الشركات الأمريكية أمام معادلة صعبة بين رفع الأسعار ومقاومة المستهلكين

  • 5/16/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تمكنت الشركات الأمريكية على اختلافها، من شركات المرطبات إلى شركات الأثاث، خلال الأشهر الماضية في زيادة أسعارها من دون أن تواجه الكثير من المقاومة من جانب المستهلكين. لكن مع تصاعد التضخم، تجد نفسها أمام معادلة صعبة، وفقا لـ"الفرنسية". كريس شاف على يقين بأن الأسعار ازدادت على كل المنتجات، غير أن الزيادات لا تزال محتملة بالنسبة لهذا الموظف في قطاع الأمن المعلوماتي في ولاية نيويورك، ولو أنه يقول "من الواضح أنني أتنبه أكثر من قبل على الإنفاق". وفي حال استمر التضخم البالغ حاليا أعلى مستوياته منذ 40 عاما في الولايات المتحدة، يعتزم إريك شوارتز الناشر المقيم في ولاية كونيتيكت (شمال شرق) خفض نفقاته عبر الحد من استخدام سيارته ومن ارتياد المطاعم وزيادة مقدار المعكرونة في طعامه. وتواجه شركات التوزيع وضعا صعبا مع زيادة نفقاتها بشكل كبير في ظل مشكلات سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار المواد الأولية ورفع أجور موظفيها، لكن عليها الآن أن تحرص على عدم زيادة أسعارها بشكل مسرف حفاظا على زبائنها. ولاحظت شركة ألتريا المصنعة للسجائر أن حصص السوق للسجائر الأدنى سعرا ازدادت في الفصل الأول من العام. من جهتها، أشهرت شركة أرمسترونج فلورينج للأرضيات الخشبية إفلاسها الأحد الماضي إذ لم تتمكن من رفع أسعارها بشكل كاف للتعويض عن زيادة تكلفة المواد الأولية والنقل. وأوضح مارشال كون خبير التوزيع في مكتب إن بي دي أنه مع المساعدات الحكومية وزيادة الأجور ولزوم المنازل في ظل تفشي كوفيد، "أنفق المستهلكون مستويات مرتفعة جدا خلال الوباء"، لكن مع استئناف الإنفاق على النشاطات الترفيهية وزيادة التضخم فإن المستهلكين "يصبحون أكثر انتقائية". وأفادت الشركة أن مبيعات المنتجات الواسعة الاستهلاك تراجعت في نيسان (أبريل) بنسبة 1 في المائة، من حيث قيمتها، إنما بنسبة 7 في المائة من حيث الحجم، وأوضح كوهن "الناس ينفقون بالقدر ذاته لقاء كمية أقل من المنتجات". ورأى نيل سوندرز من مكتب جلوبال داتا أنه "حتى لو أن التضخم بدأ قبل عدة أشهر، فإن مفعوله بدأ يظهر فعليا الآن فقط" لأن المستهلكين أدركوا أنه ليس مؤقتا. وهم يتفاعلون مع هذا الوضع بشكل متباين بحسب قدراتهم، فيقلص بعضهم النفقات غير الضرورية مثل العطل والاشتراكات بمنصات البث التدفقي، فيما يذهب البعض الآخر إلى حد الإحجام عن شراء ملابس أو اختيار العلامات التجارية الأدنى ثمنا. وعمدت شركة بروكتر وجامل التي تبيع مختلف السلع من مسحوق الغسيل إلى معجون الأسنان مرورا بالحفاضات، إلى زيادة أسعارها منذ حزيران (يونيو)، ومن المقرر أن تزيدها أكثر هذا الصيف. وقال مديرها المالي أندريه شولتن لدى عرض نتائج المجموعة في نهاية نيسان (أبريل)، إن حجم الزيادة وتوقيتها يختلفان لكل فئة من السلع. وتحرص الشركة بصورة خاصة على عرض مروحة واسعة من الأسعار للمنتج ذاته، لكن المستهلكين "ما زالوا حتى الآن يتجهون إلى أفضل العلامات التجارية". كذلك تقوم كوكا كولا التي تحظى بقاعدة مستهلكين أوفياء، برفع أسعارها بشكل منتظم منذ عام في ضوء زيادة تكاليفها. وقال رئيسها جيمس كوينسي أخيرا إنه من الأفضل القيام بذلك طالما