يؤكد الهدوء الذي يكتنف العلاقات بين مصر وتركيا أن هناك تحسنا بينهما يتسق مع الصيغة الإقليمية التي تتبناها أنقرة، غير أن دخول الهدوء مرحلة الجمود يعني قبول الطرفين بما وصلت إليه العلاقات حتى الآن، أو أن هناك عقبات كبيرة تقف حائلا أمام التطبيع الذي بشّر بقربه مسؤولون في تركيا وسط صمت القاهرة. وتميل مصادر مصرية تحدثت معها “العرب” إلى فرضية وجود ملفات شائكة بحاجة إلى تسويات حاسمة وأن تركيا تريد القفز على المعطيات والوصول إلى المرحلة النهائية من تحسين العلاقات بلا تبريد نهائي للأزمة ودراسة العوامل التي أدت لتصاعدها باستفاضة وإيجاد الحلول اللازمة لها. وتوقعت المصادر ذاتها أن يظل الجمود على الجانب السياسي إلى حين تفكيك القضايا التي تعطل انتقاله إلى مرحلة الحركة والتركيز على الجوانب الاقتصادية التي يلتقي عندها الطرفان كثيرا ويمكن أن ينعكس التطور فيها على البعد السياسي. وتنظر دوائر سياسية في القاهرة إلى زيارة وزير الخزانة والمالية التركي نورالدين نباتي على رأس وفد لمصر مطلع يونيو المقبل للمشاركة في اجتماعات مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، على أنها إشارة إيجابية تقلل من سلبيات الجمود السياسي. ☚ دوائر سياسية في القاهرة تنظر إلى زيارة نورالدين نباتي على رأس وفد لمصر مطلع يونيو المقبل على أنها إشارة إيجابية تقلل من سلبيات الجمود السياسي ☚ دوائر سياسية في القاهرة تنظر إلى زيارة وزير الخزانة التركي إلى مصر على أنها إشارة إيجابية تقلل من الجمود السياسي وتحتضن مدينة شرم الشيخ الواقعة على البحر الأحمر اجتماعات البنك خلال الفترة من الأول إلى الثالث من يونيو، وسيتم إجراء مناقشة استراتيجية حول قضايا متعددة. وتعد هذه الزيارة الأولى لوزير تركي لمصر بعد توتر العلاقات منذ نحو تسع سنوات عقب احتضان تركيا عددا كبيرا من قيادات الإخوان ودعمها لهم لاستهداف النظام المصري، وتوظيف ورقة المتطرفين في المنطقة، والدخول في مناوشات مع القاهرة حول مشروعات الغاز في شرق البحر المتوسط، والتدخل العسكري في ليبيا. ومع ذلك حافظ ميزان التبادل التجاري بين البلدين على زخمه ولم يتأثر كثيرا بالخلافات الأمنية والسياسية، وظلت الوفود الاقتصادية تتواصل وتلتقي وتتحاور على مستوى أقل من وزير في القاهرة وأنقرة. وتوقع مراقبون أن يكون حضور وزير المالية التركي مؤتمر شرم الشيخ مناسبة للقاء نظيره المصري محمد معيط، بما يمنح دفعة اقتصادية جديدة لتطوير العلاقات على هذا المستوى واستخدامها كعلامة على استمرار الرغبة في التواصل. وذكرت وسائل إعلام تركية أن نباتي سيجري في أثناء زيارته شرم الشيخ محادثات ثنائية مع نظرائه، ومع ممثلين رفيعي المستوى عن البنك الإسلامي للتنمية، ولم تؤكد أو تستبعد عقد لقاء مع الوزير المصري. لكن مراقبين رجحوا عقد لقاء رسمي بين الوزيرين على هامش المؤتمر، لأن عدم حدوثه قد يفهم منه أن الجمود السياسي أصبح يضر بالحركة الاقتصادية، وهو ما لم يحدث في ظل احتدام الأزمة قبل التقارب الأخير. وأشار المراقبون إلى أن المؤتمرات والاجتماعات الاقتصادية باتت بابا مناسبا للتواصل بين مصر وتركيا وقناة لمنع انتكاسة بعدما حقق الطرفان تقاربا العام الماضي لا يريدان التفريط فيه أو تعريضه للخطر إذا حافظ المسار السياسي على جموده. تعد هذه الزيارة الأولى لوزير تركي لمصر بعد توتر العلاقات منذ نحو تسع سنوات عقب احتضان تركيا عددا كبيرا من قيادات الإخوان ودعمها لهم وأكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مطلع أبريل الماضي أن بلاده “ستقدم قريبا على خطوات بشأن تطبيع العلاقات مع مصر”، وعلى الرغم من مرور أكثر من شهر على هذا التصريح لم تظهر خطوات جديدة توحي بتحسن سياسي. وكشفت وسائل إعلام تركية أن أنقرة قررت تعيين ممثلها السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي صالح موتلو شين سفيرا لها في القاهرة، وتنتظر موافقة السلطات المصرية. ومنذ تم تسريب هذا الخبر لوسائل الإعلام لم تحدث تطورات ملموسة في ملف العلاقات السياسية بين البلدين تدعم الطريقة المتفائلة التي تحدث بها جاويش أوغلو، وقبل ذلك وبعده بدا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستبشرا بالتطبيع مع القاهرة ووصول العلاقات إلى مستوى متقدم. ويرغب البلدان في تحسين العلاقات، لكن لا تزال هناك عراقيل تعترضها، وشكوك من جانب الحكومة المصرية في نوايا تركيا، لذلك وضعت الكرة في ملعبها وحافظت على الحرارة الاقتصادية التي يمكن أن تسهم مشاركة وفد اقتصادي تركي على رأسه وزير المالية بمؤتمر شرم الشيخ في تعزيز آفاقها من دون ربطها بالمسار السياسي. ويفتقر ما أقدمت عليه تركيا في ملف إعلام الإخوان إلى كثير من الخطوات الجادة، فرغم فرض قيود وإغلاق قناة مكملين وخروج عدد من مقدمي البرامج التي كانت تنتقد النظام المصري، وآخرهم محمد ناصر الذي ترك إسطنبول لوجهة غير معلومة، إلا أن أنقرة لا تزال تحافظ على جعل النوافذ مواربة أمامهم، حيث توجد محطات فضائية تنتقد القاهرة، ومذيعون يبثون فيديوهات من الأراضي التركية ضدها.
مشاركة :