بعد مقاطعة استمرت سنوات عدة، شهدت العلاقات المصرية التركية مؤشرات تقارب مؤخراً عقب لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش افتتاح بطولة كأس العالم في قطر، وما تبعها من تصريحات إيجابية من الجانب التركي في محاولة لإعادة العلاقات مع القاهرة إلى طبيعتها. وتوقع مسؤولون أتراك وخبراء عقد اجتماعات على مستوى الوزراء بين البلدين، خاصة بعد تأكيدات رسمية لعقد اجتماعات بين مسؤولي البلدين. وأوضح الباحث المصري المتخصص في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات كرم سعيد، أن مؤشرات التقارب المصري التركي لا تقتصر على التصريحات الإيجابية من جانب أردوغان ووزير خارجيته، لكن هناك إشارات مصرية. وأضاف سعيد، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن ذلك كان واضحاً عندما وقعت مصر اتفاق ترسيم الحدود مع اليونان في أغسطس 2020 ومراعاتها للمطالب البحرية التركية، وكذلك عندما طرحت مناقصة للتنقيب عن مكامن الطاقة في فبراير 2021 ومراعاتها للجرف القاري لتركيا. وقال إنه يبدو أن هناك رغبة لتعزيز العلاقات أكثر على المستوى الاقتصادي، وكل المؤشرات تلمح إلى تهيئة مناخ مناسب لتحقيق التقارب خاصة في ظل وجود الدوافع لتحريك «المياه الراكدة» في العلاقات المصرية التركية. وأشار إلى أن هناك رغبة من تركيا لتعزيز التعاون في مشاريع الطاقة، خاصة في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية ومخاوفها في نقص إمدادات الغاز، ووجود رغبة من كلا البلدين لاستعادة العلاقات في ظل التغيرات الإقليمية والدولية في الفترة الماضية. ولم يتوقع الباحث المصري حدوث انفتاح وتطبيع كامل للعلاقات بين القاهرة وأنقرة خلال الفترة الراهنة، معبراً عن اعتقاده أن تطبيع العلاقات كاملاً سيكون على المدى المتوسط، ويحدث تطور أكبر في العلاقات. وأوضح سعيد أن هناك قضايا لا تزال عالقة بين مصر وتركيا سواء في الملف الليبي الذي يمثل أولوية للقاهرة، وملف شرق المتوسط الذي يمثل أولوية للجانب التركي وسعيها لفك الارتباك بين القاهرة من ناحية واليونان وقبرص من ناحية أخرى، معتبراً أنه يمكن الوصول لمجموعة من التفاهمات تضمن تعاوناً مصرياً تركياً لحل الأزمة الليبية. بدوره، أشار الباحث السياسي التركي جيواد غوك إلى عدم وجود أي مانع من تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا خاصة بعد لقاء بين الرئيسين السيسي وأردوغان في قطر. وشدد غوك، في تصريح لـ«الاتحاد»، على ضرورة ألا ترجح الحكومة التركية أيدولوجيات الحزب على مصلحة تركيا، مؤكداً ضرورة العمل على تبادل السفراء، وبدء اجتماعات فنية لحل القضايا العالقة. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد، في تصريحات صحفية، أنه اتفق مع الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال لقائهما في الدوحة على حل القضايا الثنائية باجتماعات الوزراء، وأن مسار تطبيع العلاقات سيتواصل على المستوى الوزاري، مؤكداً أنهما سعيدان بهذا التقارب.
مشاركة :