد عمر حافل بالعطاء والإنجازات في خدمة شعبه وأمته العربية والإسلامية ونصرة قضاياها، مؤكدًا جلالته أن الفقيد كان قائدًا حكيمًا كرّس حياته في خدمة شعبه وأمته وخدمة الإنسانية جمعاء. وفي رثاء مُودّع حزين، وصف سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة أخاه وعضيده ومعلمه فقيد الإمارات الكبير وابنها البار بأنه كان قائد «مرحلة التمكين» في الدولة وأمين رحلتها المباركة، مشيرًا إلى أن إنجازات المغفور له باذن الله ومواقفه وحكمته وعطاءه ومبادراته في كل زاوية من زوايا الوطن. كما نعى المغفور له عدد كبير من ملوك وأمراء ورؤساء وزعماء العالم ورؤساء الحكومات والوزراء وكبار المسؤولين في العالم، وهو إن دلّ على شيء فهو يدل على مشاعر التقدير والاحترام والمحبة التي يكنونها للفقيد الكريم نظير ما قدمه خلال مسيرته من إنجازات ومبادرات لم يغمر بها شعبه فحسب، ولكن امتدت اسهاماتها وآثارها السخية لمعظم شعوب العالم. نشأة ومناصب الفقيد ويعد الشيخ الراحل خليفة بن زايد من القيادات التاريخية المشهود لها بالعطاء والبذل على مدى 45 عامًا من العمل الوطني في خدمة الوطن والمواطن، منذ أن شارك وهو في صباه إلى جانب والده الشيخ زايد في مرحلة التأسيس لبناء الوطن ومواكبة مسيرة التقدم في العالم، وأنجز بهمة وكفاءة ودرجة عالية من المسؤولية الوطنية المهام التي أوكلت إليه في مختلف المناصب الرئيسة التي شغلها خلال مراحل بناء نهضة إمارة أبوظبي، ومن ثم دولة الإمارات العربية المتحدة. ويُعد المغفور له هو الرئيس الثاني لدولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة والحاكم الـ16 لإمارة أبوظبي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الاماراتية، إذ تولى رئاسة الدولة في 3 نوفمبر عام 2004م خلفًا لوالده الراحل المغفور له باذن الله تعالى سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة الاتحادية، ووُلد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في قصر قلعة المويجعي بمدينة العين الاماراتية عام 1948م. وفي أغسطس عام 1966م عُيّن ممثلًا لحاكم أبوظبي في المنطقة الشرقية ورئيسًا لنظامها القانوني، كما عين في عام 1969م وليًا للعهد لإمارة أبوظبي وتولى رئاسة أول مجلس وزراء محلي لإمارة أبوظبي إضافة إلى حقيبتي الدفاع والمالية في يوليو من عام 1971م، كما أصبح نائبًا لرئيس مجلس الوزراء الاتحادي عام 1974م، وعُين عام 1976 نائبًا للقائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات. قائد مرحلة التمكين والنهضة احتلت رفاهية المواطن وتوفير سبل العيش الكريم له وإسعاده أولويات الفقيد الراحل منذ أن تولى مقاليد الحكم، فقد عرفت دولة الإمارات العربية المتحدة طريقها نحو نهضة تنموية مواكبة للألفية الجديدة من خلال توفير أرقى الخدمات، خاصة في قطاعات التعليم والصحة والإسكان والرعاية الاجتماعية، وغيرها من المتطلبات الضرورية التي تؤمن للمواطنين الحياة الكريمة والمستقبل الآمن لهم لأبنائهم. ولعل من أبرز الخطوات الاصلاحية المهمة التي شهدتها دولة الامارات في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد هو إعلانه عن إطلاق برنامج «التمكين» السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي والثقافي في خطابه بمناسبة اليوم الوطني الرابع والثلاثين في الأول من ديسمبر عام 2005، مدشنًا عصر جديد من التمكين الحقيقي للمواطنين بفتح المجالات كافة أمام المشاركة الشعبية بإعلان تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للسلطة التنفيذية، وليكون أكبر قدرة وفاعلية والتصاقًا بقضايا الوطن وهموم المواطن، يبدأ بتفعيل دوره عبر انتخاب نصف أعضائه. وتم بالفعل إنجاز هذه المرحلة التاريخية بنجاح بإجراء انتخابات حرة مباشرة لنصف أعضاء المجلس في دورتين متتاليتين في العام 2006 والعام 2011 بمشاركة فاعلة