أن المستهلكين على استعداد لتقبل هذه الزيادات "بدل أن نتأخر إلى حين حلول الانكماش". وقال سيلي لفرش رئيس شركة تيمبور "من الواضح أن السوق تباطأت قليلا" في آذار (مارس) ونيسان (أبريل). ولا تزال المجموعة تعتزم زيادة أسعارها مجددا في النصف الثاني من العام، لكنها تؤكد استعدادها لتبديل استراتيجيتها إذا ما سجل انكماش. وفي مجال الوجبات السريعة، كانت وجبات سلسلة مطاعم ماكدونالدز خلال الفصل الأول من العام أعلى بمعدل 8 في المائة منها خلال الفترة ذاتها من 2021، وهي زيادة مقبولة بصورة عامة. لكن كيفين أوزان المدير المالي للسلسلة قال في نهاية نيسان (أبريل) "إننا نراقب عن كثب زبائننا ذوي الدخل المتدني للتأكد من أننا ما زالنا نعرض عليهم أسعارا مناسبة". ولفت أستاذ التسويق في جامعة بنسيلفانيا جون تشانج إلى أنه بوسع الشركات أن تزيد أسعارها إذ إنها على يقين بأن منافسيها يفعلون الأمر نفسه بمواجهة الزيادة ذاتها في التكلفة. لكن عليها برأيه أن "تتثبت من أن ذلك لا يثير استياء زبائنها" من خلال اعتماد زيادات صغيرة بصورة تدريجية أو تقليص حجم الرزمة أو اقتراح منتج جديد أدنى سعرا. وأخيرا، أثار نقص حاد في حليب الأطفال قلق السكان في الولايات المتحدة، إذ يعاني الكثير جراء الأزمة، ما يؤدي إلى ضغوط نفسية لم يكن يتخيلها أهل كثر في البلاد، في وضع مرده إلى مشكلات تموين فاقمها إغلاق مصنع تابع لشركة تصنيع محلية كبيرة. وتوضح سارة خان، وهي أم لثلاثة أطفال في سن عشرة أعوام وسبعة أعوام وستة أشهر، أن الأمر مستمر منذ أشهر. وتقول في تصريحات "منذ ولادة طفلي، لاحظت أن ثمة مشكلة وهو سيبلغ شهره السابع الأسبوع المقبل". وتصف خان المعاناة التي تتكبدها كلما أرادت شراء بضع عبوات من مسحوق الحليب، بعدما فرغت الرفوف في الصيدليات أو المتاجر الكبرى في العاصمة واشنطن وضواحيها من هذه المنتجات. وقد نجحت في الصمود بفضل أصدقائها وأفراد من عائلتها أرسلوا إليها علب حليب بالبريد كلما وجدوا إليها سبيلا من بوسطن أو نيويورك. وتقول خان "الوضع عبثي، اضطررت حتى لطلب حليب الأطفال من ألمانيا". وتدهور الوضع فعليا في 17 شباط (فبراير) بعد قرار أصدرته شركة أبوت إثر وفاة طفلين، قضى بـ"السحب الطوعي" لمنتجات مسحوق الحليب المصنعة في مصنع تابع لها في ولاية ميشيجن، بينها حليب "سيميلاك" المستخدم لدى ملايين العائلات الأمريكية. وخلص تحقيق رسمي أجري في هذه القضية إلى عدم مسؤولية الحليب المصنع من الشركة عن حالتي الوفاة، غير أن الإنتاج لم يستأنف بعد، ما زاد من حالات النقص الناجمة عن مشكلات في سلسلة التوريد ونقص في اليد العاملة. وبحسب شركة "داتا سمبلي" المتخصصة في خدمات البيانات، بلغت نسبة انقطاع مخزون مسحوق الحليب المخصص للرضع 43 في المائة نهاية الأسبوع الماضي، بارتفاع 10 في المائة مقارنة بمعدل نيسان (أبريل). وتقول أوليفيا إسبينوزا "الأمر محبط جدا، إذ إن المشكلة لم تحصل بين ليلة وضحاها". وتعيش أوليفيا في سان دييجو في ولاية كاليفورنيا مع ستيف هوهمان وطفليهما، بينهما مايا ابنة الأسابيع الثلاثة التي تعاني حساسية من مادة اللاكتوز. ويقول ستيف هوهمان "لم يكن لدينا أي خيار آخر سوى البحث عن حليب محضر من النباتات". وفي العادة، تزود المستشفيات وأطباء الأطفال الأهل بعينات عدة ليختاروا ما يلائم طفلهم منها.

مشاركة :