تتضاءل هوامش تحرك العراق في تأمين إمدادات الكهرباء بشكل مستدام من المحطات المنتشرة في البلاد بسبب تأخر إقرار موازنة هذا العام التي يفترض أنها رصدت مخصصات القطاع لضمان استمرار نشاطه دون عراقيل. وتحاول السلطات استباق الضغوط الشعبية التي تتعرض لها كل عام قبل ذروة الصيف حيث درجات الحرارة المرتفعة من أجل تجنب الانقطاعات المتكررة على الشبكة حيث يكون الطلب في أعلى مستوياته. وتعد أزمة الكهرباء بالبلد النفطي من الأزمات المزمنة التي تطل في كل صيف بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض ساعات التجهيز من خلال شبكة الكهرباء. وأكدت وزارة الكهرباء في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية أن عدم إمرار قانون الدعم الطارئ سيضع الوزارة أمام خطر قطع إمدادات الغاز. وقالت إنه “في الوقت الذي تحترم فيه وزارة الكهرباء قرارات المحكمة الاتحادية، وهي قرارات ملزمة للجميع وواجبة التنفيذ، إلا أن عدم إمرار قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية سوف يربك عمل وزارة الكهرباء بشكل كبير إذا لم يتم إيجاد بديل لهذا القانون”. وزارة الكهرباء: عمليات الصيانة وإنجاز المحطات وتأهيل الشبكة متوقفة وكانت الوزارة تعوّل على قانون الدعم الطارئ بجزئيات كبيرة لدعم الكهرباء في توفير مستحقات الغاز الواجبة الدفع للجانب الإيراني عن قيمة الغاز المورد لسنة 2020، بسبب عدم إمرار وإقرار قانون الموازنة العامة لعام 2022 لسدادها. وينتج العراق حاليا 16 ألف ميغاواط من الكهرباء أي أقل بكثير من نحو 24 ألف ميغاواط التي يحتاج إليها لتلبية احتياجاته حاليا، وهي احتياجات يتوقّع أن تتعاظم في المستقبل في بلد تتوقع الأمم المتحدة أن يتضاعف عدد سكانه بحلول العام 2050. وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن قطاع الكهرباء العراقي يفقد ما بين 40 و50 في المئة من قدرته بسبب تهالك الشبكة، وهذا هو الفرق بين ما يتم إنتاجه وما يتم تسليمه للمستهلكين. وتحدث هذه الخسارة لأسباب فنية في أغلب الأحيان وعلى سبيل المثال، معدات نقل الكهرباء التالفة أو ضعيفة الأداء أو التي عفا عليها الزمن، وكذلك لأسباب غير فنية مثل السرقة أو تعرضها للتخريب. ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ الغزو الأميركي للبلد في 2003 وحتى الآن من إيجاد حل لها على الرغم من المبالغ الطائلة التي تم صرفها في قطاع الكهرباء. وتحولت مشكلات القطاع إلى أزمة متفاقمة ومستمرة بعد أن أوشكت بغداد في فترة ما على فقدان السيطرة على شبكاتها المحلية لتوفير الخدمات الضرورية لمواطنيها. وعمل القطاع لسنوات وفق الصفقات السرية والاحتكار والمعاملات الخارجة عن القانون في الإنتاج والتوزيع أو عبر دعم السوق الموازية، في ظل تدهور البنية التحتية واتساع البيروقراطية والفساد. ولكن منذ أشهر تنكب السلطات على تأمين أبراج الطاقة وإصلاح ما يمكن من الأبراج التي دمرت بفعل الحرب أو هجمات داعش المكثفة ضد قطاع الكهرباء والغاز في البلاد خاصة في محافظات صلاح الدين وديالى وكركوك، إلى جانب التركيز أكثر على الطاقات البديلة لتنويع مزيج إنتاج الكهرباء. وفي أواخر 2020 كشفت لجنة تحقيقية برلمانية أنه تم إنفاق أكثر من 81 مليار دولار على القطاع في الفترة الفاصلة بين عامي 2005 و2019 دون تحسن يذكر على الخدمات. ورغم أن العراق ثاني منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، لكنه يستورد نحو ثلث حاجته من الغاز والطاقة من جارته إيران، لأن قطاع الطاقة متهالك جراء عقود من النزاعات والفساد والإهمال.
مشاركة :