دخلت سلطات الإدارة الذاتية والنظام السوري شرق الفرات، مضمار المنافسة لشراء قمح الجزيرة؛ بعد تراجع المساحات المزروعة وخروج مئات آلاف الهكتارات من القمح والشعير جراء تراجع الهطولات المطرية الموسمية. وسوريا التي كانت تنتج أربع ملايين طن من القمح قبل عام 2010، أمام كارثة غذائية حقيقية الآن، ويقدر خبراء وقادة الإدارة، بأن إنتاج الموسم الحالي قد يصل إلى ربع الكمية المعتادة باحتمالية وصول الإنتاج بأفضل أحواله إلى مليون طن، ما يعني تراجع إنتاج المحاصيل إلى أكثر من 70 في المائة في أجزاء كبيرة من المنطقة مقارنة مع الأعوام الماضية. وبحسب إحصاءات وأرقام لجان الزراعة في كل من الإدارة الذاتية وحكومة النظام السوري، خرجت أكثر من 300 ألف هكتار بالكامل، من الأراضي الزراعية كانت مخصصة لزراعة قمح الموسم، إضافة إلى تضرر موسم الشعير بعد خروج نحو 400 ألف هكتار من الموسم البعل (الري عبر الأمطار)، من خطة الإنتاج، مع بقاء 135 ألف هكتار من القمح المروي و25 ألف هكتار من الشعير المروي ضمن خطة الإنتاج. وقد تكون المساحات أكثر من ذلك، إذ تقدر المساحات القابلة للزراعة في محافظة الحسكة نحو مليون هكتار، دون وجود معطيات كاملة حول حجم الضرر النهائي في إنتاج هذا الموسم إلى حين انتهاء الحصاد. وتعكف سلطات الإدارة الذاتية التي تسيطر على معظم مساحات الأراضي الزراعية في مناطق الحسكة شمال شرقي البلاد، على تحديد سعر شراء القمح مع خروج المساحات البعلية من المنافسة، وتسابق الزمن من أجل تأمين احتياجاتها من القمح لإنتاج الخبز المدعم. ومن المنتظر بدء موسم الحصاد بداية الشهر المقبل، وتوريد القمح المحلي لصوامعها ومخازنها، بعد تراجع الاحتياطي لمستوى مثير للقلق وخلط دقيق الذرة البيضاء مع الطحين بنسبة 2 في المائة، وتتوقع شركة تطوير المجتمع الزراعي التابعة للإدارة الذاتية، أن إنتاج القمح خلال هذا الموسم لن يتجاوز بأفضل حال، عتبة 500 ألف طن بحسب تقارير من هيئات ولجان الاقتصاد المتابعة لخطة الإنتاج. وتشجيعاً لتسليم الموسم إلى سلطات الإدارة، نقل رئيس هيئة الاقتصاد والزراعة سلمان بارودو: «سنقدم للإخوة الفلاحين والمزارعين كل التسهيلات لتسليم محاصيلهم، وسندعم المشاريع الخاصة للراغبين بإنشاء محالج أقطان ومستودعات أعلاف»، مشيراً إلى أن لجان الزراعة والاقتصاد، أتمت كل الاستعدادات لتسلم مادتي القمح والشعير من الفلاحين والمزارعين وشراء محاصيلهم. وتابع حديثه بالقول: «الوضع في أوكرانيا، وقرار الهند بمنع تصدير القمح خارجها، له تداعيات سلبية جداً، لذلك فإن مناطق الإدارة بأمس الحاجة لإنتاج موسم هذا العام، لا سيما مادتي القمح والشعير». في الأثناء، أعلنت الحكومة في دمشق بتوجيه من الرئيس بشار الأسد، رفع سعر شراء كيلوغرام القمح من الفلاحين إلى 1700 ليرة سورية، مع منح الفلاح مكافأة 300 ليرة لكل كيلوغرام يتم تسليمه من المناطق الآمنة، ليصبح سعر الكيلوغرام 2000 ليرة (ما يعادل نحو نصف دولار أميركي)، ومنح مكافأة 400 ليرة لكل كيلوغرام يتم تسليمه من المناطق غير الآمنة، ليصبح سعر الكيلوغرام 2100 ليرة (تعادل 52 سنتاً)، وخصصت 13 مركزاً لتسلم محصول القمح مع إمكانية توزيع عشرة ملايين كيس خيش على الفلاحين لتعبئة المحصول وتسويقه للمراكز المحددة. تجدر الإشارة إلى أن سوريا المقسمة بين ثلاثة مناطق نفوذ محلية متصارعة، تحتاج فيها مناطق النظام، مليوني طن من القمح سنوياً لتأمين حاجتها من الخبز، إضافة إلى 360 ألف طن من البذور، ونحو 800 ألف طن للاستخدامات الأخرى، من صناعة البرغل، والمعكرونة، والفريكة، والسميد، وغيرها من منتجات القمح، بحسب إحصاءات وزارة الزراعة، ومجموعها يزيد على 3 ملايين طن. أما مناطق الإدارة الذاتية الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن، فتحتاج إلى 600 ألف طن لطحين الخبز وبذور العام المقبل، والرقم نفسه تحتاجه مناطق المعارضة السورية المسلحة الواقعة شمال غربي البلاد، حيث تنتشر فيها قواعد وجنود من الجيش التركي وتدعم فصائل مسلحة موالية.
مشاركة :