امتعاض فرنسي لدور إيران السلبي لإخراج لبنان من أزمة الفراغ الرئاسي

  • 12/13/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

لم تُخف باريس امتعاضها من الدور الإيراني في عملية انتخاب رئيس في لبنان، وهي ترى أن كرة الانتخابات الرئاسية في لبنان «موجودة في الملعب الإيراني» وأن القادة الإيرانيين الذين وعدوا الغرب بالتوصل إلى اتفاق دولي حول البرنامج النووي لطهران بلعب دور «المسهل» من أجل المساعدة على إطفاء أزمات وحروب الشرق الأوسط «لا يلعبون اللعبة» وأن الغرب «ما زال ينتظر». وقالت مصادر فرنسية رسمية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن السعودية عندما أعطت الضوء الأخضر لتوجه رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري اقتراح النائب سليمان فرنجية لمنصب رئاسة الجمهورية رغم الصداقة الشخصية التي تربط بينه وبين الرئيس السوري بشار الأسد وانتمائه إلى معسكر 8 آذار، فإنها «قامت ببادرة مهمة وقطعت نصف الطريق باتجاه إيجاد حل للفراغ الدستوري في لبنان». وتضيف هذه المصادر أن إيران «لم تقابلها بالمثل من أجل أن تلاقيها في منتصف الطريق» ما يعني برأي المصادر الفرنسية أن طهران «غير معنية اليوم» بوضع حد للأزمة المؤسساتية في لبنان، ولو كانت كذلك «لطلبت من حزب الله أن يزكي المبادرة وأن يدعم ترشيح فرنجية وأن يقنع حليفه العماد ميشال عون بذلك». وتفيد هذه المصادر بأن باريس على تواصل عبر القنوات الدبلوماسية مع طهران. ولما سئلت عن هذا الملف، كان رد طهران أن «الجواب عند حزب الله». وتبدي المصادر الفرنسية «أسفها» لكون إيران بعيدة كل البعد عن «تسهيل» الحلول في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا في سوريا ولبنان. وكانت باريس التي تعول بشكل كبير على تطبيع علاقاتها السياسية والاقتصادية والتجارية مع إيران على زيارة الرئيس حسن روحاني إلى باريس منتصف الشهر الماضي لتطرح معه في العمق المسألة اللبنانية التي دأبت منذ ما قبل مايو (أيار) عام 2014 على التشاور معها بشأنها وهو العمل الذي قام به مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والسفير الحالي في المغرب جان فرنسوا جيرو. لكن الزيارة أجلت بسبب العمليات الإرهابية التي ضربت باريس في الفترة نفسها. وأفادت المصادر الفرنسية بأن باريس عاودت الاتصال مع طهران لتحديد موعد جديد، علما أن الطرف الإيراني يرغب بأن يتمكن روحاني من أن يزور بالمناسبة عينها إيطاليا والفاتيكان. وحتى الآن لم تتوصل باريس وطهران لتحديد تاريخ بل هناك مقترحات بأن تتم الزيارة إما منتصف يناير (كانون الثاني) أو في شهر أبريل (نيسان)، أي بعد انتهاء الانتخابات التشريعية الإيرانية. وتقول باريس إن موقفها من الاستحقاق الرئاسي في لبنان «ثابت» وما يهمها هو «توافق اللبنانيين» علما أن مصادرها تؤكد في كل مناسبة أن «لا مرشح لديها ولا فيتو لديها على أحد» لا بل إنها ذهبت إلى حد القول إنه «لا خطوط حمراء لديها» بمعنى انفتاحها على الجميع بمن في ذلك زعيم حزب المردة. أما بشأن الاتصال الذي قام به الرئيس فرنسوا هولاند عقب استقباله الحريري الأسبوع الماضي في قصر الإليزيه، فهو يظهر، وفق باريس، أن «همها الوحيد هو أن يملأ الفراغ الرئاسي بسبب المخاوف التي تنتاب العاصمة الفرنسية من استفحال انعكاساته على الوضع اللبناني سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا». وفهم في باريس أن الاتصال الذي دام نحو ربع ساعة، جاء بناء على «تمنٍ» من الحريري وقد استفاد منه فرنجية ليؤكد «تمسكه باستقلال لبنان»، وهي العبارة التي كررها عدة مرات. وتدعو باريس الطرف المسيحي، رغم تيقنها لأهمية الدور الخارجي وتحديدا الدور الإيراني في هذه المرحلة إلى تحقيق التفاهم فيما بينهم وهي تشيد بالتطور الذي حصل بين الحريري وفرنجية. لكنها تعي، وفق ما قالته مصادرها، «الصعوبات» التي يمكن أن تعوق نجاح المبادرة الحريرية والحاجة إلى «سلة متكاملة» من الحلول للقضايا المعقدة «لأنه لا يمكن السير بالملف الرئاسي وحده دون النظر إلى ملف قانون الانتخابات والحاجة لأن تجد كل الأطراف مصلحة في الحلول المطروحة». أما بالنسبة للموقف الأميركي، فترى باريس أن الملف اللبناني «ليس من أولويات السياسة الأميركية في المرحلة الراهنة حيث كل اهتمام واشنطن منصب على محاربة (داعش)». ومن الزاوية الفرنسية، يفهم أن واشنطن «رغم كونها غير سعيدة بطرح اسم النائب فرنجية، فإنها يمكن أن تترك الأمور لتصل إلى خواتيمها من باب الرغبة في سد الفراغ في المؤسسات وتحصين لبنان». في أي حال، تبدو العقدة المفصلية في الرؤية الفرنسية موجودة في الحضن الإيراني التي تدعوها باريس مجددا لأن تقوم بدور العامل «المسهل» أكان في لبنان أو في سوريا فضلا عن اليمن والأزمات الأخرى.

مشاركة :