وسط أزمات اقتصادية عالمية عديدة، وعلى رأسها أزمات الغذاء التي تفاقمت خلال جائحة كورونا، وفي ظل تزايد الطلب على المنتجات الغذائية الرئيسية بأنواعها، ومع زيادة تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على إمدادات القمح، تعززت لدى الجميع أهمية التفكير الجاد والحقيقي بقضايا الأمن الغذائي، وأهمية زيادة عدد وحجم المشاريع الزراعية التي تنتج محاصيل زراعية أساسية لضمان الاستقرار الغذائي للدول. صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي بادر عام 2020 بإطلاق مشروع زراعي استثماري في منطقة المدورة جنوب المملكة، حيث يعتبر المشروع باكورة استثمارات الضمان الاجتماعي في القطاع الزراعي، ويقام على مساحة 30 ألف دونم، وبقيمة تصل إلى 13 مليون دينار، وتتم إدارة المشروع من قبل شركة الضمان للاستثمار والصناعات الزراعية، المملوكة بالكامل للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، والتي تم تأسيسها نهاية عام 2020، لغايات إدارة هذا المشروع وغيره مستقبلاً. المشروع الذي يتم تنفيذه على مراحل؛ سيساهم في تلبية جزء من الاستهلاك المحلي من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، وبما يتوافق مع الخريطة للمملكة، فقد تضمنت المرحلة الأولى من المشروع تطوير البنية التحتية والإنشائية، إلى جانب زراعة حوالي 8 آلاف دونم بمحاصيل القمح والشعير والبطاطا والأعلاف الحيوانية، ومن المتوقع البدء بحصاد محصول القمح نهاية الشهر الحالي. الفكرة بحد ذاتها مهمة ومتميزة، من حيث المبدأ والتوقيت، والتوجه الجديد للصندوق نحو مشاريع نوعية ذات قيمة كبرى للاقتصاد بشكل عام مهم وضروري، ومن عدة نواحي، فهو تنويع لمجالات الاستثمار التي يستثمر بها الصندوق، والمحاصيل الزراعية التي سينتجها مهمة في المجال الغذائي للإنسان إلى جانب إنتاج الاعلاف للحيوانات، كما أن المشروع سيساهم في تنمية وتطوير المنطقة المحيطة فيه، وهو فرصة جديدة لتوفير فرص عمل للأيدي العاملة المحلية، إلى جانب العديد من المزايا والفوائد الاقتصادية والتنموية المختلفة. ويؤكد الصندوق أنه وبناء على نتائج دراسات الجدوى الاقتصادية لضمان تحقيق عائد مجدي ضمن مستويات المخاطر المقبولة، وبما يتوافق مع السياسة الاستثمارية للصندوق، سيتم النظر في امكانية التوسع في الاستثمار في عناصر سلسلة الإنتاج الغذائي، وخلق قيمة مضافة لبعض المنتجات الزراعية عبر تحويلها وتصنيعها لمنتجات غذائية، بالإضافة إلى التعاون مع مراكز البحوث الزراعية لخلق أنظمة زراعية مستدامة وتطوير البحث العلمي والتطبيقي والابتكار في القطاع الزراعي، إلى جانب الاعتماد على الخبرات والكفاءات الأردنية العاملة في الشركة الجديدة، بالإضافة إلى الشراكة مع مستثمرين محليين في القطاع الزراعي وبدون منافسة لصغار المزارعين. التوجه الجديد للصندوق نحو مشاريع نوعية تساهم في تعزيز الأمن الغذائي، وتدعم الاقتصاد الوطني من خلال تحريك أموال الصندوق في مشاريع موزعة على العديد من القطاعات، هو توجه يستحق التقدير والدعم، ونأمل أن نسمع قريباً عن توسيع الاستثمار في هذه المشاريع الزراعية، والتوسع في إقامة مشاريع بقطاعات أخرى. (الرأي)
مشاركة :