وأنا أقرأ خبر فتاة العارضة الذي نشرته سبق قبل أيام عدة، وكيف أن الفتاة تزوجت من رجل، بالرغم من أنها متزوجة من رجل آخر مسبقاً؛ فجمعت بين زوجين في الوقت نفسه، تبادر إلى ذهني عمل المأذون ودوره في تسجيل الزواج، وكيف أن تسجيل عقد الزواج - وهو الأمر العظيم، الذي يُعد واحداً من أهم إن لم يكن أهم العقود بين البشر على الإطلاق لا يزال يُنفَّذ بطريقة بدائية وقاصرة؛ ما يتسبب في مشكلات أسرية ومجتمعية لاحقة. عقد الزواج ليس بالهين؛ فهو أول خطوة شرعية لتكوين أسرة ولبدء العلاقة بين الزوجين. أهمية العقد أنه يضفي صفة الشرعية على تكوين الأسرة التي هي الأساس الأول في بناء المجتمع والأمة؛ إذ وصف الله - عز وجل - عقد الزواج بالميثاق الغليظ، ومع ذلك لا تزال النظرة إلى آلية تسجيله وكأنها أمر بسيط ثانوي ولا تحتاج إلى تنظيم. مع الأسف، إن عمل مأذوني الأنكحة ليس مقنناً بما يتناسب مع الظروف الحالية ومع التغيرات الكبيرة والسريعة الحاصلة؛ وقد تسبب ذلك في حدوث تجاوزات عدة من بعض مأذوني الأنكحة. فمثلاً عند عقد النكاح يحصل أن يكتفي المأذون بموافقة ولي أمر الفتاة دون سماع رأيها أو أخذ موافقتها، ويتم الاكتفاء بتوقيع أخ الفتاة أو أي شخص آخر عوضاً عنها. كما يحصل أحياناً أن يقوم المأذون بإعطاء دفتر تسجيل الزواج إلى شقيق الفتاة أو والدها، الذي يقوم بدوره يأخذه إلى غرفة أخرى في المنزل؛ لتقوم الفتاة بالتوقيع. وهنا قد يحصل ألا توقع الفتاة، وقد لا تعلم حتى أنه قد تم عقد قرانها؛ لأن من قام بالتوقيع عنها هو أخوها! مثل هذه التجاوزات والأخطاء قد تتسبب في مشكلات أكبر، قد لا يحسب المأذون لها حساباً؛ فقد يحصل أن يتم إجبار فتيات على الزواج دون رضاهن، وقد يتم تزويج فتاة دون علمها، كما قد يتسبب في مشاكل مالية لها علاقة بإرث أو تجارة؛ فيتم ظلم الفتيات عن غير قصد. وضع تنظيم إجرائي عملي لتسجيل عقود الزواج، يلتزم به الجميع، ويعاقَب مخالفه، أمرٌ مهمٌّ؛ سيحد من تبعات سلبية لا تزال تحصل إلى اليوم. فمع ثورة التقنية أصبح من السهل جدًّا تنظيم عمل مأذوني الأنكحة، والحصول على بيانات الزوجين، وتسجيل الزواج إلكترونياً أمر ليس بالصعب. خاتمة: هل تسمية من يقوم بتسجيل الزواج بمأذون أنكحة صحيحة؟ العقد الذي بين الزوجين أكبر وأشمل، ويترتب عليه أمور والتزامات أهم من النكاح فقط، كما أن تسمية العقد بين الزوجين بعقد نكاح تحتاج إلى إعادة نظر.
مشاركة :