للمرأة -لأول مرة- أسفرت عن فوز مرشحة واحدة في كل دورة وهو مامثّل انتصارًا وتمكينًا حقيقيًا للمرأة الاماراتية. كما أولى الشيخ خليفة بن زايد رحمه الله اهتمامًا كبيرًا لمشاريع تطوير وتحديث البنية التحتية ومرافق الخدمات المختلفة ووضع اللبنة الأساسية لتنمية وازدهار النهضة العمرانية في جميع إمارات الدولة السبع، عبر بناء جهاز إداري حديث ومتطور وبنى تحتية ومعلوماتية ورقمية عالية الجودة الى جانب الاهتمام بتقديم حزم متميزة من الخدمات الحكومية والاتحادية تتناسب مع إيقاع العصر. كما يحسب للقطاع الخاص والصندوق السيادي لدولة الامارات على جذب رؤوس الأموال والاستثمارات وخلق فرص عمل ومناخ استثماري من الطراز الرفيع والمأمون ساعد كثيرًا في تمتعها بمكانة متميزة على خريطة العالم. وفي سبيل الارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن الاماراتي وترسيخًا لعلاقات المحبة بينه وبين شعبه، أسس الرئيس الراحل (دائرة الخدمات الاجتماعية والمباني التجارية) التي عُرفت بين الناس (بلجنة الشيخ خليفة)، إذ قامت بتقديم تمويلات سخية للمواطنين بدون أي فوائد، لإنشاء مبانٍ تجارية تدرّ عليهم عوائد مالية دورية، ما أسهم في زيادة دخول المواطنين ورفع مستواهم الاقتصادي والاجتماعي. سياسة خارجية متوازنة وفاعلة وعلى صعيد السياسة الخارجية للدولة، حرص المغفور له منذ توليه مقاليد الحكم لدولة الإمارات على استكمال مسيرة والده الراحل التنموية والنهضوية عبر بناء دولة مؤسسات قوية عصرية ذات سياسة خارجية متزنة ورشيدة ومستقلة، تعتمد على احترام القوانين والمواثيق والاعراف الدولية واحترام سيادة الدول الأخرى وعدم التدخل في شؤون الآخرين، ومد جسور التعاون والتكامل مع الدول الشقيقة والصديقة على مبدأ الشراكة الدولية في نشر السلم والاستقرار وتجنيب الشعوب ويلات الحروب في العالم. وتُعد دولة الامارات عضوا مؤثرًا داخل منظومة العمل الخليجي والعربي المشترك وداعمًا أساسيًا لاستقرار دولها ونمائها ونهضتها. وفي عهد الفقيد الراحل عاشت دولة الامارات أزهى عصور الحريات والانفتاح والتسامح والتعايش مع الآخر، إضافة الى ما حققته من انجازات ملموسة على الصعيد الحقوقي وفي مجال احترام حقوق الانسان. جوائز وأوسمة تعكس التقدير والاحترام لقد كرّس المغفور له سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات حياته منشغلًا بتحقيق الرفاهية والتطور والنماء والسعادة لشعبه الشقيق الكريم، فاستحق أن يكون لأكثر من مرة في صدارة قوائم الرؤساء والزعماء الأكثر تأثيرًا على مستوى العالم بحسب صحيفة التايمز البريطانية. كما احتلت دولة الإمارات في عهد المغفور له المركز الثالث عالميًا في مؤشر ثقة المواطنين بالقادة السياسيين فيها من بين 148 دولة في العالم، بحسب تقرير التنافسية الدولية للمنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» لعام 2013-2014. وصنّف تقرير المسح الثاني للأمم المتحدة لمؤشرات السعادة والرضا بين شعوب العالم دولة الإمارات في المركز الأول عربيًا والرابعة عشرة عالميًا التي حققت السعادة والرضا لمواطنيها. كما حصل المغفور له على عدد من الجوائز والأوسمة: وسام «القائد الأعظم» من الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا وهو من أعلى الأوسمة في بريطانيا، وميدالية تقديرية من الملك الإسباني خوان كارلوس خلال لقائهما في إمارة أبوظبي، وجائزة «بطل الأرض» من المنظمة الدولية للبيئة اعترافًا وتقديرًا لجهوده وعمله المتواصل طوال حياته في حماية البيئة، اضافة الى جائزة فخرية من جمعية «تيرف كلوب» الأيرلندية عرفانًا وتقديرًا لدوره البارز في دعم سباقات الخيل على المستوى العالم، فضلا عن الدكتوراه الفخرية في العلوم من جامعة الخرطوم من معهد الدراسات البيئية تقديرًا لأعماله الجليلة في مجال البيئة وإسهامه في تعزيز الامن والتوازن البيئي.

مشاركة :