هل تستثمر المعارضة السورية نجاح مؤتمر الرياض؟ | وائل مرزا

  • 12/13/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بنظرةٍ سياسية شاملة، لايمكن الحكمُ على مؤتمر الرياض للمعارضة السورية إلا بـ (النجاح). مِن السهل على مَن لايعرف تعقيدات السياسة، أن يملك ترفَ تقديم الملاحظات عليه. ومن السهل أكثر لمن لايدرك ملابسات الوضع السوري،الإقليمية والعالمية، أن يفعل ذلك. ومن أسهل الأمور أن يقوم بالممارسة نفسها مَن لم يعايش تجربة المعارضة وتاريخها وطريقة عملها. أما العارفون بالحقائق المتعلقة بتلك المواضيع فلاينظرون إلى ما حصلَ في الرياض خلال يومين من الاجتماعات إلا على أنه أقرب لـ (مُعجزةٍ) سياسية. فأن يجتمع كل من حضرَ من الفرقاء في قاعةٍ واحدة، وأن يُناقشوا برنامجاً محدداً، ويحصلَ توافقٌ على مضامينه، ويجري وضع هيكلٍ تنظيمي لتنفيذ رؤيته، كل هذا كان، أقربَ لِحلمٍ راودَ السوريين على مدى أربع سنوات. هي ولادةٌ جديدةٌ إذاً للمعارضة السورية بأطيافها، وبجناحيها السياسي والعسكري. وحساسية المرحلة تفرض على الجميع تجاوز حسابات الربح والخسارة على الصعيد الشخصي والحزبي والأيديولوجي، وعدم الوقوع في حوارات عقيمة حولَ مَن حضرَ ومن غاب، وماإليها من مواضيع لم يعد مجدياً، إضاعة الوقت والجهد فيها. كلنا فائزون في هذه القضية، وإذا كان ثمة خاسرون فإنهم ليسوا في صفوفنا، وإنما نعرفهم من أقوالهم وتصريحاتهم. والذي ينظر إلى ملامح الهوس والعُصاب الذي أصاب بعض قادة إيران وروسيا فيما يتعلق بالمؤتمر من لحظة الإعلان عن قيامه إلى نهاية أعماله يعرف عماذا نتحدث. نستخدم كلمة (بعض) لأننا ندرك أن هناك درجةً من الواقعية السياسية لايمكن أن تغيب كلياً في القيادتين، خاصةً في معرض حساباتها للتطورات الأخيرة، وإدراكها لحدود الممكن وغير الممكن، عملياً، بغض النظر عن دبلوماسية (رفع السقف) ومايلزمها من مواقف إعلامية.. ورغم الجهود المُعلنة والخفية التي قامت بها أطراف مختلفة وجنودٌ مجهولون في الدفع لإنجاح المؤتمر، إلا أن الواقع يؤكد استحالة تحقيق النجاح المذكور في معزلٍ عن الدور الاستثنائي الذي قامت به السعودية للوصول إليه. فبقراءةٍ شمولية، يبدو عمل وتخطيط الدبلوماسية السعودية في هذا المجال أقربَ لعزف سيمفونيةٍ مكتوبة بمهارةٍ وإبداع. ليس صدفةً على سبيل المثال أن يتم الإعلان عن إقامة مؤتمر المعارضة السورية منذ شهور في إطار أعمال قمةٍ خليجية في الرياض كأحد بنود البيان الختامي وقتها، وأن يتزامن انعقاد المؤتمر، منذ أيام، مع قمةٍ خليجية أخرى في الرياض. وإضافةً إلى الرسائل السياسية والدبلوماسية القوية الكامنة في هذا السيناريو، كان مُعبِّراً إصرارُ السعودية على عقد المؤتمر وسط جملةٍ من التعقيدات والمُداخلات والمناورات التي كانت وراءها دولٌ وحكومات تستعصي على العدّ. وإذا بقي لدى أي طرفٍ إقليمي أو عالمي شكٌ في ثبات السياسة السعودية بخصوص القضية السورية، أو حاول بعضهم اللجوء إلى التأويلات وسيلةً للتلاعب وخلط الأوراق، جاء المؤتمر الصحفي المشترك لوزير الخارجية السعودي والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد انتهاء المؤتمر، والقمة الخليجية، ليحمل الجواب الشافي. حيث صرح الجبير بكل وضوح أن هدف اجتماع المعارضة تقوية صوتها وتوحيدُه، مؤكداً أن قوة الإعلان الصادر عن المؤتمر مرتبطٌ بوجود قوةٍ تُسانده. ليلغي الوزير بعدها أي مجال للظن بقوله: «بشار الأسد لديه خياران، إما أن يرحل عبر المفاوضات، وهذا الأسرع والأسهل على جميع الأطراف، أو سيترُك عبر القتال». نحن هنا بإزاء ظاهرةٍ تتداخل فيها دبلوماسية القوة بقوة الدبلوماسية كمثالٍ نادرٍ على الفكر السياسي، على الأقل في عالمنا العربي. قبلَها، لخص الملك سلمان الفلسفة الكامنة وراء استراتيجية المملكة، بعبارةٍ واحدة، في لقائه مع وفد المعارضة، حين قال ضمن كلمته أمامهم: «مافيه خيرٌ لسوريا فيه خيرٌ للعرب ككل».. بهذا المختصر المفيد نفهم دلالات الحركة السياسية للمملكة، ورؤيتها الشمولية التي تربط قضايا العرب من ناحية، وتُظهر للجميع محورية القضية السورية في تحقيق مصالحهم الكبرى. وحين تصل مسيرة هذه القضية، بقيادة المملكة، إلى هذا النجاح، يصبح الحديث عن مسؤولية المعارضة السورية في استثماره وإكماله تحصيل حاصل. ماهو الطريق لذلك؟ هذا موضوع المقال القادم. waelmerza@hotmail.com

مشاركة :