تجاهل إسرائيل للوصاية الهاشمية على القدس يزيد من تأزيم العلاقات مع الأردن

  • 5/15/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تُنذر تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بشأن سيادة بلاده على المسجد الأقصى مؤخرا باضطراب جديد محتمل في علاقات بلاده مع الأردن، خاصة مع تجاهله الواضح لدور وصاية عمّان على الأماكن المقدسة في فلسطين. ولم يمض عام على تولي بينيت زعيم حزب “يمينا” رئاسة الحكومة الإسرائيلية حتى عادت مناكفة تل أبيب لعمّان لتطفو على السطح مرة أخرى، كما كانت عليها في حكومة سلفه بنيامين نتنياهو، تدفعها الانتهاكات المستمرة بحق المسجد الأقصى. وباتت علاقات البلدين على صفيح ساخن، فإسرائيل تُحاول إقصاء الأردن عن دور عمره 98 عاما يتمثل في الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والتي احتفظت بها المملكة بموجب اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين عام 1994. فايز الفايز: بينيت المأزوم يحاول الالتفاف على الاتفاقيات مع الأردن وفي بداية الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية الأسبوع الماضي اعتبر بينيت أن إسرائيل هي “صاحبة السيادة على القدس بغض النظر عن أي اعتبارات خارجية”، وستتخذ جميع القرارات المتعلقة بالمسجد الأقصى والمدينة. وردّ بينيت بهذا الحديث على تصريحات أدلى بها منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة (4 مقاعد من أصل 120 في الكنيست)، الشريك في الائتلاف الحكومي في إسرائيل. وقال عباس في تصريحاته إن حل قضية المسجد الأقصى هو “إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس”. وأفاد بأن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني هو “من يحدد الإجراءات الإسرائيلية بالحرم القدسي”، باعتبار أن “له سلطة على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في القدس بموجب الوصاية الهاشمية”. وعلى الرغم من تلك التصريحات وعدم تعليق عمّان عليها، إلا أن المملكة تتمسك بوصايتها على المقدسات في القدس في مختلف المحافل الدولية. وفي مارس 2013 وقع الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تعطي المملكة حق “الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات” في فلسطين. وقال المحلل السياسي فايز الفايز إن “الحكومة الإسرائيلية تعاني من أزمة داخلية يتنازع فيها عدد من الأحزاب، في ظل خشية رئيس الوزراء بينيت من سقوط حكومته”. وأضاف “هذا ما دفعه إلى استخدام لغة مستفزة أثارت السخط الأردني الرسمي عليها، في تقديمه لمرافعة أمام الائتلاف الحكومي، ليصرح بأن أي إجراءات في مدينة القدس هي مناطة فقط بالسلطة الإسرائيلية ولا يسمح لأي جهة أجنبية بالتدخل في شؤونها”. ◙ انتهاكات إسرائيل المستمرة بحق المسجد الأقصى وفلسطين عامة دفعت نحو المزيد من التدهور في علاقتها مع الأردن وأفاد بأن الوصاية الأردنية “إرث قديم منذ قيام إسرائيل، وقد حافظت حكومات تل أبيب المتتالية على التفاهمات على الأرض بوساطة الأميركيين وروسيا”. وتابع “لكن يبدو اليوم أن النزاع الأخير لحكومة بينيت وخشيته من أن يجرد من الحكومة جعلاه يلتف على الاتفاقيات مع الملك عبدالله الثاني”. وفي الثامن والعشرين من أبريل الماضي بدأ العاهل الأردني زيارة إلى الولايات المتحدة التقى خلالها عددا من المسؤولين الأميركيين قبل أن يلتقي الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض الجمعة. وأكد بايدن عقب لقائه العاهل الأردني على ضرورة إيجاد آليات للحد من التصعيد ودعم جهود التهدئة في الأراضي الفلسطينية. وشدد الرئيس الأميركي على “ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي الراهن في الحرم القدسي الشريف”، مؤكدا على “الدور المحوري للوصاية الهاشمية في القدس”. ويشهد المسجد الأقصى منذ مطلع أبريل الماضي توترات إثر اقتحامات إسرائيلية متكررة لباحاته بالتوازي مع مواجهات يومية في الضفة الغربية أسفرت عن مقتل عدة فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي. حسن الدعجة: المجتمع الدولي يؤيد الوصاية الهاشمية ولا سبيل إلى طمسها وقال أستاذ العلوم السياسية والخبير بالشأن الفلسطيني والإسرائيلي أحمد سعيد نوفل إن “انتهاكات إسرائيل أفرغت محتوى الوصاية الأردنية، وكان على عمّان أن تتخذ موقفا أكثر قوة”. وأضاف “إسرائيل لم تحترم الأردن، وكان للمملكة الكثير من الأوراق التي تستطيع اللعب عليها من أجل الضغط على تل أبيب ووقف استفزازاتها، وعلى الرغم من دعم عمّان للقدس وصمود المقدسيين، إلا أن ضعف الموقف يُوحي وكأنها تقبل بما يجري”. وتابع نوفل “إسرائيل تسبب الحرج للأردن، فخبثها ساهم في سحب ورقة الضغط الأردنية شيئا فشيئا عليها إزاء تلك الممارسات، ما جعل عمّان عاجزة عن القيام بما يضع حدا لها”. وأكد على أهمية أن تأخذ حكومة بلاده “الموقف الشعبي الداعم للرعاية الأردنية، وتوظفه لصالح موقف أكثر صلابة في وجه تلك الانتهاكات”. وتنص الفقرة الثانية في المادة 9 من اتفاقية السلام لسنة 1994 بأنه “تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن”. وأفاد حسن الدعجة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسين بن طلال الأردنية (حكومية) أن حكومة بينيت “لن تختلف عن حكومة نتنياهو في مسألة انتهاكات القوانين والاتفاقيات الموقعة مع الأردن والتي تقرها الأمم المتحدة، وهذا من باب محاولتها فرض أمر واقع جديد في القدس”. وأضاف “يغيب عن الحكومة الإسرائيلية أنها عندما احتلت القدس والضفة الغربية، احتلتهما كأراض أردنية بعد وحدة الضفتين، وبالتالي السيادة الأردنية تسري على هذه المنطقة وإن كانت معطلة بسبب الاحتلال”. وشدد على ضرورة “احترام الكيان القائم بالاحتلال للمواثيق والقوانين الدولية، وعدم تغيير الوضع بالقدس والمناطق المحتلة، وألا تهجر سكانها أو تحاول التغيير الديمغرافي والمكاني”. وتابع “كانت إسرائيل تسعى لطمس الوصاية الهاشمية أو إلغائها، فالمجتمع الدولي يؤيد الأردن بهذا الدور، لأنه منصوص عليه بالاتفاقيات الموقعة”. تتبع للأردن العديد من المؤسسات والهيئات التي تُعنى بشؤون القدس والمقدسات فيها، ومنها وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية وتأتي تصريحات بينيت بشأن سيادة بلاده على الأقصى رغم لقاءات رفيعة المستوى بين مسؤولين إسرائيليين والعاهل الأردني أواخر مارس الماضي دلت على حرص تل أبيب على حفظ دور المملكة بالأراضي الفلسطينية بحكم ترابطها الديمغرافي والسياسي مع فلسطين. وشهدت العلاقات بين الأردن وإسرائيل جفاءً واضحا في عهد رئيس الوزراء السابق نتنياهو (2009 – 2021) إلى درجة دفعت العاهل الأردني إلى وصفها خلال جلسة حوارية في الولايات المتحدة بأنها “في أسوأ حالاتها”.

مشاركة :