أعلن رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي فتحي باشاغا عن بدء ممارسة حكومته عملها من مدينة سرت ابتداء من الأربعاء، بعد أن صدت حكومة منافسة، رفضت التنازل عن السلطة، محاولته دخول العاصمة طرابلس صباح الثلاثاء. وتوجد في ليبيا حكومتان منذ مارس عندما عيّن البرلمان باشاغا رئيسا للوزراء، لكن رئيس حكومة الوحدة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة رفض التنحي، قائلا إنها خطوة غير شرعية. وفي كلمة متلفزة ليلة الثلاثاء/الأربعاء، أكد باشاغا قدرته على دخول طرابلس بالقوة، وتأثيره على القوى المسلحة على الأرض، موضحا أنه لن يلجأ إلى هذه الوسائل كما فعلت الحكومات السابقة، وأنه يرفض ذلك حقنا للدماء. وأوضح باشاغا أن دخوله فجر الثلاثاء إلى العاصمة تم بسيارتين مدنيتين دون حمل أي سلاح، مؤكدا استقبالهم من بعض الأهالي، قبل أن تقوم ثلاث كتائب أمنية، بعض قيادتها مطلوبون دوليا، بتحريك الاشتباكات مدعومة بجهة مالية كبرى، لتنتج عنها وفاة شخص برصاصة طائشة عندما كان مارا بسيارته من المنطقة. واعتبر باشاغا ما حدث فجر الثلاثاء في طرابلس دليلا على أن حكومة الدبيبة لا تسيطر على المدينة، وجدد اعتبارها فاقدة للشرعية ومنتهية الولاية. وقال "الحكومة الحالية غير معترف بها من قبل مجلس النواب ولا مجلس الدولة، ولو استمرت ستعيد المشانق إلى ميدان الشهداء مرة أخرى، كما فعل الاستعمار الإيطالي والنظام السابق". واتهم باشاغا حكومة الدبيبة بتعطيل الانتخابات، رغم تعهدها الدولي بعدم خوضها، لافتا إلى أن "الحكومة (الدبيبة) تآمرت مع أطراف دولية أخرى لإخراج شخص مطلوب للقضاء الدولي والليبي لإفساد الانتخابات"، في إشارة إلى سيف الدين القذافي. وأكد تمسكه بدخول طرابلس قائلا "من حقي كرئيس وزراء منتخب من السلطة التشريعية أن أذهب إلى العاصمة. الحكومة ستباشر من الغد مهامها من سرت، وسننتقل إلى طرابلس في حال تأكدنا أن دخولنا لن يتسبب في سقوط قطرة دم واحدة". وقال باشاغا "نحن دعاة دولة ونظام واستقرار، نؤمن بالعملية الديمقراطية، وقد دفعنا الكثير من الدماء من أجل التداول السلمي للسلطة. وكلنا يريد الانتخابات، ولكن السؤال هو من سيقودنا نحو إجرائها". وأضاف "إننا لسنا طلابا للسلطة ولا نبحث عن المنفعة الشخصية، وبالرغم من الشبهات التي تدور حول حكومة الدبيبة غير أننا وأثناء انتخابها لم نقف في وجهها حفاظا على استقرار البلاد، وتداولنا السلطة بشكل سلمي". وأشار إلى أنه "بالرغم من قوتنا ونفوذنا لم نلجأ إلى استخدام السلاح. لجأنا إلى ما نص عليه الاتفاق السياسي، رغم مواجهة حكومة الكبيرة (حكومة الدبيبة) لنا بالسب وخطاب الكراهية". وكان باشاغا قد أعلن فجر الثلاثاء عن دخول طرابلس. واستعان في ذلك ببعض الكتائب المسلحة، على رأسها كتيبة "النواصي"، الأمر الذي رفضته كتائب أخرى، وقامت بمحاصرة مقر كتيبة النواصي بطريق الشط وسط طرابلس. وبعد اشتباكات مسلحة لم تعرف نتائجها بعدُ، قام آمر اللواء 444 محمود حمزة بالتوسط بين الفريقين، وتوصل إلى اتفاق يقضي بخروج باشاغا والقوات التابعة له من المدينة. واعتبر الدبيبة محاولة باشاغا دخول طرابلس "انتحارا سياسيا ومحاولة لإثارة الفتنة، وتسللا جبانا إلى المدينة في الليل والناس نيام من أجل إحداث الفوضى في طرابلس من قبل مجموعة لا تعيش إلا في كنف الحرب والفتنة، مدعومة من حزب شيطاني يتلقى تمويله من الخارج"، في إشارة إلى الحزب الديمقراطي المنشق عن حزب العدالة والبناء التابع لجماعة الإخوان المسلمين. وأكد الدبيبة استمرار حكومته في أداء مهامها كضمان وحيد لليبيين من أجل إجراء الانتخابات، وقال "إن المجموعة المنقلبة لن يرى معها الليبيون انتخابات أو تداولا سلميا على السلطة، لذلك فالحكومة مستمرة حتى تنفيذ الانتخابات". وطمأن الدبيبة كافة البعثات الدبلوماسية وممثلي الدول، مؤكدا استقرار الأوضاع الأمنية في العاصمة طرابلس، وإمكانية ممارسة البعثات لعملها بالشكل الطبيعي، واعدا بأن الحكومة ستقوم بواجبها في تأمينها وتأمين مقراتها. وشدد على أن "الانتخابات هي الحل ولا مستقبل إلا بها، أما مشروع التمديد والانقلاب فقد انتحر سياسيا، واليوم صدرت وفاته بشكل رسمي". واعتُبرت مهمة حكومة الدبيبة الأساسية عندما تشكّلت، تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية كانت مقررة في ديسمبر الماضي. وأدت الخلافات بين الفرقاء السياسيين، لاسيما على القانون الانتخابي، إلى تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، بعد أن كان المجتمع الدولي يعلّق عليها آمالا كبيرة لتحقيق الاستقرار في البلد الشاسع، الذي يعد سبعة ملايين نسمة. وتهدد الأزمة بإعادة ليبيا إلى قتال مطول بعد عامين من السلام النسبي أو إعادتها إلى التقسيم بين حكومة باشاغا المدعومة من الشرق وإدارة طرابلس بقيادة عبدالحميد الدبيبة. وأدى الجمود السياسي بالفعل إلى إغلاق جزئي لمنشآت نفط ليبية، مما قلص المصدر الرئيسي للإيرادات الأجنبية بمقدار النصف. ولا تحقق الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة أو تمهيد الطريق لإجراء انتخابات جديدة تقدما يذكر.
مشاركة :