وتعاني الصين، آخر قوة اقتصادية عالمية كبرى ما زالت متمسكة باستراتيجية "صفر إصابات كوفيد" الصارمة، من ركود اقتصادي نتيجة تدابير الإغلاق المطوّلة لاحتواء الوباء والتي انعكست بدورها على سلاسل الإمداد وخفّضت الطلب وأوقفت التصنيع. ونقلت محطة "سي سي تي في" الرسمية للبث عن رئيس الوزراء قوله الأربعاء "على جميع المناطق والدوائر تعزيز الشعور بالحاجة الملحة ويجب الاستعانة بأي إجراءات جديدة يمكن استخدامها". وأضاف أن على جهود دعم الاقتصاد إعادته "إلى طبيعته سريعا" بعدما أقر بأن المؤشرات "ضعفت بشكل كبير" منذ آذار/مارس مع تراجع شهده شهر نيسان/أبريل خصوصا. وأظهرت بيانات الاثنين أن مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي سجّلت الشهر الماضي تراجعا يعد الأكبر منذ بدء الوباء، بينما عادت معدلات البطالة إلى الذروة التي سجّلتها في شباط/فبراير 2020. وأدى نهج بكين المتشدد للسيطرة على تفشي كوفيد إلى تعطّل سلاسل الإمداد بينما طالت تدابير الإغلاق عشرات ملايين الأشخاص وسددت ضربة لمراكز مالية وصناعية وسياحية رئيسية. وما زالت حدود البلاد مغلقة أمام معظم المسافرين الأجانب بينما ألغيت سلسلة مناسبات رياضية دولية على خلفية المخاوف المرتبطة بالوباء. لكن الرئيس الصيني شي جينبينغ تعهّد الأربعاء إبقاء بلاده مفتوحة أمام العالم، بعد أيام من تأكيد سلطات الهجرة تمسّكها بالقيود الحدودية. وقال شي خلال مؤتمر للتجارة العالمية، وفق خطاب نشرته وزارة الخارجية، إن "عزم الصين على إعادة فتح حدودها بمعايير عالية لن يتغير.. وسيبقى باب الصين مفتوحا وبشكل أوسع أمام العالم". وشددت بكين إلى حد كبير القيود عند الحدود منذ العام الماضي ولفتت إلى أنها لن تصدر جوازات سفر للصينيين إلا إذا اعتُبر سفرهم ضروريا للغاية. وهدفت الصين لتحقيق نمو على مدى العام بأكمله تبلغ نسبته حوالى 5,5 في المئة، لكن البيانات المنشورة في نيسان/أبريل أظهرت بأن النمو تباطأ في الربع الأول من العام إلى 4,8 في المئة بعدما فقدت ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم زخمها في النصف الأخير من العام الماضي. تحمل الأهداف الاقتصادية بعدا سياسيا بالنسبة للرئيس شي، الذي يسعى لولاية جديدة على رأس السلطة. وبنى شي إرثه على النمو الاقتصادي القوي الذي حققته الصين وانتصارها في "المعركة" ضد كوفيد. لكن التفشي الحالي للوباء يعد الأسوأ في البلاد منذ ظهر الفيروس في ووهان أواخر العام 2019، بينما بدأ الاقتصاد يضعف. دعم قطاع التكنولوجيا دعا لي الأربعاء أيضا إلى دعم مساعي شركات التكنولوجيا لإدراج أسهمها في بورصات في الداخل والخارج، غداة تأكيد قادة الحزب الشيوعي على أهمية دعم قطاع التكنولوجيا خلال اجتماع نادر الحدوث مع رؤساء تنفيذيين. ويبدو أن التباطؤ الاقتصادي الصيني دفع السلطات إلى اعتماد نهج أقل تشددا حيال قطاع التكنولوجيا الشاسع والمدر للمال، بعد حملة أمنية تواصلت 18 شهرا أثارتها المخاوف من أن شركات الإنترنت الضخمة تسيطر على كمية كبيرة من البيانات وتوسّعت بشكل سريع للغاية. وخاطب نائب رئيس الوزراء ليو هي وغيره من القادة الشيوعيين الرؤساء التنفيذيين وعرضوا الدعم من أجل تحقيق "تنمية مستدامة وسليمة لاقتصاد المنصات (أي في مجال التكنولوجيا) والاقتصاد الخاص"، وفق ما أفادت "سي سي تي في" الثلاثاء. وخلال الحملة على قطاع التكنولوجيا، تم إلغاء اكتتابات عامة أولية لمجموعة "آنت غروب" التابعة لـ"علي بابا" و"ديدي تشوتشينغ" (النسخة الصينية من "أوبر")، بينما تم تحميل عمالقة التكنولوجيا غرامات بملايين الدولارات في إطار مكافحة الاحتكار وردا على خروقات تتعلق بالبيانات. ارتفعت أسهم شركات التكنولوجيا الصينية أواخر نيسان/أبريل بعدما تعهّد مسؤولون دعم شركات الإنترنت خلال اجتماع للمكتب السياسي. وأما صباح الأربعاء، فانخفضت أسهم شركات تكنولوجيا عملاقة بينها "علي بابا" وتنسنت" و"بايدو" بشكل طفيف، بينما تراجعت أسهم شركة التجارة عبر الإنترنت "جاي دي" بأكثر من أربعة في المئة بعدما سجّلت خسارة قدرها ثلاثة مليارات يوان (444 مليون دولار) في إيرادات الفصل الأول من العام. وأعلنت "تنسنت" الأربعاء نموا فصليا منخفضا إلى حد قياسي في عائداتها بلغ نحو الصفر، لتصل إلى أبطأ وتيرة منذ طرحت الشركة أسهمها للاكتتاب العام في 2004. بور-روكس/لين/غ ر
مشاركة :