في بحر أسبوع واحد فاز اثنان من كتّاب الإمارات بجائزتين رفيعتين.. الشاعر حبيب الصايغ فاز بجائزة سلطان بن علي العريس الثقافية في حقل الشعر، وهو أول إماراتي يحصل على هذه الجائزة منذ تأسيسها في عام 1987، والروائي علي أبو الريش فاز بجائزة مجلس التعاون للتميز في مجال الأدب، وهي أول دورة لهذه الجائزة ويفوز بها كاتب إماراتي. لا حاجة لأن نعرّف بالكاتبين الصديقين الصايغ وأبو الريش فتراثهما الأدبي والمهني كفيل بأن يعرف بهما، ويضعهما في مرتبة التكريم اللائقة بهما، ولكن قد نضيف شيئاً جديداً إلى القارئ الكريم إذا عرف أن حبيب الصايغ أنجز منذ نهاية السبعينات وحتى الآن إحدى عشرة مجموعة شعرية كل واحدة منها تشكل نقلة نوعية في مساره الشعري، وهو بهذا المعنى يهتم بالنوع أكثر ما يهتم بالكم، وهو شاعر التكثيف والفكرة والموقف والجماليات ولكن من دون أي زوائد شعرية فائضة عن الحاجة الأدبية للنص الشعري، وهذا بالضبط ما رسم له صورة مرئية تماماً في خريطة الشعر العربي. حبيب الصايغ تمت ترجمته إلى الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والإيطالية، والصينية، درس علم لغة مقارن في جامعة لندن، وموضوع الماستر: اللغويات الإنجليزية العربية والترجمة، ولكن قبل ذلك كان حاز درجة البكالوريوس في الفلسفة. نذكر هذه الإضاءات لنقول إن اشتغال الصايغ على نوبل هو اشتغال جدي وحقيقي وله ما يسنده مادياً ومعنوياً، فهو يعرف جيداً من خلال مرجعيات وتجربته الشعرية ما الشعر المقبول عالمياً، وهو الشعر المعتمد على شعرية الفكرة، وهو جوهر شعر حبيب الصايغ. علي أبو الريش قامة أدبية عربية غزيرة. أنجز حتى الآن أكثر من 20 عملاً سردياً بين الرواية والقصة القصيرة، ولكن أبو الريش إلى جانب ذلك شاعر، وتنطوي لغته السردية على أطياف شعرية مسكونة بظلال فلسفية، فقد درس الفلسفة في القاهرة، الأمر الذي أضفى على أعماله الإبداعية روحاً فكرية غير مغربة عن روح النص الأدبي. روايته الاعتراف اختيرت واحدة من ضمن أفضل 100 رواية عربية، ويتميز أبو الريش بالغزارة والمواظبة على الكتابة والإخلاص المبدئي الصميمي للعمل الأدبي الذي يعكف عليه، ويخرج من مختبره الفني. هذان الفوزان لكاتبين إماراتيين مؤشر آخر على الحيوية الثقافية التي تشهدها الإمارات التي تستحق الفوز باستضافة الاتحاد العام للكتّاب والأدباء العرب عن جدارة أدبية وجدارة مؤسساتية أيضاً، وهذا ما هو ملاحظ ومعروف لطبيعة العمل الثقافي الإماراتي وآلياته ومفرداته القائمة على الجدية والإبداع وحرية التفكير وثقافة المحبة. العمل الثقافي في الإمارات وبعد أكثر من أربعة عقود يعطي ثماره اليوم بجوائز وتكريمات هي جديرة بمن يحصل عليها من شعراء وروائيين ومسرحيين وتشكيليين إماراتيين أخلصوا للآداب والفنون الإنسانية الراقية. yosflooz@gmail.com
مشاركة :