لا يوجد مجتمع على الكرة الأرضية يتمنى العودة للوراء أو العيش في زمن قد مضى، وهذه طبيعة البشر، حيث الفرد يطمح إلى تحسين وضعه حتى إن كان راضياً عنه، ويطور حياته حتى لو كان سعيداً فيها. قبل زمن ليس ببعيد كنت حين أسافر إلى أي دولة عربية أو خليجية أشعر بالفخر حين أتحدث عن مكانة بلدي، فلا يمكن الحديث عن أي مجال إلا وكنا متقدمين فيه في السياسة والاقتصاد والترفيه والأدب والفن والرياضة والصحة والتعليم والإسكان والمؤسسات المدنية والحياة البرلمانية والديموقراطية والحريات، بل لا يمكن أن نثير أي مجال نتحدث به إلا أزداد فخراً عند الحديث عنه. فكل ذلك بات من الماضي، وأصبحنا نتمنى العودة إليه، وكأنه صرح من خيالٍ فهوى، والأغرب أن معظمنا بلغ به اليأس من التطور ومواكبة العصر ليتمنى أن يعود لما قبل عشرين أو ثلاثين عاماً مضت، حيث كنا وما كانوا، في حين اليوم كانوا وما كنا، ولم نعد نريد منافستهم فيما وصلوا إليه أو نواكب تطورهم وتنميتهم بقدر ما نتمنى أن نعود للماضي الجميل، يا الله وكأننا فقدنا القدرة على التطور ومواكبة العصر، وذهبت الأفكار والإبداعات كالطيور المهاجرة، ولم يتبقَّ لدينا سوى التمني للعودة إلى الماضي الذي أصبح أفضل من حاضرنا ومستقبلنا. يا الله هكذا أصبحت حالنا، وهكذا أصبحت الكويت وشعبها الذي كان قدوة للشعوب الأخرى، ولسان حالنا يقول: كيف كنا؟ وكيف أصبحنا؟ ولماذا؟ يعني بالعربي المشرمح: كل هذا بسبب مؤسسة الفساد التي تمكنت من مفاصل الدولة، ونشرت سمومها لتدمر كل ما بناه الأولون، وتجعلنا نفكر في ماضينا الجميل فقط والعودة له دون تطوير، ودون إبداع، فهل أصبح جل طموحنا وأمنياتنا العودة للماضي في حين تتقدم بقية الشعوب والدول؟
مشاركة :